عشر سنوات، هي عمر حركة «بوكو حرام» النيجيرية، التي تعد أكثر الحركات الإرهابية عنفاً في أفريقيا، وفقاً لإحصائيات دولية. وتصاعد نشاط «بوكو حرام» عقب مبايعتها تنظيم «داعش» قبل أربعة أعوام؛ حيث اتخذت الحركة من «داعش» وحشيته، لذلك حازت لقب «الجماعة الأكثر دموية في العالم»، بعدما تفوقت على «داعش» أيضاً في العنف، والمجازر التي ارتكبتها والتي لا تتوقف حتى الآن، إذ قتلت «بوكو حرام» ما يقرب من 30 ألف شخص، وشرّدت أكثر من مليونَي شخص، وفقاً لمصادر الأمن النيجيرية.
وتعد الحركة من أكثر التنظيمات الإرهابية التي تستخدم الهجمات الانتحارية في عملياتها، خصوصاً في ظل اعتمادها على النساء والأطفال في تنفيذ تلك الهجمات. وقال خبراء مصريون، إن «الحركة في بداية نشأتها اتّبعت تنظيم (القاعدة)، وخلال السنوات العشر السابقة استطاعت أن تؤسس علاقات قوية مع التنظيمات الإرهابية النشطة في دول الجوار، وبعد أن بايعت (داعش) أصبحت أكثر عنفاً». وأكد الخبراء لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عندما تم تضييق الخناق على (داعش) في سوريا والعراق أخيراً، كثّفت الحركة من نشاطها وانتشارها في القارة السمراء، وهذا يفسر نشاطها الملحوظ عقب هزائم (داعش) الأخيرة وفرار عناصره».
ويشار إلى أنه في بداية عام 2009 أعلن محمد يوسف، زعيم الحركة الأسبق، الحرب على الحكومة النيجيرية من خلال ما سماها «الرسالة المفتوحة»، والتي هدد فيها عدداً كبيراً من القيادات السياسية في نيجيريا بالقتل... وفي يوم 30 يوليو (تموز) من نفس العام، ألقت الشرطة النيجيرية القبض على يوسف، وهو يلقي خطبة في مسجد «ابن تيمية»، وخلال القبض عليه قاوم رجال الشرطة، وأسفر ذلك عن مقتله.
وقال مراقبون إنه «عقب مقتله، تولى قيادة الحركة أبو بكر شيكاو، صاحب استراتيجية خطف الفتيات من المدارس، بزعم أن الفتيات خُلقن للزواج لا للتعلم، وصاحب أيضاً استراتيجيات العمليات الانتحارية، التي انتشرت بعد توليه زعامة الحركة».
لكن تأسيس حركة «بوكو حرام» يعود إلى عام 1995، وهو العام ذاته الذي أنشأ فيه أبو بكر لاوان جماعة تُعرف بـ«أهل السنة والهجرة»، أو جماعة الشباب «منظمة الشباب المسلم» في منطقة مادوجيري بولاية بورنو (تقع في شمال شرقي نيجيريا)، وانضم إليها وشكّلها في الأصل مجموعة من الطلاب النيجيريين المتسربين من المدارس.
عُرفت «بوكو حرام» في بدايتها كحركة دعوية، إلى أن تولى محمد يوسف قيادتها، وخلال السنوات الأولى من تولي يوسف القيادة، شهدت الحركة تغيير اسمها أكثر من مرة مثل «حركة طالبان النيجيرية»، و«المهاجرون»، و«اليوسفية»، و«جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد»، حتى استقرت على اسم «بوكو حرام»، الذي يعني «التعليم الغربي حرام» بلغة الهوسا.
وتشير الإحصائيات إلى أن أول عملية مسلحة للحركة كانت عام 2003، وذلك بعد أن انتشرت الحركة في ولايات شمال شرقي وغرب نيجيريا، واستمر الأمر حتى مارس (آذار) 2015، عندما بايع شيكاو، أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم «داعش»، وذلك حدث في بيان صوتي بُثّ عبر حساب الحركة على موقع «تويتر» بلسان شيكاو.
لكن الانقسام ضرب الحركة بسبب قرار «داعش» تغيير زعيمها أبو بكر شيكاو، وتنصيب أبو مصعب البرناوي خلفاً له... وهو الأمر الذي كان بداية لسلسلة من الاضطرابات التي هزت أركان الحركة بقوة، فوجد الانقسام طريقه بين صفوف الحركة بين مؤيدين لشيكاو، ومؤيدين للبرناوي، ولم تتوقف موجة الانقسامات التي ضربت الحركة عند حد الحرب الكلامية، بأن وجه كل منهما اتهامات إلى الآخر، بالخروج عن مبادئ الحركة، وعدم صلاحيته للقيادة.
وراهن «داعش» بعد هزائمه المتتالية من قِبل قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا وهروب مقاتليه، على ذراعه «بوكو حرام» للتوسع في أفريقيا، حسب مراقبين.
و«بوكو حرام» هي الحركة الأكثر دموية في 2014 والمسؤولة عن قتل 6644 شخصاً، ونفّذت الحركة خلال عام 2015 ما يقرب من 500 هجوم... وكان أول هجوم لـ«بوكو حرام» خارج نيجيريا على المناطق الحدودية لتشاد والكاميرون، وقُتل فيه 520 شخصاً ضمن 46 هجوماً، ثم تضاعفت العمليات ضد البلدان المجاورة.
وقال الدكتور إبراهيم نجم، مدير مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء في مصر، إن «العمليات الانتحارية انتقلت إلى أفريقيا على يد (بوكو حرام)، بعد أن بايعت (داعش) واستلهمت أساليبه وخططه في الهجمات الإرهابية التي تشنها، حتى أصبحت أكثر الجماعات الإرهابية استخداماً للهجمات الانتحارية في العالم».
ويرى محللون أنه «عندما بايعت (بوكو حرام) تنظيم (داعش) أدى ذلك إلى زيادة قدراتها القتالية أكثر من ذي قبل، والفكرة الرئيسية التي تؤمن بها الحركة وأيضاً (داعش)، هي فكرة (الدولة)».
وقالت مصادر مطلعة في مصر، إن «معظم هجمات (بوكو حرام) تستهدف أماكن مكتظة بالسكان كالأسواق وغيرها، إضافة إلى ذلك أنهم يستهدفون المساجد، خصوصاً في صلاتي الجمعة والفجر، ما يتسبب في وقوع العديد من الضحايا، وأسلوب عملياتها يميل إلى استخدام القنابل والعبوات الناسفة والأحزمة الناسفة، ما يزيد من أعداد القتلى والجرحى».
ويُعتقد على نطاق واسع أن عدد الأولاد والرجال الذين اختطفتهم «بوكو حرام»، وتم تجنيدهم بالقوة خلال السنوات العشر الماضية، أكثر بكثير من الذي تشير إليه الإحصائيات.
وأعلنت منظمة العفو الدولية الحقوقية في فبراير (شباط) الماضي، أن «بوكو حرام» قتلت 60 شخصاً على الأقل في هجوم وصفته المنظمة «بأنه أكثر الهجمات الدموية التي تنفذها الحركة منذ 10 سنوات».
في ذات السياق، قال المراقبون إن «(بوكو حرام) نجحت في إقامة شبكة علاقات قوية مع التنظيمات القاعدية بشمال أفريقيا، خصوصاً مع تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب) من خلال إرسال الحركة عدداً من مقاتليها للمشاركة في القتال في شمال مالي، إلى جانب تنظيم (القاعدة)، الذي ساعد الحركة في الحصول على التمويل والسلاح والتدريب لعناصرها».
ويشير بعض المؤشرات في هذا الصدد إلى أن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» مد الجماعة بكميات من الأسلحة نُقلت إليه من ليبيا، عبر دول الجوار خصوصاً النيجر وتشاد.
من جهته، أكد خالد الزعفراني، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، أن «بوكو حرام» باتت تعتمد الآن بشكل كبير على الأطفال صغار السن للقيام بعمليات انتحارية، حيث تستغل الوجه البريء للطفل للنفاذ إلى الأهداف بسهولة، حيث لا يحتاج الطفل إلى التدريب، وهو كفيل بتنفيذ عملية لا يعرف مداها ولا خطورتها وبالتالي لا مجال للفشل، مضيفاً أنه «عندما تم تضييق الخناق على (داعش) في سوريا والعراق أخيراً، كثفت الحركة من نشاطها وانتشارها، وهذا يفسر نشاطها الملحوظ عقب هزائم (داعش)، لتأكيد أنها الحركة الأكثر قوة ودموية في العالم».
10 سنوات على «بوكو حرام»... مجازر وخراب لا يتوقف
تفوقت على «داعش» في العنف وتُصنف بأنها «الحركة الأكثر دموية في العالم»
10 سنوات على «بوكو حرام»... مجازر وخراب لا يتوقف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة