معرض عن الشطرنج واللهو والألعاب في مملكة غرناطة العربية

رسومات من قصر الحمراء وقطع من السيراميك تعكس حب الصيد والمبارزة

يقدم المعرض نماذج تعكس حياة اللعب واللهو في غرناطة العربية
يقدم المعرض نماذج تعكس حياة اللعب واللهو في غرناطة العربية
TT

معرض عن الشطرنج واللهو والألعاب في مملكة غرناطة العربية

يقدم المعرض نماذج تعكس حياة اللعب واللهو في غرناطة العربية
يقدم المعرض نماذج تعكس حياة اللعب واللهو في غرناطة العربية

افتتح أمس في متحف الحمراء بغرناطة (جنوب إسبانيا) معرض «الألعاب واللهو في غرناطة - بني نصر»، ويدور حول نشاطات وألعاب كان يمارسها أهالي غرناطة أيام حكم بني نصر للمملكة بين 1232 و1492م مثل الشطرنج، والمبارزة والصيد والموسيقى وألعاب الأطفال.
تقول رواية أندلسية، إن احترام لعبة الشطرنج في مملكة غرناطة قد بلغ حدا يكاد يصعب تصديقه، فعندما أمر ملك غرناطة محمد السابع بقتل أخيه يوسف الذي كان قابعا في السجن، ذهب مبعوث الملك لمقابلة المحكوم عليه، بغية الاستماع لرغبته الأخيرة قبل الموت، وعندها طلب السجين يوسف منه شيئا واحدا وهو أن يكمل لعبة الشطرنج التي بدأها مع حارس السجن، ولكون هذا الطلب هو الأخير في حياته، جرت الموافقة عليه، فعمد يوسف إلى إطالة اللعب إلى أقصى وقت ممكن، كي يطيل في حياته، وصادف أن وصل في تلك اللحظات خبر وفاة الملك، وعندها آل العرش إلى يوسف السجين، ليصبح ملك غرناطة، وليلقب باسم الملك يوسف الثالث.
وكان الشطرنج هو أحد الألعاب التي اهتم بها أهالي غرناطة اهتماما كبيرا، وتعرض في هذا المعرض نماذج تعكس حياة اللعب واللهو في غرناطة العربية، كالشطرنج وقطع صغيرة من السيراميك على شكل خيول وأخرى على شكل أطباق المائدة، كانت تقدم هدايا للأطفال في أعياد الأضحى والفطر والمولد النبوي.
ومن ضمن ألعاب أهالي غرناطة أيضا، التدرب على الفروسية، فيقيمون المعارك الرمزية فيما بينهم، وفيها تجرى مسابقات بين الفرسان، وقد انتشرت لعبة المبارزة بشكل رئيس بين أفراد الطبقة العليا، وأولاها الملك محمد الخامس اهتماما كبيرا، وكان يشترك فيها شخصيا. تعلق المشرفة على المعرض لورديس رويث بأن «هذه الألعاب يمكن اعتبارها أيضا جزءا من إجراء تمارين للرياضة والاستعداد للحرب أيضا».
وقد انعكس حب الغرناطيين الصيد والمبارزة في رسم يظهر في قاعة البرطال بقصر الحمراء، حيث رسمت صورة فريدة يظهر فيها فرسان يمارسون صيد الدب والأسد، كما تظهر في الصورة ملاعب اللهو ونساء يمتطين الجمال، وفرقة موسيقية تعزف على العود. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أهالي غرناطة كانوا يمارسون صيد الغزال والأرانب وكانوا يستعملون النسور والصقور من أجل صيدها، أما مصارعة الحيوانات فكانت تجري في ساحة باب الرملة، وسط غرناطة، التي تحمل اليوم اسم «بيب الرمبلة».
وهناك أيضا لعبة مصارعة الثيران والأسود، تقول لورديس وريث المشرفة على المعرض: «لدينا وثيقة تعود إلى عام 1351 تقول بأنه قد أجريت في غرناطة العربية مصارعة بين ثور وأسد».
كما استغلت الحمامات أيضا لتكون مكانا للهو والاسترخاء، وكانت النساء يجرين فيه تمارين متنوعة وكثيرة كالتدليك والحلاقة وإزالة الشعر واستعمال العطور ومعالجة الأقدام، وبالإضافة إلى ذلك فإن الحمام كان مكانا للاستماع إلى العزف على الآلات الموسيقية والغناء أيضا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».