إسرائيل تهدم منازل فلسطينيين في القدس... والسلطة تندد بـ«مجزرة وتطهير عرقي»

صور تظهر أعمال الهدم (أ.ف.ب)
صور تظهر أعمال الهدم (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تهدم منازل فلسطينيين في القدس... والسلطة تندد بـ«مجزرة وتطهير عرقي»

صور تظهر أعمال الهدم (أ.ف.ب)
صور تظهر أعمال الهدم (أ.ف.ب)

هدمت القوات الإسرائيلية منذ فجر اليوم (الاثنين)، 8 مبانٍ تضم عشرات الشقق السكنية في منطقة وادي الحمص في بلدة صور باهر جنوب شرقي مدينة القدس.
وأفاد شهود عيان لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، بأن المئات من الجنود الإسرائيليين ترافقهم جرافات كبيرة اقتحموا وادي الحمص داخل الجدار الفاصل، وأغلقوا المنطقة بشكل محكم ومنعوا المواطنين والصحافيين من الوصول إليها، وأجبروا القاطنين على إخلاء المباني بالقوة بعد رفضهم مغادرة منازلهم، دون أن يتمكنوا من إخراج أي شيء من احتياجاتهم الشخصية، وتعرضوا للضرب من قبل الجنود.
وحتى اللحظة، تم هدم 8 بنايات سكنية في الحي، وفق الوكالة.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن القرار الإسرائيلي يشمل 10 مبانٍ بعضها قيد الإنشاء وسيتسبب في تشريد 17 شخصاً ويؤثر على 350 آخرين.
وفي 18 يونيو (حزيران)، تلقى السكان إشعاراً من السلطات الإسرائيلية، يمهلهم 30 يوماً قبل تنفيذ قرارات الهدم.
وقام دبلوماسيون معظمهم أوروبيون من نحو 20 دولة في 16 يوليو (تموز)، بجولة في حي وادي الحمص، حيث حضهم مسؤولون فلسطينيون على اتخاذ إجراءات لمنع إسرائيل من هدم المنازل.
ودعا محافظ القدس عدنان غيث الدبلوماسيين وبلدانهم إلى «وقف هذه الجرائم المستمرة».
ويخشى السكان من تعرض 100 مبنى آخر بالمنطقة للخطر في المستقبل القريب.
وبررت السلطات الإسرائيلية هدم المباني قائلة إنها توجد في منطقة أمنية بالقرب من الجدار الإسرائيلي الذي يعزل القدس عن الضفة الغربية المحتلة.
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل باستخدام الأمن ذريعة لإجبارهم على ترك المنطقة كجزء من المساعي المستمرة لصالح التوسع الاستيطاني وفتح الطرق التي تربط بين المستوطنات.
ويقول الفلسطينيون إن معظم المباني تقع في مناطق خاضعة للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات أوسلو.
وأدانت الرئاسة، عمليات الهدم، محملة الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية كاملة عن «هذا التصعيد الخطير ضد الشعب الفلسطيني الأعزل»، مشيرة إلى أن هذا الهدم هو «جزء من مخطط تنفيذ ما يسمى (صفقة القرن) الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية».
وأكدت الرئاسة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يجري اتصالات مع مختلف الأطراف ذات العلاقة لوقف «هذه المجزرة الإسرائيلية»، كما دعت المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف «هذا العدوان بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته».
ودعت منظمة التحرير الفلسطينية مجلس الأمن إلى "الانعقاد فوراً" و"تحمل مسؤولياته (...) بوجه جريمة الحرب وعملية التطهير العرقي التي تمارسها حكومة الارهاب الاستيطاني».
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في بيان له «آن الأوان للدول العربية أن تدرك أن مايحدث من مخطط هو تطبيق لصفقة القرن التي أعلنت عن القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وفتحت الأنفاق أسفل المسجد الأقصى».
واعتبرت حركة فتح التي تقود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية الإجراء الإسرائيلي بأنه «جريمة حرب وتطهير عرقي».
ومن ناحيته، وصف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، أعمال الهدم بأنها «جريمة حرب»، مشيراً إلى أن هذا الأمر العسكري الجائر بهدم المنازل هو انتهاك للاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين، وكذلك لاتفاقية جنيف الداعية لحماية المواطنين تحت الاحتلال ونظام روما.
وأضاف أن أعمال الهدم وما يرافقها تهدف إلى إيجاد منطقة عازلة لفصل القدس عن بيت لحم وعدم تواصلها مع الضفة الغربية، مشيراً إلى أن «الفلسطينيين هربوا من داخل مدينة القدس وضواحيها وجاءوا لمنطقة وادي الحمص التي هي أصلاً وحسب اتفاقية أوسلو منطقة مصنفة (أ) وتحت السيادة الفلسطينية، وفي ظل عدم السماح لهم بالبناء من قبل الاحتلال، حصلوا على تراخيص من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية».
وأكد أن ما يجري هو انتهاك لكل المعايير الدولية والاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
من جهته، قال محافظ بيت لحم، كامل حميد، إن «ما نشاهده اليوم ليس عمليات هدم فحسب، وإنما إعادة احتلال واضحة للمنطقة المصنفة (أ) حسب اتفاقية أوسلو، من خلال انتشار لقوات كبيرة من جنود الاحتلال، وبالتالي هي عملية منظمة وسيناريو لعمل هدم أكبر في المستقبل، لأنه يجري في أكثر من موقع في المنطقة».
وأشار حميد إلى أن ما يجري بين القدس وبيت لحم ضرب واضح لكل الاتفاقيات والأعراف الدولية وحقوق الإنسان. وتابع: «آن للمجتمع الدولي أن يتحرك ويقف أمام مسؤولياته قبل فوات الأوان، لأنه قد ينفد صبر الفلسطينيين أمام هذه الجرائم البشعة التي في مضمونها الواضح تهجير وتشريد قسري».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».