إتاوات حوثية تؤرق مطاعم صنعاء... والسكان يشكون من ارتفاع الأسعار

الميليشيات ألزمت 25 منها في المرحلة الأولى بدفع مبالغ طائلة

جانب من إحدى أسواق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
جانب من إحدى أسواق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إتاوات حوثية تؤرق مطاعم صنعاء... والسكان يشكون من ارتفاع الأسعار

جانب من إحدى أسواق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
جانب من إحدى أسواق وسط صنعاء (أ.ف.ب)

عاودت الميليشيات الحوثية من جديد التصعيد من حملات النهب والابتزاز في حق ما تبقى من القطاع الخاص اليمني في صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرتها، شاملة هذه المرة قطاع المطاعم ومقاصف الوجبات الخفيفة والمقاهي وغيرها من المنشآت الاقتصادية الصغيرة.
ويشكو أصحاب مطاعم ومقاهٍ ومقاصف في صنعاء من عمليات ابتزاز ونهب واسعة تعرضوا وما زالوا يتعرضون لها من قبل عصابات حوثية تستهدفهم بين الفينة والأخرى من خلال حملات، قالوا إنها غير رسمية. وقالوا إن «الميليشيات أجبرتهم على دفع مبالغ مالية طائلة كإتاوات وجبايات مالية تحت أسماء عدة كـ(الضرائب الإضافية) و(المجهود الحربي)، وكذا تقديم مختلف وجبات الطعام لطلاب بعض المراكز الصيفية، ولمن سموهم بـ(المجاهدين) المنتشرين في كثير من الأماكن القريبة من تلك المطاعم، ولأسر قتلى الميليشيات الذين لقوا حتفهم في مختلف الجبهات القتالية».
وأكدت مصادر محلية أن الميليشيات فرضت، منذ منتصف الأسبوع الماضي، على مالكي المطاعم الكبيرة والمتوسطة والمقاهي إتاوات جديدة وغير قانونية. وكشفت المصادر أن عناصر حوثية على متن أطقم عسكرية ومدنية جابوا منذ بدء حملتهم عدداً من شوارع العاصمة مستهدفين أصحاب المطاعم والمقاهي.
وأشارت إلى أن الميليشيات فرضت على مُلاك تلك المنشآت من خلال حملتها إتاوات جديدة على رأسها ما سُمي بـ«ضريبة المبيعات»، حددت الميليشيات قيمتها بقدر الأرباح التي تحصل عليها تلك المنشآت الصغيرة.
حملات الميليشيات رافقها استخدام جميع أساليب ووسائل ترهيب وتهديد ووعيد لمن لا يلتزم بدفع تلك المبالغ لعناصر الميليشيات. وأكد مصدر في النقابة العامة للمطاعم و«البوفيات»، ومقرها صنعاء أن الميليشيات الحوثية وضعت عدداً من المندوبين والمحاسبين التابعين لها في كل مطعم مستهدف لمراقبة نسبة الأرباح بشكل يومي وأسبوعي وشهري.
وبحسب المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فرضت الميليشيات الانقلابية على أكثر من 25 مطعماً كبيراً ومتوسطاً بالعاصمة صنعاء كمرحلة أولى مبالغ مالية طائلة تُدفع نهاية كل شهر للميليشيات.
ومن بين تلك المطاعم التي أجبرتها الميليشيات على الالتزام بدفع مبالغ مالية نهاية كل شهر كشف المصدر أن الميليشيات فرضت على مجموعة «مطاعم الخطيب» دفع مبلغ 9 ملايين ريال يمني، وسلسلة «مطاعم الشيباني» دفع 8 ملايين ريال شهرياً (الدولار يعادل نحو 520 ريالاً يمنياً).
وتزيد قائمة المطاعم أيضاً («الحمراء والناضج»، و«الأرض الخضراء»، «ريماس والخيمة»، و«مطاعم الصنعاني»، وغيرها)، وفرضت عليها مبالغ مالية تصل تتراوح ما بين 5 و7 ملايين ريال يمني يلتزم كل مطعم بدفعها شهرياً لخزينة الميليشيات الحوثية.
ويشكو مواطنون من الارتفاع الكبير وغير المسبوق في وجبات الطعام التي تقدمها المطاعم والمقاصف في صنعاء، مشيرين إلى أن الغالبية منهم لم يعودوا قادرين على شرائها وتناولها نتيجة لارتفاع أسعارها.
وقالوا في أحاديث متفرقة مع «الشرق الأوسط»، إن أسعار وجبات الطعام الكبيرة والخفيفة وحتى المتوسطة تشهد يوماً بعد آخر ارتفاعاً متصاعداً.
وأرجع المواطنون أسباب ذلك إلى الجبايات والإتاوات التي تفرضها على أصحاب المطاعم و«البوفيات» الميليشيات الحوثية، التي تزيد بحسبهم من ارتفاع أسعارها وتحد من إقبال المواطنين عليها.
وصعَّدت الميليشيات منذ انقلابها على السلطة الشرعية من حدة إجراءاتها التعسفية وتضييقها المستمرّ على أصحاب المحلات التجارية، والمنشآت الخاصة.
وفي كل مرة تفاجئ الميليشيات الانقلابية في صنعاء ومناطق سيطرتها ما تبقى من القطاع الخاص بحملات ممنهجة تسعى من خلالها إلى جباية الأموال وتدمير ما بقي من الاقتصادي اليمني.
وفرضت ميليشيات التدمير الإيرانية، مطلع الشهر الحالي، في صنعاء إتاوات وجبايات كبيرة على أصحاب المحال التجارية والقطاع الخاص من خلال حملات واسعة وممنهجة سعت من خلالها للقضاء على رأس المال اليمني وتهجير ما تبقى منه بمناطق سيطرتها لإحلال تجار موالين لها.
وأجبرت الميليشيات من خلال حملاتها السابقة عدداً من المتاجر والمنشآت الخاصة وشركات الصرافة والاتصالات والمدارس والجامعات الأهلية على دفع مبالغ مالية طائلة تحت ذريعة التأمين عليها وتوريدها لفرع «البنك المركزي» الخاضع لها في صنعاء.
وشكا حينها تجار ورجال أعمال وصرافون كانوا تحدثوا سابقاً مع «الشرق الأوسط» من استمرار مضايقات الميليشيات الحوثية لهم، مؤكدين أن الميليشيات تشن حملات متواصلة لجمع إتاوات وجبايات نقدية بالقوة تحت تسميات عدة، أبرزها «تمويل عملياتها المسلحة في جبهات القتال». وبالمقابل، تحدث مصدر في الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية، في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن رفض الاتحاد لكل أساليب الابتزاز والاقتحامات والتخويف والاحتجاز التي يتعرض لها في الوقت الحالي عدد من التجار في أمانة العاصمة.
واعتبر أن «مثل تلك الحملات والممارسات كانت السبب الرئيسي وراء تهجير قطاع كبير من التجار والقطاع الخاص من العاصمة ومناطق يمنية أخرى».
وكشف أيضاً عن وجود سياسة تطفيش ممنهجة تسعى من خلالها الجماعة الحوثية للقضاء على القطاع الخاص اليمني برمته، وإحلال تجار جدد محسوبين على كبار قادة الجماعة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السعودية أكدت استمرار وقوفها مع اليمن وحكومته وشعبه (الشرق الأوسط)

ترحيب سعودي وخليجي باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين الاقتصادي

رحبت السعودية باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين على إجراءات خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.

العالم العربي بفضل الدعم المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة حققت الصحة العالمية نجاحات كبيرة في اليمن (الأمم المتحدة)

​«الكوليرا» يتفشّى بشكل «مخيف» في مناطق سيطرة الحوثيين

كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مخيف لوباء الكوليرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشمال اليمن وقالت إن عدد الإصابات المسجلة تقترب من 100 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

حوار غروندبرغ الاقتصادي... غضب يمني ومرونة رئاسية ورفض حوثي

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن والانخراط في حوار اقتصادي، بينما رفض الحوثيون.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من استعراض حوثي مسلح في صنعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 8 مدنيين بينهم أطفال جنوب تعز بقصف حوثي

قُتل وأصيب 8 مدنيين، بينهم أطفال جراء قصف للميليشيات الحوثية الإرهابية استهدف منطقة الشقب في مديرية الموادم جنوب محافظة تعز اليمنية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انتهاكات وترحيل قسري للاجئين الأفارقة بمناطق سيطرة الحوثيين

المهاجرون الأفارقة يتعرضون لصنوف الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون الأفارقة يتعرضون لصنوف الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

انتهاكات وترحيل قسري للاجئين الأفارقة بمناطق سيطرة الحوثيين

المهاجرون الأفارقة يتعرضون لصنوف الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون الأفارقة يتعرضون لصنوف الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

اتهمت الأمم المتحدة الجماعة الحوثية في اليمن بتعريض اللاجئين الأفارقة لشتى صنوف الانتهاكات قبل إجبارهم على الرحيل القسري إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، مشيرة إلى وفاة وفقد 1860 مهاجراً على طول الطريق من القرن الأفريقي إلى اليمن خلال العام الحالي.

وفي تقرير عن المستجدات الإنسانية ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن أن الحوثيين في صنعاء ومحافظة صعدة، قاموا بترحيل آلاف من المهاجرين الأفارقة نحو مدينة عدن التي تتخذها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة للبلاد.

10 آلاف مهاجر أفريقي وصلوا اليمن خلال النصف الأول من العام الحالي (الأمم المتحدة)

وأكد المكتب أن المهاجرين يتعرضون للاحتجاز وصنوف الانتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قبل إجبارهم على الرحيل باتجاه مناطق سيطرة الحكومة.

وخلال الفترة الأخيرة، وفق المكتب الأممي، زاد عدد المهاجرين الأفارقة الذين يتم ترحيلهم بالقوة من مناطق سيطرة الحوثيين إلى عدن، وهي المناطق التي يوجد فيها نحو 5 آلاف مهاجر تقطعت بهم السبل.

وأشار التقرير إلى أن عدد المهاجرين الأفارقة العالقين في اليمن زاد مؤخراً، إذ يوجد أكثر من 14 ألف شخص في 3 محافظات تقع تحت سيطرة الحكومة، منهم 5 آلاف في عدن، و4.500 في مأرب، ومثلهم في محافظة شبوة. وقال إن هؤلاء بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وينتظرون رحلات عودة آمنة إلى بلدانهم.

كان الحوثيون نفذوا حملات متتالية لترحيل المهاجرين الأفارقة من مناطق سيطرتهم إلى مناطق سيطرة الحكومة، عقب المحرقة التي شهدها أحد مراكز الاحتجاز، وأدت إلى وفاة العشرات.

وتقول مصادر حكومية يمنية إن الحوثيين يخيرون المهاجرين بين الانخراط في صفوفهم للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة، حيث يتم وضعهم في شاحنات لنقل الحيوانات ويلقى بهم في أطراف المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في أوضاع إنسانية بائسة.

مسارات آمنة

دعت المنظمة الدولية للهجرة، من جهتها، الدول إلى توفير مسارات هجرة منتظمة لضمان الهجرة الآمنة، وقالت إنه منذ بداية العام الحالي، سجل مشروع المهاجرين المفقودين 1,860 حالة وفاة واختفاء بين المهاجرين على طول ما يسمى بالطريق الشرقي من شرق أفريقيا والقرن الأفريقي إلى اليمن، بما في ذلك 480 شخصاً بسبب الغرق.

وبينت المنظمة أنها تشجع الدول على اعتماد استراتيجيات إقليمية لتحسين إدارة الهجرة التي تقدم المساعدة للأشخاص، بغض النظر عن وضعهم، كما أنها تنسق مع 48 منظمة إنسانية وتنموية أخرى وحكومات لمواجهة هذه التحديات.

الطريق من القرن الأفريقي إلى اليمن أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وخطورة في العالم (الأمم المتحدة)

وأعادت «الهجرة الدولية» التذكير بأن الطريق من شرق القرن الأفريقي إلى اليمن هو أحد أكثر طرق الهجرة المختلطة ازدحاماً وخطورة في العالم، إذ يرتاده مئات الآلاف من المهاجرين، الذين يقوم معظمهم برحلات غير نظامية. وكثيراً ما يعتمد المهاجرون على المهربين في الرحلة، وغالباً ما يتعرضون لخطر متزايد، بما في ذلك الاتجار بالبشر، أثناء رحلة القارب المحفوفة بالمخاطر إلى شواطئ اليمن.

وعلى الرغم من النزاع المستمر في اليمن، لا يزال آلاف المهاجرين، وفق المنظمة، يعبرون الحدود إلى اليمن على أمل الوصول إلى دول الخليج.

وخلال النصف الأول من العام الحالي، لاحظت مصفوفة تتبع النزوح وصول أكثر من 10,300 مهاجر إلى اليمن، وهو انخفاض بنسبة 87 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.