مسيرٌ تراثي وفني يجوب شوارع غزة إحياءً لـ«يوم الزّي الفلسطيني»

المشاركون أكّدوا تمسكهم بالتراث والهوية الوطنية

شاب يرقص رقصات شعبية تراثية على أنغام الزجل (الشرق الأوسط)
شاب يرقص رقصات شعبية تراثية على أنغام الزجل (الشرق الأوسط)
TT

مسيرٌ تراثي وفني يجوب شوارع غزة إحياءً لـ«يوم الزّي الفلسطيني»

شاب يرقص رقصات شعبية تراثية على أنغام الزجل (الشرق الأوسط)
شاب يرقص رقصات شعبية تراثية على أنغام الزجل (الشرق الأوسط)

أثوابٌ زاهية بألوانها، تتوسطها تفاصيل التطريز الفلاحي. أمثالٌ شعبية ومواويل غنائية متبوعة بزغاريدٍ وآهات فلسطينية أطلقتها حناجر الفتيات والنساء. فرقُ دبكة شعبية حوّلت الشارع لميدانِ حياة وفرح. رجالٌ يصدحون بالزجل والعتابا وزفة عروسٍ وعريس تراقبها عيون الناس على جانبي الطريق. هكذا بدا المشهد في المسير التراثي الذي جاب فيه العشرات شوارع مدينة غزة أمس.
المسير الذي تُنفذ فكرته بذكرى «يوم الزي الفلسطيني»، عُقد هذا العام لأول مرّة في شوارع قطاع غزة، بعد أن كان تنفيذه مقتصرا خلال السنوات الماضية على مدن الضفة الغربية ومخيمات الشتات، وقامت عليه شابتان مبادرتان هما يافا الكفارنة وريما محمود.
خلال الأيام الماضية عملت الشابتان بشكلٍ مكثف، واستطاعتا توحيد مجموعة مؤسسات رسمية وأهلية وحشدتا الجمهور باستخدام منصات التواصل الاجتماعي لأجل إنجاح فكرتهما، وحددتا وقت صباح الثلاثاء للنزول للشارع من أجل تعريف الناس بالزي الفلسطيني ولإبقاء التاريخ الحقيقي حاضرا في أذهانهم.
تقول محمود لـ«الشرق الأوسط»: «أردنا في هذا العام أن ننقل تجربة المسير لقطاع غزة لأنّه جزء أصيل وأساسي من الحالة الفلسطينية وتقع عليه مسؤولية الحفاظ على التراث كما كلّ المناطق»، موضحة أنّ علمها برفقة صديقتها جاء لتعميم فكرة ارتداء الثوب وتعزيز حضوره في كلّ المناسبات المحلية والعالمية بوصفه واحدا من أدوات النضال الوطنية في وجه الرواية الإسرائيلية.
الحضور المميز اليوم للنساء والرجال على حدٍ سواء وتفاعلهم مع الفكرة هما دليل على مدى وعي الناس بأهمية تراثهم وضرورة الحفاظ عليه، وفقا لما أشارت له الشابّة، مضيفة أنّ الفعاليات الخاصة بإحياء المناسبة انطلقت يوم الخميس الماضي من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وجابت عددا من المدن داخل فلسطين وخارجها تحت شعار «البس زيّك مين زيّك».
«زرعنا الميرمية ع باب الدار، فلسطين بتنادي على الثوار» كلماتٌ من أغنية تراثية قديمة كانت ترددها الطفلة جومانة مطر برفقة المشاركين بصوتها الطفولي الدافئ. تتأمل قليلا بعيون المارة في الشوارع التي كان باديا عليها الاندهاش من هذا المشهد غير المألوف. تعود وتردد مطلع أغنية «على دلعونا» الشهيرة وتكمل طريقها. وانطلقت فكرة «يوم الزي الفلسطيني» بمبادرة عفوية قبل خمس سنوات، حين اعترض مجموعة من الشباب على ارتداء عارضة أزياء إسرائيلية الثياب الفلسطيني مدعية أنّه جزء من تراث دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ فقرروا تحويل ذلك اليوم لمهرجانٍ يطوف المدن ومخيمات اللجوء ومقار الجاليات الفلسطينية للتأكّيد على أصل وهوية ذلك الزي.
«الاحتفال بالزي في الشوارع والأماكن العامّة هو أبلغ رسالة للرّد على محاولات الاحتلال المتكررة الهادفة لسرقة التراث الفلسطيني»، تقول الفتاة المشاركة بالمسير هبة الفقعاوي (16 سنة) في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»، إنّ هذا اليوم يذكرها بالأجداد ولباسهم وعادتهم وتقاليدهم وحياتهم قبل النكبة، إضافة لكونه يرسخ وجودها ويظهر أصلها العربي الفلسطيني المتجذر في هذه الأرض.
أمّا الزّجال خليل نصير (45 سنة) الذي لفت انتباه الناس بلبسه للقمباز التراثي، وبأدائه واستعراضه لزفة العريس الذي شاركه في تقليد طقوسها عدد من الشباب، فيذكر لـ«الشرق الأوسط» أنّه اختار الحفاظ على إرث آبائه وأجداده منذ نحو عشرين عاما وأسّس فرقة للزفة الفلسطينية؛ لإحياء الأفراح والمناسبات السعيدة، موضحا أنّ تفاصيل الزفة تختلف حسب المكان والزمان، فحمام العريس له طقوس تختلف عن حفلة الحناء، وكذلك لا تتشابه مع زفة الشارع. وعلى منصات التواصل الاجتماعي نشر مئات الأشخاص صورا لهم تُظهرهم يرتدون الزي الفلسطيني بالتزامن مع الفعاليات التي عُقدت على الأرض، ومن بين أولئك كانت الشابّة آلاء حامد التي بيّنت لـ«الشرق الأوسط» أنّها تعلّقت بالثوب الفلاحي منذ الصغر، بعد أن أهدتها جدتها «الماهرة» بخياطة الأزياء التراثية في ذكرى النكبة الفلسطينية ثوبا طرزته لها بيدها، وحاكت في وسطه خريطة قرية «بربرة» المحتلة.
يُشار إلى أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتمد في عام 2018، الخامس والعشرين من يوليو (تموز) يوما للزي الفلسطيني، يُحيي ذكراه المواطنون بفعالياتٍ ممتدة على مدار أيام متعددة، من خلال نزولهم للشارع مرتدين الأثواب الفلسطينية رافعين الأعلام واللافتات الداعية إلى صون هذا الإرث التاريخي وحمايته من الاندثار، كما تنظم المعارض التراثية والمهرجانات التي تشارك فيها فرق الفلكلور الشعبي.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».