صناعة «البراميل الخشبية» في مصر ... صراع من أجل البقاء

تطاردها تقنيات البلاستيك والأشكال المعدنية

نبيل مرسال يحفظ مهنة أجداده من الاندثار (الشرق الأوسط)
نبيل مرسال يحفظ مهنة أجداده من الاندثار (الشرق الأوسط)
TT

صناعة «البراميل الخشبية» في مصر ... صراع من أجل البقاء

نبيل مرسال يحفظ مهنة أجداده من الاندثار (الشرق الأوسط)
نبيل مرسال يحفظ مهنة أجداده من الاندثار (الشرق الأوسط)

رغم مزاحمة تقنيات البلاستيك والأشكال المعدنية لها بشكل بات يهدد مستقبلها بالانقراض، فإنّ ورشة سعيد مرسال في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة، لم تتوقف عن تصنيع البراميل الخشبية التي احترفت صناعتها منذ عام 1903، كواحدة من الحرف اليدوية التي تعود نشأتها إلى بدايات القرن 19، وتحت وطأة هذه المزاحمة تبدّلت وظيفتها من حفظ الأشياء إلى فضاء الديكور. تعلم مرسال الجد المهنة على يد صانع يوناني، وكعادة الحرفيين المهرة، نجح مرسال في توريث مهنته إلى أبنائه، فظلوا يعملون بها كواحدة من أشهر العائلات التي احترفت صناعة البراميل في مصر وصولاً إلى نبيل مرسال، ممثلاً عن الجيل الثالث، الذي تمسك بمهنته رغم أرباحها المحدودة، وصعوبات تطويرها.
وفيما عدا استحضار بضع آلات حديثة، ظلت الورشة على حالها منذ نشأتها، فصورة الجد معلقة على الحائط المتآكل، بينما تتزاحم الأدوات القديمة على الأرفف بإهمال، وعلى خلفية راديو قديم تنبعث منه أغاني فريد الأطرش، كان نبيل يعمل بمهارة وحماس للانتهاء من برميل خشبي متوسط الحجم.
إنّ «صناعة البراميل في مصر انتقلت عن طريق الحرفيين الأجانب، وكانت تعدّ مهنة مربحة وأساسية»؛ يقول نبيل لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «وقتها كانت هذه البراميل الخشبية الضخمة الوسيلة الوحيدة لتخزين البضائع والغلال، كما كانت تستخدم في عدد من الصناعات وحفظ البارود».
وحتى الستينات من القرن الماضي، ظلت البراميل محتفظة بمكانتها، ويتابع نبيل: «عمل جدي مسؤولاً أساسياً عن توريد البراميل الخاصة بالمثلجات في القاهرة، خصوصاً إلى محلات (جروبي) الشهيرة»، وكانت البراميل الخشبية الضخمة تحتاج إلى رافعة لتثبيتها، وسلالم للوصول إليها، وقتها كانت الطريقة المثلى للحفظ.
ثم جاءت فترة السبعينات من القرن الماضي، محملة بوسائل أخرى للحفظ، والبراميل المصنوعة من المعدن والبلاستيك، ليتراجع دور الخشبية منها، وينحصر استخدامها في حفظ الأعلاف والعطارة، إضافة إلى الأسماك المملحة (الفسيخ).
تستخدم البراميل الخشبية اليوم، للديكورات، كما يمكن استخدامها كأصص للزرع ومقاعد وثيرة، فيما توقف نبيل عن محاولات تطوير مهنته منذ بضع سنوات، فحرفته باتت تلهث بجانب المنتجات المشابهة الصينية المصنعة.
ويحتفظ نبيل بكتاب يبرز تاريخ صناعة البراميل في أوروبا، أهداه له سائح إنجليزي يعمل في المهنة ذاتها، بعد أن أعجب بمهارته، وتبادلا حديثاً قصيراً، عرف منه نبيل أنّ مهنته في أوروبا من المهن المقدرة، خصوصاً أنّها غير مضرّة بالبيئة. الكتاب المهدى لنبيل من تأليف الكاتب الإنجليزي كيلى. ك، ومنه نفهم السر وراء اختراع البراميل منذ ما يزيد على 200 عام، فبجانب كونها وسيلة ضرورية للحفظ، يسهم الشكل البيضاوي للبراميل في نقلها من مكان إلى آخر بسهولة، قبل سنوات من استخدام وسائل النقل الحديثة.
وتحتاج صناعة البراميل إلى مجهود عضلي خلال مراحل التصنيع الست، التي لا يدخل في استخدامها أي مواد لاصقة، بل يعتمد تماسك البرميل على طريقة قطع الأخشاب، والأطواق المعدنية التي توضع في النهاية حول البرميل، مع استخدام أخشاب «الموسكي»، بدلاً من استخدام خشب «العزيز» المستورد قديماً، لخفض تكلفة المنتج النهائي. ويقول نبيل إنّه يستخدم طريقة جدّه القديمة في منع تسرّب السوائل من البراميل، التي تعتمد على دهان البرميل من الداخل بمادة شمعية، وتبطينها بطبقة من القش، مضيفاً أنّه ما زال يستخدم عدداً من الأدوات القديمة في الصناعة كالشاكوش، والسومبك، والأجنة، والسفينة، والأطواق، والشنابر.
ورغم وعي نبيل بخطر الاندثار الذي يواجه مهنة أجداده، فإنه بدأ في إعداد الجيل الرابع من عائلته لتولي إدارة الورشة، وفقاً لوصية جدّه المولع بصناعة البراميل الخشبية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.