ناعومي كامبل... أيقونة الموضة البريطانية تنتظر تتويجها في ديسمبر

بعد عقود في عرض الأزياء... تدخل مجال الأعمال الخيرية مطالبة بالتنوع واحتضان الآخر

ناعومي كامبل مع كارولين راش الرئيس التنفيذي لمجلس الموضة البريطاني (تصوير: دارين غيريش)
ناعومي كامبل مع كارولين راش الرئيس التنفيذي لمجلس الموضة البريطاني (تصوير: دارين غيريش)
TT

ناعومي كامبل... أيقونة الموضة البريطانية تنتظر تتويجها في ديسمبر

ناعومي كامبل مع كارولين راش الرئيس التنفيذي لمجلس الموضة البريطاني (تصوير: دارين غيريش)
ناعومي كامبل مع كارولين راش الرئيس التنفيذي لمجلس الموضة البريطاني (تصوير: دارين غيريش)

تشهد العاصمة لندن في الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام الحفل السنوي لتوزيع جوائز الموضة البريطانية (British Fashion Awards 2019) الذي يقام في قاعة رويال ألبرت هول برعاية شركة «سواروفكسي». وقد اختار مجلس الأزياء البريطاني(BFC) العارضة البريطانية ناعومي كامبل (49 عاما) لتنال جائزة أيقونة الموضة، وهي إحدى جوائز التقدير التي تحتفي بالمساهمات البارزة في صناعة الأزياء، وأصدر المجلس بياناً صحافياً بهذا الشأن جاء فيه: «يسرنا أن نعلن عن حصول العارضة ناعومي كامبل على جائزة أيقونة الموضة تثميناً لمساهماتها في صناعة الأزياء ومسيرتها الحافلة وشهرتها العالمية وأعمالها الخيرية وجهودها المذهلة من أجل مستقبل أكثر تنوعا ومساواة في عالم الموضة خاصة في قارة أفريقيا». وعلقت كارولين راش، الرئيس التنفيذي للمجلس قائلة: «لا يمكننا التفكير بشخص آخر أكثر استحقاقا لهذا اللقب من اللندنية ناعومي كامبل التي حققت إنجازات استثنائية في عالم الأزياء ووظفت شُهرتها في تمكين النساء حول العالم».
وسبق أن حصلت العارضة السمراء على كثير من الجوائز منها جائزة «غلامور» في عام 2006، وجائزة تقدير خاصة في جوائز الأزياء البريطانية في عام 2010، كما حصلت على جائزة «أيقونة الموضة» لعام 2018 من مجلس مصممي الأزياء الأميركيين CFDA.
وُلدت ناعومي كامبل في عام 1970 في جنوب لندن لأب من أصل كاريبي يعمل راقصاً، وكان قد هجر أمها وهي حامل في الشهر الرابع. لم تقابله العارضة في حياتها قط؛ لذا فهي لا تحمل اسم والدها الحقيقي وإنما اسم زوج أمها الذي عاشت في رعايته. قضت الطفلة السنوات الثلاث الأولى من حياتها في روما قبل أن تعود بها أمها إلى لندن لتودعها عند أحد الأقارب بسبب انشغالها بصفتها راقصة محترفة تجوب أوروبا مع فرقتها. في سن العاشرة بدأت ناعومي خطواتها الأولى في عالم الباليه وفي سن الثانية عشرة ظهرت في فيديو غنائي يحمل اسم Is this Love للمطرب بوب مارلي ثم اكتشفتها إحدى الوكالات اللندنية المتخصصة بتقديم العارضات، وقبل أن تحتفل بعيد ميلادها السادس عشر كانت قد ظهرت على غلاف مجلة Elle البريطانية وبسرعة حققت قفزات كبيرة في عالم الموضة، حيث كانت أول عارضة سوداء تحتل غلاف مجلة فوغ بنسختها الفرنسية في عام 1988. دعمها المصمم إيف سان لوران بقوة، بعد أن اشتكت له من رفضهم لنشر صورتها على غلاف المجلة بسبب لون بشرتها. ثم ظهرت صورتها على غلاف مجلة فوغ الأميركية في عام 1989 ومجلة فوغ الروسية وأخيرا فوغ البريطانية. ومنذ ذلك الوقت احتلت صورها أغلفة أكثر من 500 مجلة حول العالم وعملت مع أشهر العلامات التجارية.
الآن وبعد مرور أكثر من 33 عاماً في عالم الأزياء والموضة والحملات الإعلانية، لا تزال ناعومي كامبل حاضرة بقوة في المحافل الدولية، ليس بصفتها عارضة أزياء فقط وإنما بصفتها شخصية لها القدرة على توظيف نجاحاتها في مساعدة من يحتاج إلى العون وجمع التبرعات وتنفيذ المشاريع. وكانت قد بدأت أعمالها الخيرية مع الزعيم الراحل نيلسون مانديلا في عام 1993 وكان يطلق عليها لقب (الحفيدة الجديرة بالفخر). وفي عام 2018 ألقت خطاباً مؤثراً في الاحتفالية التي أقيمت في نيويورك بمناسبة مرور مائة عام على ميلاده وفعلت الشيء نفسه في جنازة زوجته السابقة ويني مانديلا، واصفة إياها بـ«المرأة القوية التي تحملت كثيرا من المصاعب». وفي عام 2013 أطلقت حملة «السعي للتنوع» التي تتصدى لأوجه العنصرية المختلفة في عالم صناعة الأزياء، وتعمل على رفع الغبن عن المصممين الأفارقة. كانت من أشد المتحمسين لإقامة أسبوع الموضة في المدينة النيجيرية لاغوس والذي دعمته بكل قوة.
في عام 2005، أطلقت مؤسسة «الموضة من أجل الخير» Fashion for Relief، الخيرية التي تعمل على دمج الأزياء والموضة بالعمل الخيري. وبدأت باكورة أعمالها بجمع التبرعات للمتضررين من الفيضانات التي ضربت المملكة المتحدة في صيف عام 2007. ثم انتقلت إلى دول أخرى من العالم وجمعت مبالغ كبيرة لإغاثة الناس من الكوارث ومنها الزلزال الذي ضرب اليابان وتسونامي وزلزال هايتي، وإعصار كاترينا، وأزمات الأطفال اللاجئين. بدأت تشارك في بعض العروض من أجل هذه الأهداف، مع التركيز على إغاثة الأطفال، مشيرة إلى أنهم المستقبل.
لكن تبقى العنصرية والافتقار إلى التنوع هما الهاجسان الأكبران للعارضة. طالبت مجلة فوغ الأميركية بإصدار نسخة أفريقية أسوة بالنسخة الإيطالية، من أجل الاحتفاء بإسهامات القارة سواء بعارضاتها وعارضيها وخاماتها وأقمشتها وألوانها وإكسسواراتها، وطالبت بمساندة مصمميها والأخذ بيدهم وتقديمهم إلى العالم. كما شاركت في الانتقادات التي وجهت إلى صناعة الأزياء والموضة بأن أغلب العاملين فيها من البيض. وقالت في حديث صحافي: «بدأ العالم يدرك أن لون البشرة لا علاقة له بقدرتك أو بعجزك عن أداء المهمة». وأشارت إلى التغير الإيجابي الذي حدث مؤخرا بعد تعيين رجل أسود مولود في غانا في موقع رئيس تحرير مجلة فوغ البريطانية وهو أول شخص ملون يتولى هذا المنصب في تاريخ المجلة التي يتجاوز عمرها مائة عام. لكنها حذرت أيضا من التعامل مع هذه الأمور كموضة تنتهي كما تنتهي صرعاتها، وتعهدت بأنها وكثيرون غيرها، لن يسمحوا بذلك.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.