«مهرجانات عاليه للإنسانية» يحييها ملحم زين

تستعيد من خلاله عروس المصايف بريقها التاريخي

«قطار عاليه» المخصص لنقل الزوار في مدينة عاليه ضمن جولة سياحية فيها
«قطار عاليه» المخصص لنقل الزوار في مدينة عاليه ضمن جولة سياحية فيها
TT

«مهرجانات عاليه للإنسانية» يحييها ملحم زين

«قطار عاليه» المخصص لنقل الزوار في مدينة عاليه ضمن جولة سياحية فيها
«قطار عاليه» المخصص لنقل الزوار في مدينة عاليه ضمن جولة سياحية فيها

تنطلق، اليوم الثلاثاء، «مهرجانات عاليه للإنسانية» التي تنظمها مدينة عاليه في نسختها الأولى. ويحيي هذا المهرجان الذي يستضيفه وسط المدينة الملقبة «عروس المصايف» الفنان اللبناني ملحم زين، ويعود ريع الحفل لمركز الدفاع المدني فيها. وعن أسباب هذه المبادرة وحيثياتها، يقول نبيل غريّب، أحد أعضاء مجلس بلدية عاليه والمسؤول عن الشؤون السياحية فيها: «أردناها مبادرة لمساعدة رجال الدفاع المدني الذين يبذلون الجهد الكبير دائما للقيام بخدماتهم على أكمل وجه في مديتنا على الرّغم من نقص المعدات والتجهيزات لديهم». ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «وشاءت الصدف أن يكون والد المطرب ملحم زين رجل دفاع مدني سابقاً في منطقته في بعلبك؛ مما جعل المناسبة تحمل معاني كثيرة أيضاً في طياتها بالنسبة لمطرب الحفل».
ومن المنتظر أن يحضر حفل افتتاح هذا المهرجان نحو 5000 شخص بعد أن حجزوا أماكنهم مسبقاً للمساهمة في هذه المبادرة.
وعلى أرض تابعة لبلدية عاليه جُهّزت للمناسبة سينطلق حفل ملحم زين في التاسعة مساءً، ويسبقه نشاطات فنية محلية أخرى يحييها أبناء مدينة عاليه.
«إنها تظاهرة فنية بامتياز، وقد أردناها استكمالاً لتاريخ (عروس المصايف) التي لطالما شكّلت موقعاً سياحياً معروفاً في لبنان ومحبباً إلى قلوب السياح العرب؛ نظراً لطقسها الممتع في فصل الصيف من ناحية، وقربها من مدينة بيروت من ناحية ثانية. فالوصول إليها لا يستغرق أكثر من 25 دقيقة». يوضح غريّب الذي يؤكد أن المهرجان يحمل طابعاً إنسانياً بامتياز.
وتزدان طرقات وشوارع عاليه بأسواق شعبية وأخرى حرفية تفتح أبوبها طيلة موسم المهرجان وحتى ساعات متأخرة من الليل. ولهواة ركوب الدراجات الهوائية، فإن المدينة تخصّص لهم مساحة لممارستها لتندرج هذه الرياضة من ضمن نشاطات عاليه في فصل الصيف.
«لقد خصصنا مساحة كبيرة إلى جانب تلك التي استحدثناها في محيط مكان المهرجان كي تستقبل العائلات وتقف على رغباتهم من نشاطات ترفيهية وألعاب وهواية التسوق، وصولاً إلى المطاعم والسهرات التي تقام على طول شارع عاليه الرئيسي مساء كل يوم، وتجذب عدداً لا يستهان به من اللبنانيين المقيمين والمغتربين والسياح العرب».
وفي برنامج المهرجان أيضاً، حفل يحييه الفنان ناجي الأسطا مساء غد (الأربعاء 31 الحالي) في المكان نفسه، على أن يختتم في 8 من شهر أغسطس (آب) المقبل بسهرة مع المطرب وائل جسار تقام في فندق ايريتاج في المدينة المذكورة.
وكانت نشاطات مهرجانات الصيف في مدينة عاليه قد استهلت بمعرض تشكيلي فني جرى خلاله تكريم ابن المدينة الرسام المخضرم حسن جونيه من قِبل الفنانة التشكيلية المعاصرة غنوة رضوان. كما جرى إطلاق مبادرة «عيش الفرح» وهي بمثابة أسواق خاصة بالطّعام والمؤونة اللبنانية، تشارك فيها مطاعم ومؤسسات في المنطقة ومن خارجها ضمن أكشاك خشبية دهنت بالأحمر لتشكل قرية نموذجية للأطفال وأهاليهم.
ويقول نبيل غريب موضحاً: «في هذا المهرجان أيضاً يستطيع الزّوار أن يستقلوا (قطار عاليه) المخصص لنقلهم في جولة سياحية في أنحاء المدينة ليتعرفوا إلى أهم معالمها التاريخية وأسواقها التجارية».
والمعروف أن مدينة عاليه كانت مقصد السياح العرب في السبعينات ومحطة فنية لأهم نجوم الغناء في العالم العربي، فكانوا يحيون أجمل الحفلات والسهرات في كازينو «بيسين عاليه»، ومن بينهم أم كلثوم، وصباح، وفريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب، وغيرهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».