مقتل 5 متظاهرين وجرح عشرات برصاص القوات النظامية غرب السودان

{قوى الحرية} تحمّل «العسكري» المسؤولية وتدعو إلى احتجاجات عارمة

خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل 5 متظاهرين وجرح عشرات برصاص القوات النظامية غرب السودان

خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
خلال الاحتجاجات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

قتل وأصيب العشرات من طلاب المدارس بالرصاص الحي في أحداث دامية شهدتها مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان غرب السودان. وفرضت السلطات حظر التجوال بمدن الولاية وعلقت الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي حتى إشعار آخر، في وقت حمّلت قوى الحرية والتغيير المجلس العسكري مسؤولية مقتل المتظاهرين في الأبيض.
إلى ذلك، قال نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تصريحات صحافية بمطار الخرطوم عقب عودته من القاهرة أمس، إنه وضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في صورة الأوضاع بالبلاد والمفاوضات بين «العسكري» وقوى إعلان الحرية والتغيير والحركات المسلحة.
وأكد «حميدتي» الاتفاق مع السيسي حول مصالح شعبي البلدين، وتنفيذ كل التزاماته تجاه السودان في الاتفاقيات الموقعة بينهما والمشروعات المشتركة. ووصف «حميدتي» زيارته للقاهرة التي استغرقت ساعات بالناجحة، وقال إنها جاءت في إطار التعاون المشترك والتشاور المستمر بين البلدين.
في غضون ذلك، دعت الوساطة الأفريقية، المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير إلى العودة اليوم إلى طاولة المفاوضات لمناقشة الإعلان الدستوري.
واتهمت قوى إعلان الحرية والتغيير، أفراداً يتبعون للجيش والدعم السريع بإطلاق الرصاص بكثافة على مظاهرات سلمية لطلاب المدارس الثانوية في مدينة الأبيض؛ ما أدى إلى سقوط خمسة شهداء وإصابة العشرات إصابات حرجة.
وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان، إن قيادة المجلس العسكري الانتقالي، تتحمل مسؤولية ازهاق الأرواح التي حصدت خلال وأثناء استمرار العملية السياسية لنقل السلطات إلى الحكومة المدنية، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم ومحاكمتهم محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل ومؤهل.
ودعت قوى التغيير الجماهير للخروج إلى الشوارع في الخرطوم والأقاليم، وتسيير المواكب والمطالبة بنقل السلطة إلى المدنيين فوراً، وإنهاء المظاهر المسلحة من كل المدن والقرى والبلدات، وضمان حماية المواكب والمظاهرات كحق مدني أصيل، والكف عن التستر على المجرمين ومرتكبي الجرائم بحق الشعب.
من جانبه، قال تجمع المهنيين السودانيين، في بيان بشأن الأحداث التي جرت في الأبيض: «ضقنا ذرعاً بالتفاوض»، وطالب بقبول الإعلان الدستوري المعدل من قوى إعلان الحرية والتغيير من دون شروط وقيود أو تأنٍ. وأشار إلى أن «المواكب ستعود إلى سيرتها الأولى وستغير وجهتها وشعاراتها؛ فأرواح شهدائنا عزيزة».
وعاشت الأبيض ساعات عصيبة من الاحتقان والتوتر الشديدين، واحتشد الآلاف من المواطنين الغاضبين عقب الأحداث أمام المستشفيات؛ مما أدى إلى سحب القوات النظامية المتمركزة بالمدينة إلى ثكناتها؛ تحسباً لتجدد المواجهات والصدام.
وكان آلاف من طلاب المدارس الثانوية خرجوا في مظاهرات سلمية احتجاجاً على الأزمات الخانقة التي تشهدها المدينة نتيجة انعدام الخبز والمواصلات والانقطاع الكهرباء. وقال شهود لـ«الشرق الأوسط»، إن الطلاب خرجوا من معظم مدارس المدينة في موكب احتجاجي وصفه بالضخم إلى وسط السوق الكبيرة، حيث وقعت الأحداث، وكانوا يرددون هتافات مطلبية: «لا تعليم في وضع إليم». وأضاف الشهود أن قوات الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق الجموع المحتشدة بالآلاف وسط المدنية.
وانتقلت الاحتجاجات إلى الخرطوم وخرج الآلاف في مظاهرات حاشدة في وسط العاصمة وأحياء بحري والصحافة وبري وأمدرمان؛ تنديداً بما أسموه المجزرة في الأبيض، وتلبية لدعوة تجمع المهنيين السودانيين الذي أصدر بياناً عقب الأحداث مباشرة للخروج في مواكب تضامناً مع الطلاب القتلى.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان، إن خمسة قُتلوا بإصابات مباشرة برصاص قناصة، وأصيب العشرات بعد خروجهم في موكب الثانويات السلمي. وأضافت أن عدداً من المصابين حالتهم حرجة جراء إصابات خطيرة وخضعوا لعمليات جراحية، مشيرة إلى أن الإصابات استهدفت البطن والصدر والوجه، بالإضافة إلى إصابات في الأيدي والأرجل بالهراوات والعصى.
وأبلغ مصدر طبي في الأبيض «الشرق الأوسط»، بأن أعداد المصابين كبيرة، وتم توزيعهم على أربعة مستشفيات، وأن ثمانية من المصابين بالرصاص الحي أجريت لهم عمليات جراحية، وجرى نقل حالتين إلى الخرطوم.
وأصدر والي ولاية شمال كردفان، اللواء ركن الصادق الطيب، قرارات بحظر التجوال من الساعة التاسعة مساءً، وحتى السادسة صباحاً، كما جرى تعليق الدارسة حفاظاً على أرواح الطلاب والمواطنين.
وفي خطوة لتسريع وتيرة المفاوضات؛ دعا المبعوث الأفريقي محمد الحسن لابات، وفدي التفاوض من المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير إلى الاجتماع اليوم للبت النهائي في المرسوم الدستوري والقضايا الأخرى.
وقال في بيان، إن التقيد بدقة المواعيد يفرضه استعجال البت في القضايا المدرجة في جدول الأعمال تلبية لتطلعات الشعب السوداني.
وأكد عضو الوفد المفاوض بقوى إعلان الحرية والتغيير، إبراهيم الأمين، لـ«الشرق الأوسط» استئناف المفاوضات مع المجلس العسكري اليوم لمناقشة الوثيقة الدستورية، مضيفاً أن اللجنة الفنية المشتركة بين الجانبين فرغت من أعمالها.



سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

بينما خصصت الأمم المتحدة، حديثاً، نحو 5.4 مليون دولار لمعالجة سوء التغذية في 5 محافظات يمنية تقع مُعظمها تحت سيطرة الحوثيين، كشفت مصادر صحية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في عدة مناطق واقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاع الصحي سجل بغضون شهرين آلاف الإصابات الجديدة بسوء التغذية الحاد والوخيم في نحو 7 محافظات، أغلبها تحت السيطرة الحوثية، وهي محافظات صنعاء والحديدة وحجة وإب وريمة وعمران وتعز.

ملايين الأطفال في اليمن يعانون سوء التغذية والحرمان من اللقاحات (رويترز)

وعبَّرت المصادر ذاتها عن قلقها إزاء الارتفاع المستمر في معدلات سوء التغذية بين الأمهات والأطفال، مرجعةً ذلك إلى استمرار التدهور الاقتصادي والمعيشي الحادّ الذي تكابده مئات الآلاف من الأسر التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء، وانعداماً لأغلب الخدمات، بما فيها الصحية، وتوقف الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

جاء هذا متزامناً مع تأكيد مشروع كويتي إغاثي أن ما يزيد على 8 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضع، في نحو 13 محافظة يمنية، تم تسجيلهم مع بداية العام الحالي على أنهم مصابون بسوء التغذية وبحاجة إلى تدخلات غذائية وعلاجية عاجلة منقذة للحياة، والإشارة إلى أن هناك نحو 99 في المائة من الأسر اليمنية لا تتحمل تكلفة علاج أطفالهم من سوء التغذية.

عجز عن العلاج

يتحدث عصام محمد، أحد السكان في ريف صنعاء، عن إصابة اثنين من أولاده: مرام (8 أشهر)، وإياد (3 سنوات) بسوء التغذية الحاد، حيث يعجز حتى اللحظة عن تقديم العلاج لهما.

وقال عصام، وهو عامل بالأجر اليومي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ابنته (مرام) تعاني من سوء التغذية منذ ولادتها، كما كانت تعاني زوجته أيضاً من المشكلة ذاتها أثناء فترة الحمل، إلى جانب مواجهتها صعوبة كبيرة أثناء الولادة، وذلك يعود (وفق قوله) إلى نقص حاد في الغذاء حُرِمت منه زوجته وأطفالها بالفترات السابقة، بسبب عدم تحصله على عمل يؤمِّن لهم لقمة العيش.

يمنية تحمل طفلة تعاني سوء تغذية تنتظر الحصول على مساعدات غذائية في صنعاء (إ.ب.أ)

وأكد عصام أنه وعائلته المكونة من 6 أفراد لا يزالون منذ عدة أشهر يتناولون وجبات طعام خفيفة ومتواضعة، منها «الخبز والشاي» أو «الخبز والزبادي» بعيداً عن تناول أي نوع من اللحوم، مُرجِعاً سبب هذا التدهور الغذائي الذي أصاب أفراد عائلته إلى عجزه عن إيجاد فرصة عمل لتأمين الغذاء الكافي لهم.

ويُعدّ سوء التغذية في اليمن من ضمن الأسباب الأولى المؤدية إلى وفاة الأمهات، والأطفال دون سن الخامسة، كما أن هذه المشكلة الصحية قد استفحلت كثيراً بسبب استمرار تدهور النظام الصحي وتوقف المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.

ويفيد أحد العاملين الإغاثيين في صنعاء بأن عدداً كبيراً من الأطفال والنساء بمختلف المناطق تحت سيطرة الانقلابيين لا يزالون جراء الحرب المستمرة والممارسات الجائرة للجماعة محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، والخدمات العلاجية، الأمر الذي ساعد بدرجة كبيرة في ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم بين أوساطهم.

ويحذر العامل الإغاثي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن حياة الآلاف من الأطفال والنساء في اليمن باتت على المحك، لافتاً إلى أن الأغلبية منهم يعانون من مخاطر الإصابة بسوء التغذية، وهم بحاجة إلى تدخلات طارئة من قبيل ضمان الوصول إليهم وغيرهم، وتوفير الخدمات العلاجية ومختلف المساعدات، بما فيها الغذائية، لهم.

النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

ودفعت النساء والأطفال (وهم الأكثر ضعفاً) في اليمن طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء شدة الفاقة والحرمان المستمر من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية، مع تعرض كثير منهم للإصابة بأوبئة وأمراض مختلفة، وتعرضهم بصورة يومية لسلسلة انتهاكات وتعسفات حوثية.

انعدام الغذاء

أدى التدهور المستمر للأمن الغذائي لملايين اليمنيين إلى إعلان الأمم المتحدة عن تخصيص أكثر من خمسة ملايين دولار، لمعالجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المديريات والمناطق الأكثر تضرراً في اليمن.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) إنه تم إطلاق التخصيص الاحتياطي الأول للصندوق الإنساني لليمن بمبلغ 5.4 مليون دولار بهدف معالجة الارتفاع المتوقع في سوء التغذية نتيجة توقف توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الضعيفة في 5 محافظات.

أسعار المواد الغذائية أصبحت باهظة الثمن بالنسبة للأسر الضعيفة في اليمن (الأمم المتحدة)

ويستهدف التخصيص توفير المساعدات الغذائية العاجلة والمنقذة للحياة لما مجموعه 267 ألف شخص في 34 مديرية تابعة لمحافظات الحديدة وحجة وريمة والضالع وتعز، حيث تُعدّ من المناطق ذات الأولوية التي تُظهِر أعلى تقارب في الاحتياجات بناءً على المؤشرات متعددة القطاعات.

وسيدعم هذا التخصيص توزيع إمدادات التغذية بقيمة 20 مليون دولار، المتوفرة بالفعل لدى «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» و«برنامج الغذاء العالمي»، كما يأتي مكملاً لمنحة الاستجابة السريعة للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ البالغة 7 ملايين دولار، التي تم إطلاقها في مارس (آذار) الماضي، لكي يبدأ البرنامج عملية توزيع المساعدات الغذائية العامة، قبل موسم العجاف.

وطبقاً لبيانات المكتب الأممي، تُعد محافظة حجة اليمنية في مقدمة المحافظات المستهدفة حيث خصص لها 2.1 مليون دولار، تليها الحديدة بمليونَي دولار، ثم الضالع (503.2 ألف دولار)، وريمة (452.8 ألف دولار)، وتعز (374.3 ألف دولار). أما بالنسبة للمستفيدين فإن غالبيتهم من الأطفال وبعدد 129 ألف طفل من الجنسين، تليهم النساء بـ103.7 ألف، ثم الرجال 34.2 ألف.