«رجال الطيب»... تراث عسير خلال موسم السودة في السعودية

تحتضنه قرية ألمع لمدة 20 يوماً

طوق الورد يميز بعض أهالي تهامة عسير
طوق الورد يميز بعض أهالي تهامة عسير
TT

«رجال الطيب»... تراث عسير خلال موسم السودة في السعودية

طوق الورد يميز بعض أهالي تهامة عسير
طوق الورد يميز بعض أهالي تهامة عسير

تنطلق في شهر أغسطس (آب) المقبل فعاليات مهرجان «رجال الطِيب» الذي تقيمه وزارة الثقافة ضمن فعاليات موسم السودة، ويستمر لمدة 20 يوماً خلال الفترة من 12 إلى 31 أغسطس 2019 في قرية رجال التراثية في محافظة رجال ألمع بمنطقة عسير.
وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي في تغريدة له على «تويتر»: «رجال الطيب... التاريخ في سحناتهم، والأخلاق طوق رؤوسهم».
وتأتي فعاليات المهرجان في قالب جولة ثقافية وسياحية داخل قرية «رجال التراثية»، يتنقل خلالها الزائر بين أروقتها وساحاتها ومبانيها، ليتعرف على الثقافة الغنية لرجال الطِيب من خلال فعاليات متنوعة تشمل «السوق التراثية»، وعروضاً فلكلورية حية، إضافة إلى أمسيات فنية وشعرية، وعروض للإسقاط الضوئي، إلى جانب بستان الطيب المفتوح ومقهى الحبق ومحل العطور ومجسمات الورد الجمالية.
ويهدف مهرجان «رجال الطِيب» إلى جعل قرية رجال ألمع وجهة سياحية رئيسية في المنطقة الجنوبية، استناداً إلى ثرائها الحضاري وتاريخهاً الممتد لأكثر من 900 سنة، الذي كانت خلاله مركزاً تجارياً مهماً. علماً بأن القرية تحوي نحو 60 مبنى بنيت من الحجارة الطبيعية والطين.
وتعد «عصائب الورد» باختلاف أنواعها رمزاً ثقافياً يحمل دلالات من ثقافة المنطقة وأزيائها ومناسباتها، حيث تتعدد أنواع «أطواق الورد» وتختلف باختلاف المناسبة التي ترتدى من أجلها، وسيقدم المهرجان لزواره فرصة الاطلاع على أنواع هذه الأطواق ودلالاتها من منظور ثقافي تمتزج فيه المعرفة التاريخية بالمتعة والترفيه.
وتأتي السوق التراثية بوصفها إحدى الفعاليات الرئيسية لمهرجان «رجال الطِيب» بما تحتويه من فعاليات تراثية تعكس الثقافة العسيرية، وتقدم للزائر فرصة الاطلاع على ما فيها من ثراء جمالي وحضاري. وستقدم السوق عدداً من الأنشطة في هذا الاتجاه من بينها رسم القط العسيري، وصناعة السبح، وطريقة البناء بالحجر، والخياطة، وصناعة الخناجر والمنسوجات، والرسم والنحت.
ويقدم المهرجان أمسيات شعرية وعروضاً فلكلورية محلية، مثل «لعبة رجال الطِيب»، و«الخطوة» و«العرضة»، في أجواء مفعمة بعبق التاريخ والتراث.
كما يوفر المهرجان عروضاً لإنتاج المشغولات والحرف اليدوية مباشرة أمام الزوار بالطريقة التراثية القديمة، وقد تم تجهيز 30 حافلة لنقل الزوار ذهاباً وإياباً بين متنزه السودة وقرية رجال ألمع لتسهيل عملية الوصول، ويتعاون موسم السودة مع الجامعات والأندية الاجتماعية المحلية لتوظيف العاملين في المهرجان وتدريبهم لاستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم.
يشار إلى أن وزارة الثقافة و«موسم السودة» ينظمان المهرجان وفق أهداف مشتركة تنطلق من مبدأ الحرص على تطوير وتنمية المواقع التراثية والثقافية، وإعادة تأهيلها لتصبح وجهات سياحية داخلية وعالمية، حيث تتولى وزارة الثقافة مسؤولية الإشراف على عدد من المواقع الثقافية والأثرية، وقد حددت الوزارة قطاع «المواقع الثقافية والأثرية» واحداً من القطاعات الستة عشر التي تدعمها في وثيقة رؤيتها وتوجهاتها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».