كميل منسى... إعلامي لبناني ارتبط اسمه بإعلان نبأ الهبوط على القمر

كميل منسى مع العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز
كميل منسى مع العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز
TT

كميل منسى... إعلامي لبناني ارتبط اسمه بإعلان نبأ الهبوط على القمر

كميل منسى مع العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز
كميل منسى مع العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز

قبل 50 عاماً، جلس الإعلامي اللبناني كميل منسى أمام كاميرا «تلفزيون لبنان» الرسمي ليبث لهم خبر أول هبوط للبشر على سطح القمر ضمن مهمة مركبة «أبولو 11»، التي تحققت في 19 يوليو (تموز) 1969، وخطفت أنظار الناس حول العالم، وبخاصة المولعون بالعلوم واستكشاف الفضاء الخارجي.
ارتبط وجه منسّى وصوته آنذاك، بالحدث. فإلى جانب البُعد العلمي لخبر مماثل، أعطاه منسى انطباعات شخصية؛ كونه «أنهى بالنسبة للكثيرين فكرة القمر ككوكب بعيد وجميل لا يمكن لأحد الوصول إليه»، فضلاً عن أن «الوصول إلى القمر كانت خطوة كبيرة للبشرية»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً: «هذا الحدث أثر بي شخصياً؛ لأن القمر لطالما كان ملهم الشعراء والعشاق، وفكرة أن الإنسان استطاع الوصول إليه والمشي على سطحه قضى على الصورة المميزة التي لطالما رسمتها في ذهني عنه».
يعد منسى الآن واحداً من أقدم الوجوه الإعلامية التي كانت تطل عبر محطة تلفزيون لبنان (أول محطة تلفزيونية لبنانية)، فكان ينتظره الآلاف أمام شاشات التلفزة كل ليلة ليقدم لهم أبرز الأخبار السياسية والاقتصادية، وغيرها. وأذاع خلال مسيرته أخباراً لأحداث أثرت في العالم، ورسمت تحولاته. فقد أذاع خبر اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1963. ورغم مرور نحو 56 عاماً على هذا الحدث، لا يزال منسى يتذكر بالتفاصيل كيف وصله الخبر.
يقول: «تلقيت اتصالاً وأنا في طريقي إلى لبنان عائداً من دمشق، أُبلغت فيه بأن كينيدي تعرض لإطلاق نار. وعندما وصلت إلى مكتبي في بيروت، وصلني خبر من وكالة الصحافة الفرنسية يشير إلى مقتل كينيدي، وكان يومها يصادف ذكرى الاستقلال في لبنان، وكان التلفزيون الوطني يقيم حفلة مباشرة على الهواء لإحياء هذه المناسبة».
يضيف: «دخلت إلى المسرح وتحدثت مع المخرج إلياس متى آنذاك، وقاطعت الحفل لأذيع خبر وفاة الرئيس مباشرة على الهواء». وكان منسى نقل أيضاً إلى اللبنانيين الساعات الحرجة التي عاشها العالم بسبب أزمة الصواريخ الكوبية والتي كادت تتسبب بمواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
الإعلامي اللبناني أبلغ المشاهدين أيضاً بوفاة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في سبتمبر (أيلول) 1970. يقول: «التقيت بعبد الناصر قبل أيام من رحيله، وكنت حينها برفقة الرئيس اللبناني الأسبق سليمان فرنجية، وتحدثنا معه مطولاً. وكنت قد التقيت أيضاً بعبد الناصر في الكثير من المناسبات السابقة، وجمعتني به علاقة مميزة بالفعل».
ويتابع: «عندما علمت بوفاته، توجهت فوراً إلى التلفزيون وقدمت الخبر على الهواء للبنانيين بتأثر تام ومن دون أي تحضير مسبق، وما قلته كان نابعاً من قلبي لشدة تأثري حينها». ويؤكد أن معظم الأحداث العاجلة التي كان يذيعها لم تكن محضرة مسبقاً، بل كان يعتمد على ذاكرته ومشاعره الصادقة في إلقاء الأخبار.
وعمل منسى مديراً للأخبار والبرامج السياسية في تلفزيون لبنان بين ستينات وسبعينات القرن الماضي، وكان معد ومقدم برامج أيضاً في التلفزيون نفسه، ومراسل راديو «مونتي كارلو» وشبكة التلفزيون الأميركية (إيه بي سي) في بدايات السبعينات. كما عمل مراسلاً للكثير من الصحف الأجنبية الأخرى، وحصل على مركز المدير الإداري لجريدة «أوريان - لوجور» بين عامي 1973 و2003.
ورغم تعدد مهامه الإعلامية والصحافية، وسطوع نجمه في هذا المجال، فإن منسى لم يكن خريج كلية الإعلام، بل دخل إلى المهنة من باب المحاماة. لكنه تأثر منذ طفولته بمذيعي لندن، ولطالما أغوته مهنة الإعلام.
ويقول منسى، إن فكرة التلفزيون في الستينات كانت لا تزال جديدة ومثيرة للاهتمام، وعندما سنحت له الفرصة، بدأ بالعمل في «تلفزيون لبنان» مترجماً للأفلام أولاً، إلا أنه استطاع اجتياز امتحان لمقدمي البرامج بعد فترة وجيزة من الزمن، ليبدأ منذ ذلك الوقت مسيرته المهنية في هذا المجال.
يرى منسى أن وظيفة الصحافي والإعلامي باتت أصعب اليوم، بسبب تدفق المعلومات وصعوبة الانتقاء. ويضيف: «عصر الإنترنت أهدر كل القيم والمبادئ التي يجب على الإعلامي والصحافي التمتع بها؛ لذلك يجب على الإعلاميين الجدد التميَز عبر التمسك بأصول المهنة ومحاربة الأساليب التي تسيء إليها». ويعتبر أن «كل إنسان يمكن أن يكون صحافياً، لكن الإعلامي الحقيقي هو من يعرف كيفية انتقاء الأخبار ومتابعتها والتأكد من مصادرها».
كما يرى أن مهنة الإعلام أصبحت أصعب اليوم، ويضيف: «ستواجه هذه المهنة صعوبات أكثر في المستقبل، لغياب قوانين تنظم عمل المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي». ويضيف: «من قبل، كان الإعلام يخلق رأي عام محلياً، أما الآن فأصبح يكوّن رأياً عاماً عالمياً نظراً لسرعة وصول الأخبار وانتشارها، وهو أمر خطير قد تنشأ عنه فوضى». ومع ذلك، يدعو لمجاراة العالم الرقمي الحالي لضمان استمرارية الوسائل الإعلامية كافة.


مقالات ذات صلة

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بين يدَي تاكاو دوي نموذج هندسي لـ«ليغنوسات» (رويترز)

أول قمر اصطناعي خشبي في العالم تُطلقه اليابان إلى الفضاء

انطلق أول قمر اصطناعي خشبي في العالم صنعه باحثون يابانيون إلى الفضاء، الثلاثاء، في اختبار مُبكر لاستخدام الأخشاب باستكشاف القمر والمريخ.

«الشرق الأوسط» (كيوتو اليابان)
لمسات الموضة استغرق العمل على هذه البدلة سنوات طويلة تفرغ لها 10 عاملين في دار «برادا» (أ.ف.ب)

الموضة تصل إلى القمر

ما أكدته رحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في النصف الثاني من عام 2026 أن التكنولوجيا وحدها لم تعد كافية وأن الموضة وسيلة إغراء قوية.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق بدلة فضاء صُممت بالتعاون مع «برادا» ستستخدمها «ناسا» بدءاً من عام 2026 (أ.ب)

في رحلتهم عام 2026... روّاد الفضاء العائدون إلى القمر يرتدون بزّات من «برادا»

يرتدي رواد فضاء رحلة «أرتيميس3» من «وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)» إلى القمر، التي حُدِّدَ سبتمبر (أيلول) 2026 موعداً لها، بزّات فضائية من دار «برادا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)

مدرسة أميركية تزرع «شجرة القمر» ببذور حلّقت في الفضاء

زُرِعت «شجرة القمر»، كما أُطلق عليها، ببذور طارت حول القمر، ثم وُضعت على عربة شحن برفقة تلاميذ يحملون مجارف للمساعدة في حفر موطنها الجديد.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».