الملكة فيكتوريا تعود إلى قصرها في حفل راقص ومأدبة

معرض خاص بمناسبة 200 عام على ميلادها في الافتتاح الصيفي لقصر باكنغهام

الملكة إليزابيث الثانية تتأمل لوحات تصور جدتها الكبرى الملكة فيكتوريا من خلال المعرض المقام في باكنغهام بالاس حاليا (رويترز)
الملكة إليزابيث الثانية تتأمل لوحات تصور جدتها الكبرى الملكة فيكتوريا من خلال المعرض المقام في باكنغهام بالاس حاليا (رويترز)
TT

الملكة فيكتوريا تعود إلى قصرها في حفل راقص ومأدبة

الملكة إليزابيث الثانية تتأمل لوحات تصور جدتها الكبرى الملكة فيكتوريا من خلال المعرض المقام في باكنغهام بالاس حاليا (رويترز)
الملكة إليزابيث الثانية تتأمل لوحات تصور جدتها الكبرى الملكة فيكتوريا من خلال المعرض المقام في باكنغهام بالاس حاليا (رويترز)

ككل عام، افتتح قصر باكنغهام غرفه الرسمية للزوار والسياح، وأضاف - ككل عام - أيضاً معرضاً متميزاً مستمداً قطعه من مجموعة المقتنيات الملكية الضخمة «ذا رويال كوليكشن»، ويدور هذا العام حول الملكة فيكتوريا التي تحتفل البلاد بالذكرى الـ200 لميلادها. ورغم أن الملكة فيكتوريا من أكثر ملكات بريطانيا شهرة، وقد تركت خلفها مذكرات ورسومات بخط يدها سجلت من خلالها تفاصيل حياتها وحياة عائلتها، وسجلت المسلسلات والأفلام والكتب أغلب تفاصيل حياتها قبل زواجها وخلال حكمها الذي امتد لـ60 عاماً، فإن المعرض يسجل نقطة مهمة لصالحة، وهي أنه مقام في القصر الذي عاشت فيه فيكتوريا مع زوجها الأمير ألبرت لسنوات طويلة.
زيارة قصر باكنغهام عادة ما تشغل الزائر بمطالعة كل التفاصيل وتسجيلها في الذاكرة بأسرع ما يمكن؛ إذ إن أوقات الزيارة محدودة، وأيضاً الأماكن المفتوحة للزوار محدودة. ولهذا؛ فإن من يرِد زيارة القصر للمرة الأولى سيجد أمامه الكثير ليراه، وأيضاً الكثير من التفاصيل التاريخية الموجودة في كل قطعة أثاث وكل نقش على السقوف المزخرفة المذهبة.
ولكننا سنركز هنا على المعرض الخاص عن «قصر الملكة فيكتوريا» الذي اطلعت الملكة إليزابيث على تفاصيله منذ أيام قليلة، وأبدت إعجابها به، حسب ما تذكر لنا منسقة العرض الدكتورة أماندا فورمان.
المعروف أن القصر الحالي يختلف عن الذي عاشت به الملكة فيكتوريا وزوجها الأمير ألبرت بعد ثلاثة أسابيع من توليها العرش في عام 1837، وسنجد تفاصيل ورسومات توضح لنا شكل القصر قبل التوسع فيه. وحسب المعرض فالملكة فيكتوريا بعد أن رزقت بأطفالها التسعة وجدت أن مساحة القصر وغرفه غير كافية لأسرتها، وذكرت في مذكراتها أن أطفالها لا يجدون مكاناً كافياً للحركة واللعب، وأنه «من غير المعقول أن يمضوا كل أوقاتهم في غرف الحضانات الخاصة بهم ومربياتهم». ونعرف من العرض أن القصر بحالته القديمة كما عاشت فيه فيكتوريا في البدايات كانت غير مكتمل البناء وكانت أغلب الغرف عارية من المفروشات أو الزينة. ورغم نصيحة وزرائها بالانتظار حتى انتهاء إعداد القصر ليصبح ملائماً للسكن، فإن فيكتوريا أرادت الانتقال للعيش هناك لتبدأ حياتها الجديدة.
في عام 1845 كان واضحاً للملكة وأسرتها الصغيرة أن القصر لا يفي باحتياجاتهم؛ ولهذا قامت في العام نفسه بكتابة خطاب لرئيس الوزراء وقتها، سير روبرت بيل، حول ضرورة تغيير القصر ليلائم سكن «أسرتنا الصغيرة» كما كتبت. وبالفعل، وافق البرلمان في أغسطس (آب) من العام التالي (1846) على تخصيص مبلغ 20 ألف جنيه إسترليني لأعمال التوسعة في القصر، كما توفر مبلغ آخر عبر بيع القصر الصيفي للملك جورج الرابع في برايتون بـ50 ألف جنيه إسترليني. وبالفعل، بدأ المعماري إدوارد بلور في وضع الرسومات الهندسية لإضافة الجناح الشرقي الحالي للقصر والذي يحيط بالساحة الداخلية الآن وضم الشرفة الخارجية الشهيرة التي تحرص العائلة المالكة على الظهور بها في المناسبات الرسمية. بعدها، أضيفت قاعة الرقص التي أرادتها الملكة فيكتوريا لاستقبال ضيوفها وإقامة الحفلات الموسيقية التي كانت تحبها بشكل خاص.
يقدم العرض نموذجاً تخيلياً للقصر وتصميماته الداخلية بألوانها الحية قبل أن يجدده الأمير إدوارد السابع، ابن الملكة فيكتوريا الأكبر، ليطغى عليه اللونان الأبيض والذهبي.
المعرض يحاول التعامل مع كل التفاصيل التاريخية ببلاغة وأناقة ملكية رفيعة، فبدلاً من توفير المعلومات التاريخية بشكل تقليدي اعتمد العرض على قطع مختلفة من مقتنيات المجموعة الملكية لرسم صورة عن قصر الملكة فيكتوريا، إضافة إلى استخدام العرض الضوئي على جدران قاعة الرقص الذي يصور ألوان ورق الحائط على وقت الملكة فيكتوريا، ويمتد العرض للسقف أيضاً عاكساً الألوان الزهرية والزرقاء الفاتحة التي تأخذ الزائر قليلاً لعصر مضى. في هذه الغرفة نجد لوحات زيتية للملكة فيكتوريا في شبابها ولوحات لحفل تتويجها، وأيضاً نرى الرداء الذي ارتدته في الحفل، وهو باللونين الأحمر والذهبي. إلى الجنب، هناك مهد طفل من الخشب المبطن بالقماش لأحد أطفال العائلة وفوقه صورة زيتية تصور الابنة الكبرى للملكة فيكتوريا، واسمها فيكتوريا أيضاً وهي في طفولتها. في خزانة جانبية نرى دفاتر رسم خطت فيها الملكة الشابة رسومات جميلة لأطفالها، وأيضاً علبة من المخمل وضعت فيها الأسنان اللبنية لأطفالها وقوالب من الرخام الأبيض تجسد أيديهم وأقدامهم.
وبما أن فيكتوريا وألبرت عرف عنهما حب الموسيقى وإقامة الحفلات في القصر، فقد حرص العرض على تقديم تصور لحفلة من تلك الحفلات باستخدام التقنية الحديثة، حيث تلعب الإضاءة دوراً مهماً في تحويل الحوائط حولنا إلى ما كانت عليه القاعة في إحدى الحفلات الضخمة التي أقيمت هنا، ومن خلال عرض بصري متفوق نرى رقصات يؤديها ممثلون وممثلات بالملابس التاريخية، وحسب ما قالت الدكتورة أماندا فورمان، فإن القائمين على العرض وهي منهم قرروا تقديم تجربة من الواقع الافتراضي لرسم تفاصيل حفل أقيم في القصر بمناسبة انتهاء حرب القرم. ولتنفيذ ذلك الفيديو البديع بالفعل تعاون فريق العرض مع إحدى شركات الإنتاج في هوليوود لتقديم عرض يضع المشاهد في قلب الحدث.
وبما أن الحفل الراقص لا يكتمل من دون وليمة ضخمة؛ فقد أعد القائمون على العرض طاولة طعام من المقتنيات على النسق نفسه الذي كانت عليه ولائم الملكة فيكتوريا، وصفّت على الطاولة الأطباق الخزفية الملونة وحاملات الشموع، وأطباق من الحلوى والكيك الذي كانت يقدم في تلك الأيام. تقول لنا الدكتورة فورمان، إن الحلوى كانت من أهم الأطباق التي أحبها الفيكتوريون؛ ولهذا صنعت نماذج منها بالتفاصيل والألوان نفسها لرسم صورة لما كان يقدم على الموائد الملكية وقتها. تشير فورمان إلى أن الكعك المزخرف بعجينة اللوز وبالفاكهة المسكرة أمامنا حقيقي غير أنه عولج باستخدام مواد كيميائية للحفاظ عليه. في وسط المائدة، تلفت الأنظار قطعة بديعة من النحت تصور نافورة الأسود في قصر الحمراء بغرناطة، وتعلق فورمان في إجابة عن تساؤلي عن التصميم «أعتقد أن الملكة قد أمرت بصنعها على شكل النافورة الشهيرة نفسه في غرناطة، وفي الواقع تعمل هذه القطعة أيضاً كنافورة، وما زالت تعمل، غير أنها لا تستخدم كثيراً هذه الأيام فمجرد وضعها في أي حفل ستصبح هي مثار الحديث وقد تشغل الحاضرين».
أسألها عن زيارة الملكة إليزابيث للعرض، وقد بدا من الصور التي نشرت منذ أيام أن الملكة إليزابيث كانت مهتمة بتفاصيل العرض، تقول فورمان «بالفعل رأت الملكة العرض وأعجبت به كثيراً».


مقالات ذات صلة

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

أوروبا الأمير أندرو (رويترز)

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

تصدّر الأمير أندرو الذي استُبعد من المشهد العام عناوين الأخبار في وسائل الإعلام البريطانية أمس (الجمعة)، على خلفية قربه من رجل أعمال متهم بالتجسس لصالح الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (رويترز)

الملكة إليزابيث كانت تعتقد أن كل إسرائيلي «إما إرهابي أو ابن إرهابي»

كشف الرئيس الإسرائيلي السابق، رؤوفين ريفلين، عن توتر العلاقات التي جمعت إسرائيل بالملكة إليزابيث الثانية خلال فترة حكمها الطويلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يلتقي الأمير وليام في غرفة الصالون الأصفر بمقر إقامة سفراء المملكة المتحدة في باريس (أ.ف.ب)

ترمب: الأمير ويليام أبلغني أن الملك تشارلز «يكافح بشدة» بعد إصابته بالسرطان

صرّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأن محادثات جرت مؤخراً مع وليام، أمير ويلز، ألقت الضوء مجدداً على صحة الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق وصول الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا لاستقبال السلك الدبلوماسي في القصر (أ.ب)

هاري يخيب آمال تشارلز بتصريحاته عن طفليه

تحدث الأمير هاري عن تجربته في تربية طفليه، آرتشي وليلبيت، مع زوجته ميغان ماركل في الولايات المتحدة، ما يبدو أنه خيَّب آمال والده، الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

الأمير هاري يسخر من إشاعات الطلاق

سخر الأمير هاري، دوق أوف ساسكس، من الإشاعات المتكررة حول حياته الشخصية وزواجه من ميغان ماركل. جاء ذلك خلال مشاركته في قمة «DealBook» السنوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».