مستقبل الذهب يعتمد على سياسات المصارف المركزية

مستقبل الذهب يعتمد على سياسات المصارف المركزية
TT

مستقبل الذهب يعتمد على سياسات المصارف المركزية

مستقبل الذهب يعتمد على سياسات المصارف المركزية

يحّتل الذهب مجدّداً ثقلاً بارزاً في وسائل الإعلام العربية والغربية نتيجة لأسعاره التي قفزت العام الحالي على نحو أيقظ شهية المستثمرين في أنحاء العالم كافة. وتلعب سياسات المصارف المركزية، التي يصفها الخبراء الألمان بـ«المريحة» دوراً في ارتفاع أسعار الذهب، علماً بأنها تترقب خطوات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي يهمّ، على الرغم من تعارض خططه مع حسابات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بقطع إضافي في نسب الفوائد.
يقول الخبير المالي الألماني بيتر شرايبر، إن الأصول المالية الدفاعية عادت لتستقبل الذهب ثانية في صفوفها بعد غياب دام شهوراً عدة. وتعد الأصول المالية الدفاعية، حيث تتقلّص توقعات الخسائر بنسبة تتخطى 95%، برّ الأمان بالنسبة إلى المستثمرين الأوروبيين.
ويضيف أن سعر أونصة الذهب قفز 10% منذ شهر مايو (أيار) من عام 2019، ويجري التداول به في الأسواق الألمانية على نحو 1400 دولار للأونصة، وهذا أعلى سقف له منذ عام 2013، وقد يستمر سعر الذهب في ارتفاعه في الشهور القادمة. لكن قد تشهد الأسواق تراجعاً مفاجئاً في سعره لأن مصيره بات اليوم معلّقاً بأيدي المصارف المركزية بالكامل. وكلما تابعت هذه المصارف سياستها المريحة غير الضاغطة على الأسواق المالية والمصرفية تمكّن الذهب من البقاء على أسعاره البرّاقة الحالية.
ويختم: «بعدما نجحت المصارف المركزية في تفعيل سياسات مالية متطورة تمّت هندستها كي تتجانس مع متطلبات الأسواق المالية الأوروبية، لا سيما بعد الخسائر الفادحة التي تكبّدتها أسواق الأسهم في العام الماضي، لاحظ الجميع ولادة علاقة صداقة مالية وطيدة تربط المصارف المركزية والأسواق معاً. وأبرز مثال على ذلك استعداد المصرف المركزي الأوروبي لجولة جديدة من التيسير الكمّي، وهي أداة تتمثل في إغراقه للنظام المصرفي بأموال جديدة عن طريق شراء سندات الشركات الخاصة وتلك السيادية التي تنفخ خزائن المصارف. وبهذه الطريقة سينعم النظام المصرفي بالمال الذي يفترض أن يستخدمه في مزيد من ضخّ السيولة في فروع الاقتصاد الحقيقي، أي لصالح كل من الأسر والشركات الراغبة في الاقتراض. وعلى صعيد الولايات المتحدة، يستعد الاحتياطي الفيدرالي لقطع إضافي في نسب الفوائد يرسو عند 0.25% في الأسابيع القليلة القادمة عدا الابتعاد عن الإجراءات التقشّفية التي خنقت موازنته العام».
في سياق متصل، تقول الخبيرة الألمانية إيمانيولا هات من وزارة الاقتصاد في العاصمة برلين، إن أسعار الذهب، حتى نهاية العام، ستعوّل بشدة على معدّل الفائدة الحقيقي التي ستتبناه المصارف المركزية قريباً. علماً بأن معدّل الفائدة الاسمية، في قاموس الاقتصاد والمال الدولي، هو عبارة عن معدّل الفائدة قبل احتساب التعديل الناشئ عن الغلاء. ويعزى التعبير (اسمي) إلى نسبة الفائدة عندما تكون الفترة الزمنية لتطبيقها ليست السنة وإنما الشهر أو اليوم.
وتضيف أن معدّل الفائدة الاسمية يحتوي على المعدّل الفائدة الحقيقي ونسبة الغلاء. أما معدّل الفائدة الحقيقي فهو معدّل الفائدة الاسمية ناقص نسبة الغلاء المتوقع. وفي حالة القرض تكون الفائدة الحقيقية بمثابة فائدة لصالح المصرف أو الدائن. فإذا حصل الدائن على فائدة على القرض تساوي مثلاً 8% وكانت نسبة الغلاء 8% عندئذ تكون الفائدة الحقيقية صفراً من جرّاء تساوي الفائدة الاسمية ونسبة الغلاء. هكذا، لا يربح المصرف أو الدائن شيئاً من وراء هذه القروض لأن الغلاء يبتلع جزءاً كبيراً من الربح. وفي الوقت الحاضر، تعاني المصارف الألمانية الكبرى من تراجع أرباحها بسبب أوضاع الفائدة الحقيقية.
وتختم: «عندما يكون معدل الفائدة الحقيقي شبه صفر يعود اهتمام المستثمرين الدوليين إلى شراء الذهب الذي يجد في كوكب هذه الفائدة الحقيقية أرضاً خصبة لتعزيز أسعاره. علاوة على ذلك، ترسو نسبة الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة على ما دون 3%، وهذا أدنى مستوى لها منذ أكثر منذ سنتين. كما عادت طلبات شراء الذهب إلى الانتعاش حول العالم. وعلى مستوى المصارف المركزية العالمية فإنها اشترت نحو 145 طن ذهب من بداية عام 2019. وبما أن التقلّبات المنوطة بأسعار الذهب تراجعت حدّتها جذرياً، في الأعوام الأخيرة، ينجح الذهب اليوم في استقطاب أموال المستثمرين المؤسساتيين والخاصين معاً».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

أسهم «بوني إيه آي» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تقفز في أول أيام تداولها

تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)
تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)
TT

أسهم «بوني إيه آي» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تقفز في أول أيام تداولها

تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)
تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)

قفزت أسهم «بوني إيه آي» بنحو 15 في المائة فوق سعر العرض في أول ظهور لها في السوق يوم الأربعاء، مما أعطى شركة سيارات الأجرة الآلية تقييماً بقيمة 5.25 مليار دولار، في إشارة إلى نهج إيجابي للمستثمرين تجاه الشركات التي تتخذ من الصين مقراً لها.

وافتتحت أسهم الإيداع الخاصة بالشركة عند 15 دولاراً في أول ظهور لها في «ناسداك»، مقارنة بسعر الطرح العام الأولي البالغ 13 دولاراً.

يأتي الطرح العام الأولي بعد ما يقرب من عامين من عدم اليقين الذي أثاره إلغاء إدراج «Didi Global»، الذي أعقبه نزاع تدقيق طويل الأمد بين بكين والولايات المتحدة تم حله في النهاية في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بحسب «رويترز».

ومن بين داعمي «بوني إيه آي» كل من «نيوم» السعودية، ومجلس خطة معاشات التقاعد للمعلمين في أونتاريو، ومجموعة «هونغشان كابيتال»، الشركة المعروفة سابقاً باسم «سيكويا كابيتال تشاينا». وتمتلك الشركة مشروعاً مشتركاً مع مجموعة «غوانغزو أوتوموبيل غروب» وذراع «تويوتا» في الصين.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «بوني إيه آي» جيمس بينغ إن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لم تؤثر على توقيت الإدراج.

وأضاف لـ«رويترز»: «كان هذا الإدراج قيد الإعداد لبعض الوقت بالفعل. فيما يتعلق بالتأثير المحتمل من ترمب... لقد تعاملنا مع هذا النوع من تغيير السياسة طوال الوقت؛ إنه ليس شيئاً جديداً. أعتقد أننا مستعدون تماماً». ومع ذلك، تواجه الشركة تحديات أخرى، بما في ذلك الشكوك العامة بشأن المركبات ذاتية القيادة، ومخاوف خصوصية البيانات، والمنافسة من الشركات، بما في ذلك شركة «تسلا» التابعة لإيلون ماسك، التي وعدت بطرح خدمات النقل من دون سائق للجمهور في كاليفورنيا وتكساس العام المقبل.

تركز «بوني إيه آي» في البداية جهودها على السوق الصينية. وقال بينغ إنه يتوقع أنه بحلول عام 2026 ستتقدم الصين نحو إجراء اختبارات واسعة النطاق على مستوى البلاد للمركبات ذاتية القيادة. وأضاف: «نحن نعمل باستمرار مع السلطات المحلية ونتحدث إلى الحكومة المركزية أيضاً. سيكون لديهم المزيد من القواعد التي ستصدر لدعم التطوير واسع النطاق».

وقالت الشركة في ملف قدمته إلى الجهات التنظيمية إن العمليات الأميركية ستظل «محدودة النطاق» في المستقبل المنظور.

كما طرحت شركات أخرى مقرها الصين، بما في ذلك شركة صناعة المركبات الكهربائية Zeekr وشركة WeRide للتكنولوجيا ذاتية القيادة، أسهمها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة في وقت سابق من العام، وسط خلفية انتعاش سوق الاكتتاب العام الأولي في البلاد مؤخراً، مع إظهار المستثمرين اهتماماً متجدداً بشركات التكنولوجيا الناشئة الواعدة.

باعت شركة «بوني إيه آي» 20 مليون سهم إيداع أميركي في الطرح العام الأولي، وجمعت 260 مليون دولار. كما جمعت 153.4 مليون دولار إضافية في طرح خاص متزامن.

يتوقع بينغ أن تقدم الشركة خدمات سيارات الأجرة الآلية في سنغافورة وكوريا الجنوبية ولوكسمبورغ والشرق الأوسط في غضون السنوات القليلة المقبلة من خلال الشراكات.

وكان «غولدمان ساكس» و«بنك أوف أميركا» للأوراق المالية و«دويتشه بنك» و«هواتاي» للأوراق المالية و«تايغر بروكرز» الضامنين للطرح العام الأولي.