أزمة «قيود التصدير اليابانية» تتجه لمزيد من التعقيد

من المقرر أن توسع اليابان قيودها على صادرات المواد الأساسية إلى كوريا الجنوبية هذا الأسبوع
من المقرر أن توسع اليابان قيودها على صادرات المواد الأساسية إلى كوريا الجنوبية هذا الأسبوع
TT

أزمة «قيود التصدير اليابانية» تتجه لمزيد من التعقيد

من المقرر أن توسع اليابان قيودها على صادرات المواد الأساسية إلى كوريا الجنوبية هذا الأسبوع
من المقرر أن توسع اليابان قيودها على صادرات المواد الأساسية إلى كوريا الجنوبية هذا الأسبوع

أكدت وزيرة التجارة في كوريا الجنوبية يو ميونغ – هي، الاثنين، أن كوريا الجنوبية لا تزال مستعدة لعقد محادثات مع اليابان بشأن قيود التصدير التي من المحتمل أن تتوسع أكثر هذا الأسبوع، على الرغم من أن طوكيو رفضت مرة أخرى دعوة البلاد لعقد اجتماع لحل المسألة.
وذكرت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية، أنه من المقرر أن توسع اليابان قيودها على صادرات المواد الأساسية إلى كوريا الجنوبية هذا الأسبوع عن طريق حذف سيول من القائمة التي تضم 27 دولة والتي تضمن لهم إجراءات تصدير تفضيلية، في أعقاب تطبيق القيود على تصدير المواد الثلاث الرئيسية والمستخدمة في صناعة أشباه الموصلات والشاشات والتي فرضتها في 4 يوليو (تموز) الحالي.
وقالت يو في تصريح للصحافيين «مستعدون لإجراء محادثات (مع اليابان) في أي وقت». وأضافت أن وزارتها اقترحت عقد اجتماع مع نظيرها الياباني هيروشيغي سيكو على هامش المؤتمر الوزاري للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة المقرر عقده يومي 2 و3 من شهر أغسطس (آب) المقبل في بكين، بيد أن اليابان رفضت العرض بشكل قطعي نظراً لجدول أعمال سيكو. وأشارت يو إلى أن الحكومة الكورية تستعد لمواجهة قرار اليابان الوشيك بحذف كوريا الجنوبية من قائمتها البيضاء.
كما أوضحت يو أن رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين في الولايات المتحدة أعربوا عن قلقهم إزاء الخلاف التجاري بين كوريا الجنوبية واليابان، وأكدوا على ضرورة حل الخلاف بسرعة لما قد يلحقه من ضرر بسلسلة التوريد العالمية. وكانت يو قد قامت بزيارة لواشنطن الأسبوع الماضي لحشد التأييد الأميركي ضد قيود التصدير اليابانية وإبراز تأثيرها السلبي ليس فقط على الشركات الآسيوية، لكن الشركات الأميركية أيضاً.
يذكر أن اليابان قد طبقت لوائح مشددة على تصدير 3 مواد أساسية ضرورية لصناعة أشباه الموصلات والشاشات لكوريا الجنوبية في بداية الشهر الحالي ومن دون إشعار مسبق؛ مما أضر بشدة باثنين من أهم صادرات رابع أكبر اقتصاد في آسيا. وتزعم طوكيو أن فرضها القيود على الصادرات يرجع إلى تهاون نظام سيول للتحكم في السلع التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية من جانب دول ثالثة، بما في ذلك ما يشمل كوريا الشمالية.
من جهة أخرى، أظهر تقرير أن صادرات صناعة المحتوى للمواقع الإلكترونية لكوريا الجنوبية شهدت زيادة مستمرة في العام الماضي. وأوردت وكالة أنباء «يونهاب»، أنه طبقاً لتقرير أعدته وزارة الثقافة والرياضة والسياحة ووكالة كوريا للمحتوى الإبداعي، بلغ حجم صادرات صناعة المحتوى 9.55 مليار دولار في العام الماضي، بزيادة قدرها 8.4 في المائة عن العام الذي سبقه.
سجل معدل النمو السنوي لصادرات صناعة المحتوى 16 في المائة في الفترة من عامي 2014 إلى 2018، حيث بلغ الحجم 5.27 مليار دولار في عام 2014، و5.66 مليار دولار في عام 2015، و6.08 مليار دولار في عام 2016، و8.81 مليار دولار في عام 2017.
وحسب القطاعات، سجلت صادرات صناعة ألعاب الفيديو 6.39 مليار دولار لتصل حصتها إلى 66.9 في المائة من إجمالي صادرات صناعة المحتوى، تليها صناعة الشخصيات (733 مليون دولار)، ومعلومات المعرفة (644 مليون دولار)، والموسيقى (564 مليون دولار).
وفيما يتعلق بمعدل نمو الصادرات، سجلت الرسوم المتحركة 19.5 في المائة، تليها الرسوم الكاريكاتورية (14.4 في المائة)، والمنشورات (12.7 في المائة)، والشخصيات (10.5 في المائة)، والبث (10.3 في المائة)، والموسيقى (10.1 في المائة). وارتفعت صادرات ألعاب الفيديو بأكثر من 80 في المائة في عام 2017، لكن معدل نموها انخفض إلى 7.9 في المائة في العام الماضي.
وقال التقرير، إن مبيعات صناعة المحتوى المحلية ارتفعت بنسبة 5.2 في المائة في العام الماضي إلى 119.11 تريليون وون. باستثناء الرسوم المتحركة التي عانت من انخفاض في المبيعات بنسبة 1.9 في المائة، سجلت جميع القطاعات الأخرى نمواً في المبيعات، مع 11.9 في المائة في الموسيقى، و9.7 في المائة في معلومات المعرفة، و7 في المائة في الرسوم الكاريكاتورية، و6.3 في المائة في البث، و6 في المائة في ألعاب الفيديو.
وحسب القطاعات، بلغت المبيعات السنوية 21.05 تريليون وون في المنشورات، و19.18 تريليون وون في البث، و17.22 تريليون وون في الإعلانات، و16.5 تريليون وون في معلومات المعرفة، و13.93 تريليون وون في ألعاب الفيديو. وقال التقرير إن عدد الموظفين في صناعة المحتوى في البلاد ارتفع بنسبة 1.4 في المائة ليصل إلى 653.615 شخصاً في العام الماضي.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.