برنامج «إدارة الوقت» لاعادة تأهيل «نزلاء» السجون السعودية

شملت التطوير الفكري والمهني ورعاية مواهبهم

جانب من المعرض التشكيلي بإبداع النزلاء
جانب من المعرض التشكيلي بإبداع النزلاء
TT

برنامج «إدارة الوقت» لاعادة تأهيل «نزلاء» السجون السعودية

جانب من المعرض التشكيلي بإبداع النزلاء
جانب من المعرض التشكيلي بإبداع النزلاء

فتح «سجن ذهبان» أبوابه خلال الأيام الماضية محتفلاً بالمهرجان الثاني لأجنحة ما يعرف بـ«إدارة الوقت» داخل سجون مباحث جدة.
وعكس البرنامج واقع حياة النزلاء الذين عمل البرنامج على تطوير حياتهم وإخراج مواهبهم المختلفة ورعاية اهتماماتهم لتحقيق معنى الإصلاحيات ذات القيمة في إعادة تهيئتهم للتعامل مع الحياة بطريقة تعزز إنتاجيتهم، وتحويل عدد من أصحاب القضايا الأمنية والإرهاب إلى عناصر فاعلة ومبدعين في مجالات عدة شملت خمسة سجون رئيسية على رأسها الحاير وذهبان والقصيم والدمام وسجن عسير.
ودشن عبد العزيز الهويريني رئيس أمن الدولة السعودية، المهرجان الثاني لأجنحة برامج إدارة الوقت بسجون المباحث العامة بمحافظة جدة «ذهبان» لمدة ثلاثة أيام متصلة، بحضور عدد من الضيوف ومن رؤساء الإدارات الحكومية وأساتذة الجامعات والإعلاميين وأسر النزلاء.
واختلفت طبيعة المهرجان وإدارة فعالياته بنسخته الثانية وذلك في طريقة عرض وتقديم ما أبدعه النزلاء في السجون، بل وصل إلى مشاهدتها وإمكانية شرائها في عمل واضح للانتقال من مرحلة التطوع والعرض إلى التكسب المادي لهم، وعملت الإدارة في سجون مباحث جدة في استثمار أوقات النزلاء ليحقق لهم فوائد كبيرة وجعلهم يداً عاملة ماهرة وتطوير قدراتهم من خلال استغلال وقتهم وإدارته.
ولم تقف الفعاليات عند المعرض المصاحب بل امتدت إلى مسرح السجن والذي كشف عن برنامج متكامل من العروض والفقرات، والبرامج المسرحية، والكوميدية والقصائد الشعرية والفنون الموسيقية والتي قدمت جميعها من نزلاء برنامج إدارة الوقت.
وأكد خالد عسيري رئيس قسم العلاقات العامة بإحدى الإصلاحيات المشاركة في المهرجان لـ«الشرق الأوسط» أن البرنامج يعمل على قدم وساق لتأهيل المساجين وإعادتهم إلى الحياة الطبيعية بشتى الوسائل.
وأضاف: «منذ بدء البرنامج وتطبيقه تم استغناء النزلاء عن المشرفين تماماً، لدرجة أن يكون بالعنبر أكثر من 120 نزيلا يشرف عليهم عسكري واحد، وذلك بسبب التزامهم بالبرنامج وأصبح النزيل محل ثقة حيث يذهب إلى زيارته وموعده بالمستشفى الخاص بالنزلاء دون الحاجة إلى مرافق، ويعمل البرنامج في الفترة الحالية على تطبيق خروج النزلاء إلى وظائفهم وعودتهم حتى قضاء محكوميتهم، بالإضافة إلى إعادتهم إلى وظائفهم وتسلمهم كافة حقوقهم المالية خلال فترة وجودهم في السجن».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».