في محاولة للبحث عن المبدعين الشباب الذين يعملون على تقديم فن يتماهى مع هويتهم وتاريخهم، ويعبر بوضوح عن واقعهم الراهن يحتفي «أتيليه العرب للثقافة والفنون... غاليري ضي» بالفائزين بجوائز مسابقة مهرجانه للشباب العربي، وذلك عبر إقامة معرض فني يضم مجموعة كبيرة من أعمالهم في التصوير والرسم والنحت والغرافيك تحت عنوان «فرسان ضي الثاني».
و«يهدف المهرجان إلى الوصول إلى المواهب العربية الحقيقية، لمنحها فرصتها الأولى وتقديمها إلى الساحة التشكيلية؛ لإثرائها، وإكسابها مزيداً من ملامح الفن الجميل»، بحسب ما يقول هشام قنديل رئيس مجلس إدارة الغاليري في حديثه إلى «الشرق الأوسط».
ويضيف: «إن ما يثبت نجاح فكرة المهرجان، ومسابقته أن فرسان نسخته الأولى، انطلقوا في المشهد التشكيلي، ومنهم من نال جائزة الدولة التشجيعية، ومنهم من أقام معرضه الفردي الأول، كما أن هناك أيضاً من نال جوائز أخرى رفيعة».
ونال جائزة مسابقة مهرجان الشباب العربي في نسخته الثانية، الفنانون: «عبد الرحمن العجوز، ومنى رفعت، وعمر سنادة، ودعاء عبد الواحد، ورواء الدجوي، ومحمد التهامي».
ويقدم المعرض الذي افتتحه الفنان القدير أحمد نوار رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق، السبت الماضي، أعمالاً لفنانين يستمدون مكوناتهم من عوامل اجتماعية وثقافية متعددة، ومزودة بقيم غنية وأصيلة، يعبرون عنها بمفردات جمالية وبصرية متميزة وبتكنيك فني جديد، مما يجعلهم قادرين على التأثير العميق في الحركة التشكيلية حاضرها ومستقبلها. وتقول منى رفعت رزق مدرس مساعد بكلية الفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي والفائزة بالجائزة الكبرى بالمسابقة: «ما دفعني للمشاركة في المهرجان هو رغبتي في الوجود بقوة بالساحة الفنية بعد انشغالي لفترة طويلة في المسار الأكاديمي».
وتُعد مشاركة منى رفعت في معرض «فرسان ضي» بمثابة معرض مستقل يضم نحو 40 عملاً تحت عنوان «تكوينات»، وتتنوع فيه الموضوعات ما بين المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة والشخوص. وتسيطر على اللوحات التي استخدمت فيها الألوان الزيتية أسلوبها الواقعي خاصة في رسم الشخوص، حيث تتعمق في أغوار النفس بصفاتها المركبة والمتشابكة.
وتوضح: «أحاول دوماً تطوير تجاربي الفنية الواقعية نحو التجديد لتتماشي مع مفاهيم الفن المعاصر دون المساس بالقواعد الأساسية للواقعية».
تحتفي منى بتصوير مظاهر الحارة الشعبية المصرية، لا سيما الطفولة حيث تسجل بفرشاتها أجمل لحظات اللعب والمرح، والحركات العفوية لدى أطفال البيئة الشعبية، فيجمع التكوين ما بين العلاقات الخطية المتنوعة والتي تتراوح بين الرأسي والمائل والمقوس، تساندها الحركة الإيقاعية التي تعتمد على اتزان الأشكال وانسجام الدرجات اللونية بين الفاتح والقاتم، والبارد والساخن.
أما ما يميز عملها الفائز بالجائزة «لوحة العائلة المصرية»، فهو عدم تحديد بؤرة بعينها في اللوحة، مما يؤدي إلى الاهتمام بمجمل المساحة التصويرية، واعتبارها وحدة واحدة، كما جاء اختيارها لشخصية الفتاة التي ترتدي ثياباً بيضاء لجذب عين المشاهد إليها، صانعة قدراً من الإيحاء بالعمق، وما أسهم في تأكيد تلك المعاني هو الحركات المتواصلة لكفوف الأيدي، وتعدد اتجاهاتها.
بدوره، يصف الفنان محمد التهامي، مدرس مساعد بقسم الغرافيك كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان فوزه في المسابقة قائلاً: «بداية انطلاقة فنية»، ويتابع: «يتيح لي المعرض تقديم نحو 20 لوحة تعكس تجارب ورؤى فنية مختلفة لي، وقد دفعني المعرض إلى العمل المتواصل، للمشاركة المتميزة مع فنانين أعمالهم أكثر من رائعة، ولذلك اعتبر المعرض نقطة تحول لي في مسيرتي الفنية».
تتعدد الأساليب الفنية والمساحات والخامات التي يستعين بها التهامي ما بين من الأقلام الخشب والأحبار وألوان أكريلك وباستل والحفر الغائر والحفر البارز وغير ذلك، لكن يبقى المضمون واحداً، وهو تناول الطبقة الكادحة من العالم الثالث بأسلوب يعتمد الواقعية.
وتستوقفك في المعرض المستمر لمدة ثلاثة أسابيع الأعمال النحتية المتميزة للفنانة رواء الدجوي، بما تحمله من طاقة إيجابية وثورة على الإرث الثقافي للمجتمع تجاه المرأة، حيث تدور الأعمال السبعة التي تشارك بها في المعرض حول المرأة كعنصر أساسي، باعتبارها رمزاً للعطاء والقوة والمثابرة برغم كل ما يواجهها من تحديات في المجتمع العربي، وتظهر في المنحوتات براعتها في المزج بين الأسلوبين التجريدي والسريالي، والجمع بين الارتكاز والاتزان، مستخدمة خامتي البرونز والبولي أستر، وتقول: «المعرض فرصة لخوض المشهد التشكيلي بثقة، حيث يمثل ضي مؤسسة فنية ذات دور مؤثر في الساحة الفنية».
إلى هذا يشارك النحات عبد الرحمن العجوز بـ15 عملاً فنياً تقوم على تجريد الجسم البشري، ليقدم لنا شخوصاً تتميز بالخفة والرشاقة رغم السمنة الواضحة، مُعتمداً على التضاد في الفكرة والتبسيط في الكتلة. ويقول العجوز: إن «مسابقة ضي تعد من أهم المسابقات المحفزة لشباب الفنانين من حيث تحقيق الوجود الفني وبث روح المنافسة».
تجسيد الحارة المصرية في معرض «فرسان التشكيل»
يضم أعمالاً لـ6 فنانين شباب
تجسيد الحارة المصرية في معرض «فرسان التشكيل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة