العثماني يشدد على أهمية الجهوية كخيار استراتيجي للمغرب

دعا إلى تضافر الجهود لتفعيلها حتى تكون مفيدة للمواطنين والوطن

TT

العثماني يشدد على أهمية الجهوية كخيار استراتيجي للمغرب

قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن مشروع الجهوية المتقدمة أضحى خياراً استراتيجياً بالنسبة إلى بلده، مشيراً إلى أنه إذا لم تمكَّن المجالس الجهوية المنتخبة من مصالح لاممركزة، ذات صلاحيات حقيقية، فإن هذه الجهوية «ستبقى دائماً عرجاء وناقصة».
وأضاف العثماني في كلمة ألقاها خلال اللقاء التواصلي للوفد الحكومي بجهة الداخلة - وادي الذهب، أمس، في مدينة الداخلة بجنوب المملكة، أن الجهوية المتقدمة تحتاج إلى «تضافر الجهود، وأن نتعاون جميعاً لتفعيلها ميدانياً حتى تكون مفيدة للمواطنين، وقادرة على تحقيق إنجازات متراكمة ومعتبرة للوطن».
وشدد العثماني على أن حكومته على وعي بضرورة تفويت صلاحيات حقيقية للجهات من أجل دعم التنمية، وتسريع وتيرتها، وزاد موضحاً: «نحن واعون بهذا النقص لأن الصلاحيات والإمكانيات الكافية لم تُنقل بعد إلى هذه المصالح اللاممركزة. نحن نشتغل في المرحلة الأولى من تطبيق وتنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري، الذي نضع بموجبه المخططات المديرية، التي ستحدد بشكل دقيق الصلاحيات الموجودة اليوم عند المصالح المركزية، وستنقل إلى المصالح اللاممركزة»، مؤكداً أن الحكومة ستعبئ الموارد البشرية والمالية لإنجاح ذلك.
ومضى العثماني مبيناً في اللقاء، الذي حضره عدد من الوزراء ومنتخبي جهة الداخلة - وادي الذهب وسلطاتها، أن الحكومة تركز على ورشين مهمين هما: «ورش اللاتمركز الإداري، الذي أصدرت الحكومة ميثاقه منذ ستة أشهر، بعد أن صادق عليه مجلس الحكومة وصدر في الجريدة الرسمية»، وهو ما عده «عموداً أساسياً مكملاً للجهوية المتقدمة». أما الورش الثاني فيتمثل في «إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار بتوجيهات ودعم قوي من جلالة الملك، وجعلها أكثر قوة، وقادرة على متابعة المستثمر ومواكبته وتبسيط المساطر (الإجراءات) وإعطائها دفعة قوية»، مذكّراً بأن مبادرة اللقاءات الجهوية للحكومة مع ممثلي الجهات «نوعية وتجسد شعاراً حكومياً رفعناه منذ البداية، وهو الإنصات والإنجاز».
واعتبر العثماني أن جهة الداخلة - وادي الذهب تحتل موقعاً استراتيجياً، بوصفها بوابة المغرب نحو عمقه الأفريقي، وقال بهذا الخصوص: «نحن نعرف جميعاً قيمة الجهة بروافدها التاريخية والثقافية، وكونها أرضاً أنجبت وما زالت تنجب قامات راسخة في الوطنية والفكر والعلم والأدب، لم يتوانوا في تقديم تضحياتهم في سبيل بلدهم، وفي سبيل تحرير هذا البلد، وفي سبيل مستقبل أفضل».
كما سجل العثماني أن الجهة، الملقبة بـ«لؤلؤة الصحراء»، تزخر بـ«مؤهلات طبيعية ومناخية لا تتوفر إلا للقليل من المدن، وتاريخها النضالي مشرف، وأهلها كافحوا وجاهدوا ضد الاستعمار الإسباني، واستمر ذلك الجهاد والنضال حتى تحرير هذه المناطق العزيزة بعد المسيرة الخضراء».
كما أبرز رئيس الحكومة أن جهة الداخلة - وادي الذهب، لها مؤهلات طبيعية مهمة ينبغي أن «ننطلق منها لإعطاء دفعة قوية للمجال التنموي على مستوى الجهة أكبر من ذي قبل»، مفيداً بأن الجهة ذاتها تسجل نسبة من «أعلى معدلات التنمية البشرية من بين جهات المملكة». كما تشكل أعلى نسبة في الناتج الداخلي السنوي بعد جهة العيون - الساقية الحمراء، بحيث إن الناتج الداخلي الخام للفرد يبلغ فيها «40 ألف درهم سنويا (نحو 4 آلاف دولار)»، فيما يبلغ المعدل الوطني 28 ألف درهم سنوياً (نحو 2.8 ألف دولار)، حسب رئيس الحكومة، الذي أكد أيضاً أن المسار التنموي في الجهة يعاني «بعض نقاط الضعف، التي ينبغي أن نواجهها في المستقبل حتى نستثمر إلى أقصى حد المؤهلات الطبيعية والمؤهلات السياحية والاقتصادية للجهة».



الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
TT

الضبابية تلف مرحلة ما بعد سريان تصنيف الحوثيين «إرهابيين»

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)
مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)

في ظل غياب رؤية واضحة بشأن الحدود المسموح بها للتعامل مع الحوثيين مع سريان قرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية»، أكد سياسيون يمنيون ورجال أعمال أن الضبابية تلف مشهد مرحلة ما بعد التصنيف على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وسط تحذير الحكومة من أي تعامل مع الجماعة سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً.

وذكر سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن مسار العملية السياسية مع الحوثيين في أعقاب هذا القرار غير معروف، خصوصاً أن هناك أنباء عن ضم عدد من قادة الجماعة إلى قوائم الإرهاب؛ لأن ذلك يفترض أن يحول دون عقد أي لقاءات معهم، وتوقعوا أن تذهب الجماعة نحو التصعيد إذا ما اشتد الخناق عليها اقتصادياً وسياسياً خلال المرحلة المقبلة.

المخاوف ذاتها كانت حاضرة لدى القطاع التجاري في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فقد أكدت مصادر عاملة في تلك المناطق لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع التجاري تلقى تطمينات من الجانب الحكومي بأن التصنيف لن يؤثر على استيراد المواد الغذائية ولا على فتح الاعتمادات المستندية؛ لأن هذه العملية تجري أساساً منذ سنوات عبر «البنك المركزي اليمني» في عدن بعد نقل مقره الرئيسي إلى هناك.

وعلى الرغم من هذه التوضيحات، فإن المصادر أكدت أن القطاع التجاري لا يزال بحاجة إلى توضيحات أكثر لمعرفة الحدود والمجالات التي يمكن العمل بها في مناطق سيطرة الحوثيين، وبما يجنب التجار أي تبعات لهذا التعامل، وبحيث لا تطولهم العقوبات الأميركية. وبينت أن الاتصالات التي تجريها الغرفة التجارية مع الجانب الحكومي متواصلة، وأنه سيجري الحصول على تفاصيل كاملة بشأن هذه القضايا.

الأمين العام للأمم المتحدة يتوسط وزير الخارجية اليمني الأسبق والمتحدث باسم الحوثيين (إعلام محلي)

وبشأن عمل المنظمات الأممية في مناطق سيطرة الحوثيين، ذكرت مصادر حكومية أن الجانب الأميركي أبلغ الأمم المتحدة أن هناك استثناءات ستوضع لعمل المنظمات الإغاثية، ولكن بشرط عدم استفادة الحوثيين أو المتعاونين معهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تلك المساعدات، كما كان يحدث من قبل.

وكان الحوثيون يختارون الشركاء المحليين للمنظمات الأممية والدولية، وهم غالباً مؤسسات غير حكومية تتبع الجماعة أو يمتلكها قادة ونشطاء فيها، وكذلك الأمر بشأن الخدمات اللوجيستية للمنظمات، التي كان يحتكرها تجار ورجال أعمال من الحوثيين.

محاذير كبيرة

وفق مصادر يمنية عاملة في الجانب الإغاثي، ورغم الاستثناءات التي منحتها الولايات المتحدة للعمل الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين، فإن هناك محاذير كبيرة للعمل في تلك المناطق؛ لأن الحوثيين يتحكمون في كل شيء، حيث منعوا كل المنظمات غير الحكومية التي لا تتبعهم من العمل، وبالتالي فكل المنظمات الشريكة تدين بالولاء لهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وكذلك الأمر، وفق المصادر، بخصوص الخدمات اللوجيستية، فقد أصبح التجار في تلك المناطق تحت رحمة الحوثيين، وبالتالي؛ فإنهم يُرغَمون على دفع جبايات أو فوائد مالية للجماعة.

أكثر من 12 مليون يمني في مناطق سيطرة الحوثيين بحاجة للمساعدات (الأمم المتحدة)

ورجحت المصادر زيادة الأعباء إذا ما اتخذت الولايات المتحدة قراراً بإخراج البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين من نظام «التحويلات المالية العالمية (سويفت كود)»، وقالت إن المنظمات الإغاثية كانت قد اقترحت نقل الأموال المخصصة للعمل الإغاثي ونفقات تشغيل المكاتب ودفع المرتبات وتلك المخصصة للمحتاجين بديلاً عن المساعدات الغذائية، بشكل مباشر من الخارج إلى مناطق الحوثيين لتجاوز هذه العقبة، لكن لا يُعرف حالياً ما إذا كان هذا الخيار لا يزال قائماً أم إن هناك خيارات بديلة.

وكان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة في الحكومة اليمنية، قد وصف هذه الخطوة ‏بـ«القرار التاريخي الذي يعكس التزام الولايات المتحدة بمواجهة الإرهاب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي، ويمثل خطوة حاسمة لقطع مصادر تمويلها وعزلها دولياً، بعدما ثبت تورطها في استهداف المدنيين، وتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، والمصالح الإقليمية والدولية».

وبين الوزير اليمني أنه «وفقاً لقرار التصنيف، فإن كل من يتعامل مع الحوثيين معرض للملاحقة القانونية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، والعقوبات المالية، وتجميد الأصول المرتبطة بأي تعامل معهم، والعزل السياسي والمجتمعي».

وحذر الإرياني جميع الجهات والأفراد من مغبة التعامل مع ميليشيا الحوثي بعد تصنيفهم «إرهابيين»، وأكد أن أي تواصل سياسي أو اقتصادي أو إعلامي أو اجتماعي معهم سيعدّ «تواطؤاً مع الإرهاب» وسيواجَه بعواقب قانونية صارمة.

ودعا الوزير رجال الأعمال إلى وقف أي تعامل مالي أو تجاري مع الحوثيين فوراً، كما دعا السياسيين والإعلاميين إلى «عدم محاولة منح الشرعية لجماعة إرهابية تهدد الأمن الإقليمي والدولي»، وحذر القبائل والشخصيات الاجتماعية من «الوقوع في فخ الحوثي، فهو يستغل الجميع ثم يتخلص منهم».

كارثة إنسانية

وحذر ناشط حقوقي يمني بارز من «كارثة إنسانية وشيكة في اليمن، جراء ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع أزمة اقتصادية خانقة تضرب البلد» الغارق في أتون حرب مستمرة منذ 10 سنوات.

ودعا عرفات حمران، رئيس «منظمة رصد للحقوق والحريات»، الحكومة إلى تشكيل غرفة طوارئ عاجلة؛ «لأن التقارير الإنسانية والإغاثية والأممية ذات الصلة تُشير إلى أن البلاد توشك على دخول مرحلة (الكارثة)، وهي المرحلة التي تفقد فيها السلطات والمنظمات القدرة على الحد من انتشار المجاعة»، داعياً المجتمع الدولي إلى «توسيع تدخلاته الإنسانية والمساهمة في وقف التدهور المريع للوضع الإنساني في البلاد».

قيود الحوثيين حالت دون وصول المنظمات الإنسانية إلى المستحقين (إكس)

ومع تأكيد الأمم المتحدة وجود 17.1 مليون يمني بحاجة للمساعدات الإنسانية خلال هذا العام، وإصابة ملايين الأطفال بسوء التغذية والتقزم، نبه حمران إلى أن «غالبية الأسر اليمنية لا تستطيع شراء المتطلبات الأساسية من الغذاء؛ جراء الأزمة الاقتصادية ومحدودية فرص الدخل وانهيار العملة».

ودعا الحقوقي اليمني الحكومة إلى «تشكيل غرفة طوارئ على مدار الساعة، لجمع المعلومات والبيانات والتنسيق مع كل المنظمات الدولية والشركاء الدوليين والمحليين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها في عموم البلاد؛ لأن كل مواطن، سواء في مناطق الشرعية والحوثيين، هو مسؤولية الحكومة الشرعية».