مصر: اكتشاف فسيفساء رومانية في الإسكندرية

تؤكد ثراء سكان المدينة الساحلية في العصور القديمة

الفسيفساء المكتشفة في أحد منازل الإسكندرية
الفسيفساء المكتشفة في أحد منازل الإسكندرية
TT

مصر: اكتشاف فسيفساء رومانية في الإسكندرية

الفسيفساء المكتشفة في أحد منازل الإسكندرية
الفسيفساء المكتشفة في أحد منازل الإسكندرية

اكتشفت البعثة الأثرية المصرية البولندية التابعة للمركز البولندي لآثار البحر الأبيض المتوسط لجامعة وارسو، والعاملة بمنطقة آثار كوم الدكة بالإسكندرية، مجموعة من الفسيفساء الرومانية، كانت تغطي أرضية أحد المنازل بالمدينة.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أمس: «تم اكتشاف فسيفساء رومانية متعددة الألوان بمنطقة كوم الدكة بالإسكندرية مجدداً، ما يؤكد انتشار فن الفسيفساء في الإسكندرية، ويدل على ثراء سكان هذه المنازل في تلك الفترة الرومانية».
ولفت إلى أنه «تم عرض الفسيفساء المكتشفة في فيلا الطيور بكوم الدكة، الذي يعد أول متحف لأرضيات الفسيفساء في مصر».
بدوره، قال الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار إن «البعثتين البولندية والمصرية نجحتا خلال السنوات الماضية في الكشف عن آثار رومانية عدة بالإسكندرية، من بينها بقايا مسرح صغير، وحمام إمبراطوري كبير، ومجموعة فريدة من 22 قاعة محاضرات والتي يرجح أنها بقايا لجامعة قديمة».
بينما أوضح دكتور جريجور مايهرك رئيس البعثة الأثرية، أن «تصميم الفسيفساء التي تم العثور عليها في أرضية أحد المنازل، عبارة عن سطح مربع تزيد مساحته على مترين ونصف المتر، ويتكون من ست لوحات سداسية تبرز فيها زهرة اللوتس، محاطة بإطار دائري نمطي».
ولفت إلى أن «هذا التصميم هو الأكثر بروزاً في غرف الطعام في البيوت الرومانية، ويعتبر مميزاً للطراز السكندري، ومن التكوينات المشهورة التي تتميز بها مصر الرومانية».
وأضاف دكتور مايهرك أن البعثة الأثرية البولندية تعمل بالموقع الموجود في قلب المدينة القديمة منذ عام 1960 بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية، وتركزت أعمال الحفائر في السنوات الأخيرة على دراسة العمارة السكنية التي لا تزال مجهولة نوعاً ما في الإسكندرية الرومانية من القرن الأول وحتى القرن الثالث بعد الميلاد. ويُعرف أن مباني تلك الفترة كانت غالباً مزينة ببذخ.
جدير بالذكر أن المسرح الروماني، يعد أحد أبرز آثار العصر الروماني بالإسكندرية، وهو المسرح الروماني الوحيد في مصر، واكتشف هذا المبنى بالصدفة، أثناء إزالة التراب للبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر بواسطة البعثة البولندية في عام 1960.
وأطلق عليه الأثريون اسم المسرح الروماني عند اكتشاف الدرجات الرخامية، ولكن ثار جدل كبير حول وظيفة هذا المبنى الأثري، وقد استغرق التنقيب عنه نحو 30 سنة.
وفي عام 2004 تمكنت البعثة البولندية بالاشتراك مع جامعة الإسكندرية من اكتشاف بعض قاعات للدراسة بجوار هذا المدرج في شهر فبراير (شباط) 2004، ما دفع البعض إلى الإشارة إلى أن المسرح الروماني، لم يكن مسرحاً بالمعنى المعروف بل كان مدرجاً يستخدم كقاعة محاضرات كبيرة للطلاب، بجانب استخدامه كمسرح في المناسبات والاحتفالات فقط.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».