فاجأ متحف جامعة «أبردين» البريطانية، قبل سبعة أشهر، الشغوفين بالحضارة المصرية القديمة، من زواره، بإتاحة مشاهدة وجه مومياء مصرية، وكأنهم يشاهدون شخصاً حقيقياً، وذلك بعد استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
اعتبر هذا الأمر وقتها إنجازاً غير مسبوق، حيث تمكن زوار المتحف، ليس فقط من مشاهدة المومياء على هيئتها المحفوظة بالمتحف، ولكن شاهدوا صورة ثلاثية الأبعاد لوجهها كشفت عن أن المومياء لامرأة بملامح ذات أصل سوري، وبشرة ناعمة نسبياً، وشعر أسود به خصلات بسيطة من الشيب، وعينان داكنتان، وفم دقيق، ووجه به بعض التجاعيد.
وفي بلجيكا، تمكن فريق بحثي بلجيكي أخيراً من استخدام التقنية ذاتها لإعادة بناء قلب مومياء حارس معبد رع (Usirmose) المحفوظة في المتحف الملكي للفنون والتاريخ ببلجيكا، واستبدلت مواد بوليمرية بالأحبار في المشروع الأول مكنتهم من طباعة قلب يمكن استخدامه في الأغراض التدريبية والتعليمية، كما يمكن إتاحته في المتاحف للمكفوفين، حتى يتمكنوا من لمسه.
واستخدم مشروعا بناء الوجه في بريطانيا والقلب في بلجيكا ماسح تصوير مقطعي متعدد الشرائح لإنجاز هذه المهمة، ولكن احتفظ مشروع بناء القلب ببعض التفاصيل التي تجعله أهم وأقيم من الناحية العلمية.
واستخدم المشروعان التصوير المقطعي المحوسب، وهي التقنية الأحدث في التصوير المقطعي، التي تعد الأنسب لدراسة العينات القديمة، ولكن المشروع البلجيكي أخذ خطوة أبعد إلى الأمام بطباعة القلب باستخدام مواد بوليمرية.
وتعتمد الأشعة التقليدية على وجود كثافة بالعضلات ومحتوى مائي بالأنسجة لإنتاج تباين في الصورة، ولكن التصوير المقطعي المحوسب يستخدم المعالجة بالكومبيوتر لإنشاء صور مقطعية، أو شرائح للعظام، والأوعية الدموية والأنسجة الرخوة داخل الجسم، وهو ما يجعله ملائماً للعينات القديمة.
وخلال الدراسة على مومياء حارس معبد رع، التي نشرت بدورية «online library wiley» في شهر مايو (أيار) الماضي، تم نقل المومياء من متحف في بلجيكا، حيث تحفظ هناك، إلى قسم التصوير الطبي بجامعة «لوفان» البلجيكية.
ويقول الفريق البحثي في مقدمة الدراسة: «تم إجراء المسح المقطعي ثلاثي الأبعاد في قسمين منفصلين: الأول من الجمجمة إلى الساق، والثاني من الساق إلى أصابع القدم، ثم تم استخراج المنطقة ذات الاهتمام، التي تتألف من القلب المحنط».
وبدلاً من الاكتفاء بإنتاج صورة، كما في المشروع البريطاني، قام الفريق البحثي بإعداد نسخة ثلاثية الأبعاد من القلب مصنوعة من البوليمرات البلاستيكية بالمقياس نفسه، ساعدتهم على رؤية التفاصيل وكأنهم بصدد إجراء عملية جراحية، حيث يسمح هذا النمط من التصوير بتحديد التشريح الموسع للقلب والشريان الأورطي الصاعد والشرايين الرئوية، كما يمكن أن يكون مفيداً في تشخيص وجود آفات تصلب الشرايين المتعددة في العينات القديمة.
ويقول الباحثون: «قد يعمل هذا النموذج ثلاثي الأبعاد كأداة للمناقشة متعددة التخصصات بين الأطباء اختصاصي الأشعة، وجراحي القلب والأوعية الدموية، واختصاصي علم الأمراض الشرعي، وعلماء الحفريات، وعلماء الأنثروبولوجيا البيولوجية، وعلماء التشريح، وعلماء الآثار».
ويضيفون: «يمكن أن تسمح أيضاً هذه النماذج المطبوعة ثلاثية الأبعاد بالألوان الكاملة للعلماء بنقل معارفهم بشكل أفضل إلى الجمهور من خلال التلفزيون والوسائط المرئية الأخرى، ويمكن أيضاً استخدامها لمشاركة كنوز المتاحف مع الزوار المكفوفين».
إعادة بناء قلب مومياء مصرية بطباعة ثلاثية الأبعاد لأول مرة
ساعدت الأطباء على رؤيته وكأنهم يجرون عملية جراحية
إعادة بناء قلب مومياء مصرية بطباعة ثلاثية الأبعاد لأول مرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة