محمد المنير... من مسيرة عانى فيها الشقاء والقسوة إلى لوس أنجليس الأميركي

المدافع الليبي بدأ مشواره الاحترافي بعدما ترك الفوضى في وطنه ورأى أصدقاءه يموتون في الشوارع

المنير مع أورلاندو سيتي قبل انتقاله إلى  لوس أنجليس
المنير مع أورلاندو سيتي قبل انتقاله إلى لوس أنجليس
TT

محمد المنير... من مسيرة عانى فيها الشقاء والقسوة إلى لوس أنجليس الأميركي

المنير مع أورلاندو سيتي قبل انتقاله إلى  لوس أنجليس
المنير مع أورلاندو سيتي قبل انتقاله إلى لوس أنجليس

عندما اندلعت الثورة الليبية، كان المدافع الليبي محمد المنير يبلغ من العمر 19 عامًا ويلعب مع نادي الاتحاد الليبي. يقول المنير، الذي يلعب الآن مع نادي لوس أنجليس الأميركي، لصحيفة الغارديان: «لم يتوقع أحد تلك الخطوة، فقد حدث ذلك بسرعة كبيرة. كنا قد انتهينا للتو من النصف الأول من الموسم وكنا نستعد لخوض النصف الثاني، وبدأت المشاكل في الظهور وقالوا: سنوقف الدوري لمدة أسبوع أو 10 أيام حتى نحل هذه المشاكل».
لكن سرعان ما اندلعت حالة من الفوضى في كل شيء. يقول اللاعب البالغ من العمر 27 عاما عن ذلك: «لقد رأيت العديد من أصدقائي يموتون في الشوارع. وإذا اضطررت إلى الخروج من المنزل، فلم أكن أعرف هل سأتمكن من العودة أم لا. لم يكن لدينا كهرباء من الساعة السابعة وحتى الساعة الثانية عشرة أو الواحدة. وبحلول شهر يونيو (حزيران) أو يوليو (تموز)، كان من الصعب للغاية العثور على الطعام».
وفي السنوات التي تلت ذلك، تمكن المنير من أن يبدأ مسيرته الرياضية بالخارج بينما كان يسعى لدعم والديه وشقيقيه في ليبيا، التي غادرها في عام 2011. ويعد نادي لوس أنجليس الأميركي المحطة الأخيرة في الرحلة التي انتقل خلالها المنير من طرابلس إلى صربيا، ثم روسيا البيضاء، وأخيرا إلى فلوريدا. وخلال هذه الرحلة، واجه المنير العديد من الصعوبات والشعور بالوحدة والمعاناة من الفقر والقلق المستمر بشأن أسرته. وحتى في الوقت الذي يعيش فيه مع زوجته وابنيه الصغيرين وفي ظل الاستقرار المالي الذي يوفره له اللعب في الدوري الأميركي الممتاز لكرة القدم، ما زال المنير يشعر بالقلق.
يقول المنير لصحيفة الغارديان: «الوضع صعب للغاية، بكل صراحة. إنني أعيش أياما جيدة، وأخرى سيئة. هناك فرق زمني لمدة تسع ساعات بين كاليفورنيا وليبيا، وبالتالي فإن الوقت الوحيد الذي يمكنني خلاله التواصل مع عائلتي، إذا كانت هناك شبكة جيدة للاتصالات من الأساس، هي الساعة التي تسبق ذهابي إلى التدريبات، وهي الساعة السابعة أو الثامنة هنا». ويضيف: «إذا تواصلت معهم وأخبروني بأنهم في حالة جيدة، فإنني أشعر بتحسن كبير في حالتي المزاجية لأنني أعلم أنهم آمنون. لكن إذا لم أتمكن من الاتصال بهم، فستكون هذه مشكلة. إنني أحاول أن أكون في كامل تركيزي، لكنهم لا يزالون يشغلون حيزا كبيرا من تفكيري».
وقد أثر الاضطراب المدني المستمر على كرة القدم في ليبيا أيضًا، إذ أن المنتخب الوطني الليبي، الذي مثله المنير في 19 مباراة، لم يلعب أو يتدرب على أرضه منذ عام 2013، وكان يلعب مبارياته في التصفيات المؤهلة لكأس العالم وكأس الأمم الأفريقية في مصر أو تونس، وينطبق نفس الأمر أيضا على مباريات الأندية الليبية في دوري أبطال أفريقيا. ولم يكتمل الدوري الليبي الممتاز سوى مرتين فقط منذ الثورة، حيث تم إيقاف الدوري الليبي الممتاز في فبراير (شباط) 2011. عندما بدأ العنف، ولم تستأنف المسابقة حتى سبتمبر (أيلول) 2013. وألغي الدوري في موسم 2014-2015. قبل أن يُلعب لمدة خمسة أشهر في عام 2016. وألغي في موسم 2016-2017. ثم استكمل في موسم 2017-2018. أما الموسم الحالي، الذي بدأ في نوفمبر (تشرين الثاني)، فقد تم إيقافه في مايو (أيار).
يقول المنير: «لا يمكن للناس أن يخرجوا من منازلهم، لذا لا يوجد تدريب ولا توجد مباريات، ولا يوجد أي شيء. لدينا لاعبون جيدون، لكن بسبب المشكلات التي نواجهها فإنهم يلعبون مباراة واحدة كل شهرين أو ثلاثة أشهر، ثم يلعبون مباراتين أو ثلاث مباريات ثم تتوقف المسابقة مرة أخرى لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، وبالتالي فليس لديهم حساسية المباريات، وليس هناك أي انضباط».
وبعد الثورة، رتب المدير الفني السابق للمنتخب الليبي تحت 20 عاما، برانكو سميليانيتش، لانتقال المنير إلى نادي بارتيزان بلغراد الصربي في الموسم التالي. ورحل سميليانيتش والمنير عن ليبيا في أغسطس (آب) 2011، لكن الميليشيات المتحالفة مع تنظيم داعش استولت على الطريق السريع الرئيسي على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط. وبالتالي، اضطرا إلى القيادة سبع ساعات عبر جبال نفوسة للوصول إلى تونس.
وعندما وصلا إلى صربيا، تراجع نادي بارتيزان عن الاتفاق، لذلك انضم المنير إلى نادي إف كيه جاغودينا، لكنه لم يشارك في أي مباراة لمدة ستة أشهر، ولم يلعب لمدة ثمانية أشهر أخرى أثناء محاولته استعادة لياقته البدنية. ونظرًا لأنه لم يلعب مطلقًا، لم يكن يحصل على أي مقابل مادي. يقول المنير: «كنت أفكر طوال تلك الأشهر الستة في العودة إلى وطني، فأنا أعيش بمفردي ولا أفعل أي شيء، وليس لدي المال اللازم لشراء الماء أو الخبز».
ويضيف: «لكن إذا قررت العودة إلى ليبيا، فما الذي سأفعله هناك؟ فليس هناك كليات وليس هناك كرة قدم، ولا أي شيء. هل سأعود لأعمل مثل أفراد الميليشيا حتى أساعد عائلتي على البقاء؟ أم سأكون مثل الأشخاص الذين يكون لديهم طعام في يوم وليس لديهم أي طعام في اليوم التالي؟ لذلك، كان يتعين علي أن أنتظر حتى أحصل على فرصة».
وحصل المنير على هذه الفرصة عندما شارك في التشكيلة الأساسية لنادي جاغودينا كظهير أيسر في موسم 2012-2013. وقدم مع الفريق مستويات جيدة لفتت أنظار مسؤولي نادي الاتحاد، الذين حاولوا ضمه من جديد. يقول المنير: «لقد كان المقابل المادي جيدًا وكبيرا جدا. ورأيت أن هذه فرصة لتغيير حياة عائلتي».
انضم المنير إلى الاتحاد في يناير (كانون الثاني) 2014. لكن في مايو (أيار)، بدأت الفصائل السياسية الحرب الأهلية التي لا تزال مستمرة حتى الآن. وفي يوليو (تموز) الماضي، اندلعت المعركة لمدة ستة أسابيع في مطار طرابلس. يقول المنير عن ذلك: «كانت أسرتي تعيش على بُعد 10 دقائق من المطار. وفي صباح أحد الأيام، اضطررنا إلى مغادرة منزلنا، فقد كنا نسمع القصف وإطلاق النار، وكان البقاء غير آمن، لذا كان يتعين علينا الرحيل. لم يكن بإمكاني العودة لأحصل على متعلقاتي من المنزل لأنني تلقيت مكالمة هاتفية تقول إن الكثير من الناس كانوا يقتحمون المنازل ويسرقونها. كان علي الانتظار لمدة أسبوع». وعندما عاد المنير، وجد منزله مسروقا، ويقول عن ذلك: «لقد سرقوا كل شيء، وكان المنزل في حالة من الفوضى. وعندما عدت مع عائلتي، قررت أن أرحل».
ورحل المنير عن الاتحاد بعد ثمانية أشهر من عدم الحصول على راتبه. وعاد إلى جاغودينا في صفقة انتقال حر، وانتقل في عام 2015 إلى دينامو مينسك في بيلاروسيا، ثم انضم إلى بارتيزان بلغراد في عام 2017، قبل أن ينتقل إلى أورلاندو سيتي في الدوري الأميركي الممتاز في عام 2018. وبعد أن أمضى الموسم الماضي يلعب في مركز الظهير الأيسر مع أورلاندو سيتي، انتقل إلى نادي لوس أنجليس غالاكسي في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
يقول المنير: «لقد سألت العام الماضي عما إذا كان بإمكاني إحضار عائلتي إلى هنا معي، لكن ذلك لم يكن ممكنا لأسباب سياسية. أحمد الله أنني ما زلت أجد طريقة لمساعدتهم، وآمل أن يتغير الموقف لأنني لا أعرف إلى متى سأستمر في القيام بذلك».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».