موالون لطهران في العراق يبدأون نقل أصولهم المالية إلى إيران

البنك المركزي جمد أموال شخصيات طالتها العقوبات الأميركية

عراقيون يعاينون كتبا في شارع المتنبي ببغداد أمس (أ.ب)
عراقيون يعاينون كتبا في شارع المتنبي ببغداد أمس (أ.ب)
TT

موالون لطهران في العراق يبدأون نقل أصولهم المالية إلى إيران

عراقيون يعاينون كتبا في شارع المتنبي ببغداد أمس (أ.ب)
عراقيون يعاينون كتبا في شارع المتنبي ببغداد أمس (أ.ب)

تؤكد أغلب الدوائر القريبة من الشخصيات والجهات العراقية المرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني، أن أعداداً كبيرة منهم باتت تشعر بخطر حقيقي على مصالحها، وحركة أموالها في العراق وبعض الدول العربية، خصوصاً بعد عقوبات الخزانة الأميركية التي طالت أربع شخصيات، معروف بعضها بصلاته الوثيقة بإيران، على خلفية تهم فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهم: قائد «اللواء 30» في «الحشد الشعبي» بنينوى، الشبكي الشيعي، وعد القدو، والمسيحي الكلداني قائد «اللواء 50» في «الحشد» بنينوى أيضاً، ريان الكلداني، إلى جانب محافظ نينوى السابق، نوفل العاكوب، ورئيس كتلة «المحور» النيابية الحالي، أحمد الجبوري.
وأصدر البنك المركزي العراقي، أول من أمس، تعميماً إلى بقية المصارف والجهات المالية، حول عدم جواز التعامل المالي مع الشخصيات الأربع المدرجة على ما سماها «العقوبات الدولية». وقال البنك في تعميمه: «على مؤسساتكم معرفة الأسماء المدرجة على قوائم (العقوبات الدولية) بتاريخ 17-7-2019». وأضاف: «في حال وجود أي اسم لديه تعامل أو حساب مع مؤسساتكم، يتم تجميده ومنع أي تعامل مالي ومصرفي معه، ومنع حصوله على عملة الدولار، وتزويد هذا البنك بكافة الحسابات المصرفية وأي معلومات أخرى خاصة به».
ويؤكد مصدر عليم بتفاصيل ما يجري في الأوساط القريبة من إيران، أن «بعض الشخصيات الموالية لإيران تقوم هذه الأيام بحركة حثيثة، لنقل جزء من استثماراتها وأموالها إلى مناطق وبنوك مختلفة في إيران، لتلافي العقوبات المتوقعة ضدها من قبل وزارة الخزانة الأميركية». ويقول المصدر الذي امتنع عن ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، نظراً لخطورة الموضوع، إن «أجواء الترقب والخوف تسيطر على الشخصيات التي توالي إيران، وحصلت على أموال طائلة في السنوات الأخيرة، عبر استثمارها لتلك العلاقة في الضغط وابتزاز المؤسسات العراقية، والحصول منها على مشروعات واستثمارات وهمية في أغلبها. كذلك استفادت من عمليات تهريب النفط واسعة النطاق في نينوى والبصرة».
ويلاحظ المصدر أن «كثيراً من تلك الشخصيات باتت تدرك أنها مستهدفة من الجانب الأميركي، وستشمل لاحقاً بموجة جديدة من العقوبات، وتعتقد أن إيران هي البلد الوحيد الذي يمكن أن تكون فيه أموالهم بمنأى عن العقوبات الأميركية، وغالبية الأموال تخرج بطرق مختلفة، ومنها طريق الحدود البرية، لعدم إمكان نقلها عبر المصارف الرسمية». ويرى أن «استهداف الخزانة الأميركية لأربع شخصيات من نينوى (أحمد الجبوري من مواليد الشرقاط في نينوى)، يمثل بداية انطلاق لعبة الصراع الأميركي - الإيراني الجدية في العراق، نظراً لمعرفة الأميركيين بأن نينوى خضعت لنفوذ الجماعات المرتبطة بإيران بشكل متعاظم، أثناء وبعد انتهاء الحرب ضد تنظيم (داعش)».
وتظاهر العشرات، أمس، في نينوى، احتجاجاً على وضع قياديين في «الحشد الشعبي» على قائمة العقوبات الأميركية، وقرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إخراج «اللواء 30» التابع لـ«الحشد» من سيطرات منطقة سهل نينوى.
وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر عراقية موثوقة، فإن «هناك قوائم أميركية أخرى في الطريق، سوف تطال عشرات الشخصيات العراقية في الوسطين الشيعي والسني، تشمل قادة سياسيين وقادة فصائل مسلحة»، مبينة أن «العدد الكلي للشخصيات التي سوف تشمل بالعقوبات الأميركية يبلغ نحو 76».
إلى ذلك، وفي ظل صمت حكومي على ما صدر بحق الشخصيات الأربع، فضلاً عن بدء تطبيق العقوبات بحقهم من قبل البنك المركزي العراقي، أبلغ مسؤول حكومي «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الكشف عن اسمه أو هويته، أن «السلطات العراقية شكّلت في الواقع لجنة حكومية تضم عدداً من المستشارين والخبراء، لمتابعة ما صدر عن الخزانة الأميركية»، مبيناً أن «موقفاً رسمياً سوف يصدر، بعد أن تنتهي اللجنة من جمع المعلومات والحيثيات الخاصة بالقرار الأميركي». وأوضح أن «البرلمان شكل هو الآخر لجنة متابعة برلمانية للغرض ذاته».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».