مؤسسات مصرية لدعم الموهوبين في المسرح

تنظم مسابقات لإنتاج نصوص مميزة

أحد عروض البيت الفني للمسرح (وزارة الثقافة)
أحد عروض البيت الفني للمسرح (وزارة الثقافة)
TT

مؤسسات مصرية لدعم الموهوبين في المسرح

أحد عروض البيت الفني للمسرح (وزارة الثقافة)
أحد عروض البيت الفني للمسرح (وزارة الثقافة)

بالتزامن مع حالة الرواج التي يشهدها مسرح القطاع الخاص في مصر، حالياً، تهتم مؤسسات خاصة بدعم الموهوبين في مجال المسرح، عبر تنظيم مسابقات في مجال التأليف، باعتباره حجر الزاوية في «أبو الفنون».
مؤسسة «كايرو شو» المتخصصة في صناعة الترفيه بمصر، أعلنت أخيراً نتائج النسخة الأولى من مسابقة أفضل نص مسرحي، التي تم الإعلان عن تدشينها في شهر مارس (آذار) الماضي، ووصل إلى قائمتها القصيرة 10 نصوص من أصل 104 تنافست على الجوائز التي بلغ إجمالي قيمتها 165 ألف جنيه مصري، (الدولار الأميركي يعادل 16.6 جنيه مصري)، بالإضافة إلى وعد من إدارة المؤسسة بترشيح النصوص الفائزة بالمراكز الثلاثة الأولى للدخول ضمن خطة إنتاجها، إلى جانب الأعمال الكبيرة مثل «3 أيام في الساحل» للنجم محمد هنيدي، و«الملك لير» للنجم يحيى الفخراني. وأكد الإعلامي محمد هاني الشريك المؤسس لـ«كايرو شو» ومقرر لجنة تحكيم المسابقة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسابقة أفضل نص مسرحي بمثابة نقطة البداية في رحلة البحث عن جيل جديد من الموهوبين في كل مجالات المسرح، وصناعة مسار يتيح لهم تقديم طاقاتهم وإبداعاتهم في شكل فرق». مؤكداً على أن «هذه هي خطوة استراتيجية لمشروع (كايرو شو) وربما تكون الهدف الأهم».
ولفت إلى أنه «سيتبع مسابقة أفضل نص مسرحي إطلاق مسابقات أخرى في تخصصات المسرح المختلفة، لتساهم في استعادة هذه الصناعة المهمة، ليس على مستوى التمثيل فقط، ولكن في كل عناصرها، كالإخراج والتأليف وهندسة الديكور والصوت والإضاءة وغيرها».
ورغم النجاح اللافت للنظر الذي حققته «كايرو شو» بعرضي «3 أيام في الساحل» و«الملك لير»، اللذين يراهما محمد هاني «قاطرة المشروع»، فإنه شدد في الوقت نفسه على أنهم سيعتبرون نجاحهم منقوصاً إذا لم يقدموا نجوماً من الكتاب والمخرجين والفنانين والفنيين في كل مجالات المسرح، ويتيحوا للشباب الصاعد تقديم تجاربه الخاصة بالكامل.
وأرجع هاني سبب اهتمام المؤسسة بالنص المسرحي في البداية إلى أن «النص هو العنصر الأساسي لأي عمل فني فمنه تكون البداية، الأمر الثاني، أن كل العاملين في مجال المسرح، يجمعون على أن أبرز مشكلات الصناعة في الوقت الحالي هي وجود نصوص مسرحية جيدة، وبالتالي كان لا بد من إطلاق هذه المسابقة لتساهم في اكتشاف المواهب».
مسابقة «كايرو شو» ليست الوحيدة في مصر التي تدعم الموهوبين في مجال المسرح، وإنما هناك مؤسسات أخرى، أبرزها مؤسسة ساويرس الثقافية التي تخصص ضمن جائزتها السنوية واحدة لـ«أفضل كتابة مسرحية»، المركز الأول فيها يحصل على جائزة قيمتها المالية 150 ألف جنيه، فيما يحصل المركز الثاني على 80 ألف جنيه.
مهرجان «شرم الشيخ للمسرح الشبابي»، عقد أيضاً في دورته الرابعة في شهر أبريل (نيسان) الماضي مسابقة في التأليف المسرحي للنص المسرحي الطويل والمونودراما، تشجيعاً لحركة الكتابة المسرحية المصرية والعربية، وتم إهداؤها لروح الكاتب والمخرج الراحل محمد أبو السعود، كما استحدث المهرجان القومي للمسرح المصري، هذا العام جائزة دائمة في التأليف المسرحي تحمل اسم الكاتب لينين الرملي، الهدف منها خلق جيل جديد من المبدعين الشباب في الكتابة والتأليف المسرحي.
من جهته، قال الناقد والمخرج المسرحي عمرو دوارة، لـ«الشرق الأوسط» إن «النص المسرحي، هو العمود الفقري للعرض، والنص محكم الصنع، هو فقط الذي يمكن أن يتم الاعتماد عليه في تقديم عرض جيد، وبالتالي تعدد المسابقات في التأليف المسرحي ظاهرة إيجابية، وربما تكتشف بالفعل مواهب جديدة».
وأضاف دوارة أن «مصر ولّادة للمواهب الفنية، وهناك عدد كبير جداً من المواهب في مختلف مفردات العرض المسرحي، لكن هذه المواهب عادة لا تجد الفرصة الكاملة في الرعاية، التي لا يجب أن تتوقف عند نشر النصوص أو منحها الجوائز، وإنما بتقديمها على خشبة المسرح للجمهور، لأن المؤلف المسرحي لن يأخذ خبرة حقيقية إلا بتجسيد شخصياته وأفكاره على الخشبة، وتحويلها من ورق إلى شخصيات من لحم ودم يتجاوب معها الجمهور».
وذكر دوارة أن «هناك سلاسل لنشر النصوص، إلى جانب المسابقات المستمرة في التأليف المسرحي، منها (سلسلة نصوص مسرحية)، التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويتم تقديم نصوص كثيرة من خلال فرق الأقاليم التابعة للهيئة». مشيراً إلى أن «المسرح في مصر يعتمد على الهواة منذ بداية الألفية الجديدة، في ظل غياب المحترفين الذين جذبتهم أضواء وأموال الدراما والسينما».
وكانت لجنة تحكيم مسابقة أفضل نص مسرحي، بمسابقة «كايرو شو» أرفقت مع النتيجة «وثيقة»، ثمنت من خلالها إقدام المؤسسة على تنظيم مسابقة في النصوص المسرحية. وأوضحت لجنة التحكيم، أنها وإن وجدت نفسها أمام نصوص تنم عن مواهب مبشرة، فإنها تحتاج إلى تطوير على مستويات عدة، بعضها يتعلق بأصالة الفكرة والجرأة الفنية والاشتباك أكثر مع الواقع.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».