علماء في {كاوست} السعودية يطورون نموذجاً لفيزياء تصدعات زلازل يُحدثها البشر

بعض الزلازل قد تكون خطيرة بسبب أنشطة بشرية مثل استخراج النفط والغاز عن طريق الحقن بالسوائل
بعض الزلازل قد تكون خطيرة بسبب أنشطة بشرية مثل استخراج النفط والغاز عن طريق الحقن بالسوائل
TT

علماء في {كاوست} السعودية يطورون نموذجاً لفيزياء تصدعات زلازل يُحدثها البشر

بعض الزلازل قد تكون خطيرة بسبب أنشطة بشرية مثل استخراج النفط والغاز عن طريق الحقن بالسوائل
بعض الزلازل قد تكون خطيرة بسبب أنشطة بشرية مثل استخراج النفط والغاز عن طريق الحقن بالسوائل

ألهمت عمليات رصد الزلازل المستحثة (المولدة) والمرتبطة بالنشاط البشري، الباحثين لتطوير نموذج تصدع معتمد على الفيزياء لتحديد الظروف التي يرجح بقوة أن تتسبب في حدوث زلازل كبيرة. ويمكن أن تحدث زلازل قد تكون خطيرة بسبب أنشطة بشرية، مثل استخراج النفط والغاز عن طريق الحقن بالسوائل، أو عن طريق ضخ مياه الصرف في خزانات تحت سطح الأرض. ومع ذلك، فإن فهمنا محدود للظروف التي تحدد حجم الزلزال وتمنع الزلازل من أن تكون كبيرة ومدمرة.
وقد عمل مارتن غاليس، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، ومشرفه، مارتن ماي، بالتعاون مع باحثين من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) Caltech في الولايات المتحدة الأميركية، والمركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا على تصميم نموذج لفيزياء صدوع الزلازل. في هذا النموذج تم الجمع بين النمذجة الحاسوبية، ونظرية ميكانيكا الصدوع، وبيانات الرصد لدراسة الحد الأقصى الممكن لحجم الزلازل المستحثة.
يقول غاليس: «أردنا أن نكتشف العوامل التي تلعب دوراً في الحجم النهائي للزلزال، مثل زيادة ضغط السوائل داخل خزان ما بسبب الحقن... ولكي نفعل ذلك، طورنا نموذجاً لتقدير مدى تأثير تراكم الاحتكاك، والتوتر، والضغط على حدوث التصدع».
كان الفريق حريصاً على تحديد الظروف التي تتوقف عندها التصدعات الزلزالية بصورة طبيعية، أو تتحول إلى تصدعات منفلتة خطيرة.
ويوضح ماي بأن الصدع المنفلت هو صدع مستدام ذاتيّاً يظل ينتشر إلى أن يتوقف بسبب حاجز، مثل منطقة منخفضة الضغط أو عائق هندسين ويتابع قائلاً: «وعلى النقيض، فإن الصدع المكبوح ذاتيّاً يتوقف ذاتيّاً على نحو طبيعي حتى دون أن يواجهه أي عائق، ويمكن اعتبار هذا النوع أكثر أماناً؛ لأن حجمه محدود».
ويُظهر النموذج الذي أعده الفريق أنه عند ملء نظامٍ ما تدريجيّاً عن طريق حقن السوائل، تحدث التصدعات المكبوحة ذاتيّاً قبل التصدعات المنفلتة. ويحدث تحوُّل واضح ومفاجئ عند تحوُّل التصدعات إلى صدوع منفلتة، وهو تحوُّل يتحكم فيه حجم السائل المحقون، ومستويات الاحتكاك، والضغط الواقع على الصدع. إلا أن الأمر المثير للاهتمام هو أن حجم التصدعات المكبوحة ذاتيّاً يتحدد عن طريق ناتج ضغط المسام والمساحة الكلية المعرضة للضغط. ويمكن للتصدعات أيضاً أن تتسع لتتجاوز المنطقة المتأثرة بضغط السوائل. ولكن ماذا يعني ذلك؟ يجيب جاليس: «يعني هذا أنه على الرغم من أن الحقن بضغطٍ عالٍ في خزان صغير قد تظل نتيجته هي تصدعات آمنة مكبوحة ذاتيّاً، فإن الحقن بضغط منخفض في خزان أكبر قد ينتج عنه تصدعات منفلتة». ويضيف قائلاً: «يتفق هذا مع المشاهدات في العالم الحقيقي؛ فأكبر الزلازل المستحثة ترتبط بالتخلص من مياه الصرف الصحي بضغط منخفض، ولكن على نطاق واسع».
وتشير نتائج الفريق إلى أنه ما من حدٍّ عام آمن للضغط عند حقن السوائل. وهذا له تبعات على الصناعات التي تستخدم حقن السوائل؛ لأن الحفاظ على الضغط المسامي المنخفض لا يكفي وحده لمنع وقوع زلازل كبيرة.
ويضيف غاليس قائلاً: «قد يساعدنا توسيع النموذج بحيث يتضمن أنماط ضغط محددة، وهندسة التصدع، وخصائص الصخور، على فهم سلوك الزلازل الطبيعية بصورة أفضل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».