أليسا تتألق في آخر حفلات «أعياد بيروت»

غنت أشهر أغانيها وأخرى لفيروز

أليسا في «أعياد بيروت» (إ.ب.أ)
أليسا في «أعياد بيروت» (إ.ب.أ)
TT

أليسا تتألق في آخر حفلات «أعياد بيروت»

أليسا في «أعياد بيروت» (إ.ب.أ)
أليسا في «أعياد بيروت» (إ.ب.أ)

ابتهجت بيروت ليل أول من أمس، عندما وقفت أليسا على مسرح «أعياد بيروت» تقدم آخر حفلات هذا المهرجان، الذي حمل ببرنامجه المنوع وعلى مدى 6 ليال متتالية أجمل السهرات على مسرح واجهة بيروت البحرية.
وقوف أليسا على هذه الخشبة العام الماضي كان بمثابة احتفالها بالحياة وبعودتها إليها، بعد معافاتها من مرض خبيث أصابها. هذه السنة انقلبت الأدوار لتحتفل بيروت بها سيما وأن إطلالتها تعدّ الوحيدة ضمن مهرجانات لبنان الفنية خلال موسم الصيف.
حفل أولي تجمهر فيه حشد من محبي أليسا سبق هذه الأمسية. فقد وقف وراء الحواجز الحديدية التي تفصل ما بين المدخل الرئيسي والمدرج المخصص للحضور، يسترق السمع لآخر التمرينات الصوتية لصاحبة لقب «ملكة الإحساس» والتي كانت تقوم بها مباشرة على المسرح. ومن هناك بدأت تلوح معالم أمسية غنائية لا تشبه غيرها، إذ كان الحماس قد ملأ قلوب محبيها يمنون النفس بتمضية أوقات ممتعة مع مطربتهم المفضلة.
وعلى وقع تصفيق حار حماسي وهتافات تصرخ باسمها، أطلت أليسا على خشبة المسرح، ترتدي زيا فضيا براقا بدّلته بآخر ذهبياً قبيل ختام السهرة. ولتستهل حفلتها بأغنية تحمل الأمل والتفاؤل للراحلة صباح بعنوان «بكرا بتشرق شمس العيد» تبعتها بأخرى «إلى كل اللي بحبوني» لتنطلق هذه الأمسية الغنائية التي تلألأت بها سماء بيروت فرحا.
جميع الذين تحبّهم أليسا والمقربين منها كوالدتها يمنى، وكلودين زوجة المصمم العالمي إيلي صعب، والمخرجة انجي جمال، وغيرهم من الذين جلسوا في المقاعد الأمامية، رحّبت بهم أليسا فردا فردا شاكرة لهم حضورهم. وتوجهت إلى الفنان ناصيف زيتون الذي كان من بينهم بكلمة ترحيبية خاصة واصفة حضوره بـ«رد الأجر» كونها حضرت حفله في 14 الجاري على المسرح نفسه.
ومنذ الدقائق الأولى للحفل بدت أليسا متوهجة ومتعطشة لإبراز حبها للحياة وشوقها للقاء جمهورها بعد غياب، إن من خلال وصلات طربية صدح فيها صوتها، وإن بتفاعلها مع الحضور رقصا وحركة دائمة على الخشبة. وبرزت مشاعرها الجياشة وخطوط شخصيتها الناضجة بفعل تجربة مريرة مرت بها. فتركت العنان للتعبير بأسلوبها عن حبها لصفحة جديدة من حياتها يشاركها فيها أقرب الناس إلى قلبها وبينهم جمهور فاق عدده 4 آلاف شخص.
وبعيد إهدائها لوالدتها أغنية «سلّم علي» التي كانت قد أوصتها بغنائها على المسرح، تلونت الأمسية بمشهدية فنية قلما تحدث في حفلات نجوم الغناء. فدعت ماريتا الحلاني (ابنة عاصي الحلاني) الجالسة بين الحضور لمشاركتها من على الخشبة أغنيتها «يا مرايتي» معلّقة «وعدت أمك تغنيها معي». وبعدها توجهت إلى ناصيف زيتون تطالبه باعتلاء المسرح ليشاركها أداء أغنيتها الرومانسية الشهيرة «عابالي حبيبي». فقدما معا ديو غنائيا مزج ما بين الروح الشبابية والأصالة معا.
ومع «سهرنا يا ليل» التي طلبت في بدايتها من فرقتها الموسيقية عدم عزف أي نوتة منها، بل ترك المجال أمام الجمهور ليؤديها، اتخذت السهرة منحى حماسيا كبيرا. وترجم على الأرض بمشاركة جماعية من قبل الحضور الذي وقف يرقص ويغني ويردد كلماتها بعد أن حفظها كغيرها من الأغاني المقدمة وكأنها خبزه اليومي.
وإثر مطالبتها بأداء أغنية «عايشالك» قامت الدنيا ولم تقعد على مدرج غصّ بـ«فانزات» أليسا وبمحبيها الذين جاءوا من صيدا وصور وطرابلس وبلدان عربية مختلفة ليحضروا الحفل.
وتلونت السهرة بعدها بأغنية «سألتك حبيبي» ولتعلّق أليسا: «بدون فيروز ما بيمشي الحال». كما استعانت صاحبة لقب «ملكة الإحساس» بفريق راقص قدّم بعض اللوحات الفنية الراقصة على الخشبة لعدد من الأغاني التي أدتها. فألف مشهدية جديدة وحديثة معا على إطلالة أليسا في «أعياد بيروت».
وكرّت بعدها سبحة الأغاني لتتضمن أخرى عديدة كـ«كرمالك» و«أسعد واحدة» ولتنسحب عن المسرح لدقائق معدودة في استراحة قصيرة بدّلت خلالها فستانها الفضي بآخر ذهبي بعد أن لحق بها اختصاصي التجميل بسام فتوح لتثبيت ماكياجها. وخلال هذه الوقفة اغتنم أفراد الصليب الأحمر اللبناني الموجود في مكان الحفل فرصة التقاط صورة تذكارية مع المغني ناصيف زيتون الذي تفاجأ باقترابهم منه بالعشرات فبادرهم بالقول «ولكني لا أشكو من شيء» وليعرف لاحقا بأن الأمر مجرد فرصة رغبوا بتوثيقها بصورة تذكارية.
وأنهت أليسا السهرة بـ«ميدلاي» منوع من أغانيها الشهيرة لتختمها بـ«سهرنا يا ليل» مرة جديدة، مستودعة الحضور على أمل اللقاء به على نفس المسرح الصيف المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».