قصف معسكر {الحشد الشعبي} في شمال بغداد

طائرة مسيرة مجهولة اخترقت الأجواء العراقية

لقطة من فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي لحريق في معسكر «الحشد الشعبي» في منطقة آمرلي (الشرق الأوسط)
لقطة من فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي لحريق في معسكر «الحشد الشعبي» في منطقة آمرلي (الشرق الأوسط)
TT

قصف معسكر {الحشد الشعبي} في شمال بغداد

لقطة من فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي لحريق في معسكر «الحشد الشعبي» في منطقة آمرلي (الشرق الأوسط)
لقطة من فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي لحريق في معسكر «الحشد الشعبي» في منطقة آمرلي (الشرق الأوسط)

شهدت الأجواء العراقية تطورات خطيرة، أمس، تمثلت بخرقها من قبل طائرة مسيرة مجهولة. وأعلن بيان خلية الإعلام الأمني أمس «تعرض معسكر الشهداء التابع إلى اللواء 16 في «الحشد الشعبي» بمنطقة أمرلي في محافظة صلاح الدين فجر أمس، إلى قصف بقذيفة ألقتها طائرة مسيرة مجهولة وأدى القصف إلى جرح اثنين».
ولم يدل مركز الإعلام الأمني بتفاصيل إضافية حول الحادث، في وقت تعددت الروايات بشأن حادث الطائرة المسيرة التي استهدفت معسكر «الحشد الشعبي» في منطقة أمرلي بمحافظة صلاح الدين، وفيما أفاد العقيد محمد خليل البازي من قيادة شرطة محافظة صلاح الدين في تصريحات للوكالة الألمانية أن «القصف أدى إلى إصابة خمسة من الموجودين في المعسكر، ضمنهم اثنان من المستشارين أو المدربين الإيرانيين».
ورجّح مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن «القصف جاء نتيجة عدم تقيد جماعات الحشد بحركة القوات التي تديرها قيادة العمليات الخاصة» مستبعدا فرضية القصف المتعمد من قبل الطائرات الأميركية. ذلك أن «الطيران الأميركي قام قبل الحادث بساعات بتنفيذ عملية مماثلة استهدفت أوكارا لـ«داعش» في منطقة وادي الشاي وقتل ثلاثة من عناصر التنظيم البارزين».
ويؤكد المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه أن «الطائرة المسيرة أميركية وقد نفذت عملية القصف بالقنابل وليس بالرمانة الهجومية كما ادعى بيان خلية الأعلام الأمني».
ويشير المصدر إلى أن «منطقة بروجلي التي يقع فيها المعسكر تعد منطقة نفوذ كاملة لعضو البرلمان التركماني التابع لمنظمة بدر مهدي تقي الآمرلي، وفيها أيضا كتائب(حزب الله) وحشد صباح الشمري العشائري من صلاح الدين وهو تابع لبدر أيضا».
ويبين أن «السماء العراقية والمناطق المحاذية لكركوك وجبال حمرين تعد محطة مراقبة متواصلة للطيران الحربي والمسير الأميركي، وغالبا ما يستهدف أي حركة يعتقد أنها تابعة لعناصر داعش».
لكن المصدر لا يستبعد وجود مستشارين إيرانيين في المنطقة ويقول بأن «مساعد قاسم سليماني واسمه إقبال بور هو المسؤول الأكثر نفوذا هناك، وهو من يقوم بتقديم الاستشارة للحشد في هذه المنطقة، وبور عادة يدخل العراق عبر السليمانية في كردستان ولديه مقر هناك».
لكنه استبعد وجود إقبال بور لحظة تعرض المعسكر للقصف «لأن الأخير يحضر مراسم عزاء والدته في طهران هذه الأيام وقد ذهبت إليها أغلب قيادات منظمة بدر وضمنهم رئيسها هادي العامري».
وفي سياق متصل، أكد الأمين العام لمجلس العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها، ثائر البياتي، أن «المعسكر كان يضم صواريخ باليستية تم نقلها من إيران مؤخراً، فضلا عن عناصر من حزب الله والحرس الثوري».
وأوضح البياتي في تصريحات صحافية، أن «القصف استهدف منشآت حيوية في المعسكر، وأدى إلى قتل عناصر من حزب الله والحرس الثوري».
ولا يستبعد مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري فرضية «قيام إسرائيل بقصف معسكر الحشد في صلاح الدين، نظرا لتهديدات سابقة أطلقها مسؤولون في تل أبيب».
ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا مجرد تحليل، إذا قمنا بمراجعة تصريحات المسؤولين الإسرائيليين السابقة وتهديدهم بضرب بعض جماعات الحشد، ويمكن لإسرائيل التغلب على طول المسافة بينها وبين صلاح الدين عبر ما تملكه من تكنولوجيا متطورة، وعملائها الموجودين في الأراضي السورية القريبة».
من جهة أخرى، عقد مجلس الأمن الوطني، أمس، جلسته الدورية برئاسة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي. ولفت انتباه المراقبين، أن المجلس لم يشر إلى الحوادث والخروقات التي طالت الأجواء العراقية، واكتفى بإعلانه مناقشة صرف مستحقات موظفي المناطق المحررة بعد إكمال التدقيق الأمني من قبل جهاز الأمن الوطني، وذكر بيان صادر عنه أن «نسبة الإنجاز وصلت إلى 97 في المائة من مجموع عدد الموظفين في تلك المناطق». كما أشار إلى مناقشته لـ«استراتيجية الأمن السيبراني في العراق».
ونفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ضلوع القوات الأميركية في الهجوم بحسب رويترز.



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.