«إل غوستو» يفوز بجائزة التحكيم بمهرجان أوروبا ـ الشرق للفيلم الوثائقي في أصيلة

كرم وجهين نسائيين تألقا في مجالي الفن والإعلام

جانب من تسلم الفائزين للجوائز التكريمية  -  المخرجة الألمانية باري القلقيلي تتسلم جائزة الإخراج
جانب من تسلم الفائزين للجوائز التكريمية - المخرجة الألمانية باري القلقيلي تتسلم جائزة الإخراج
TT

«إل غوستو» يفوز بجائزة التحكيم بمهرجان أوروبا ـ الشرق للفيلم الوثائقي في أصيلة

جانب من تسلم الفائزين للجوائز التكريمية  -  المخرجة الألمانية باري القلقيلي تتسلم جائزة الإخراج
جانب من تسلم الفائزين للجوائز التكريمية - المخرجة الألمانية باري القلقيلي تتسلم جائزة الإخراج

توج فيلم «إل غوستو» للمخرجة الآيرلندية صافيناز بوزبيا الليلة قبل الماضية بالجائزة الكبرى لمهرجان «أوروبا - الشرق للفيلم الوثائقي» في مدينة أصيلة المغربية، وذلك في ختام فعالياته التي جرت بمكتبة الأمير بندر بن سلطان، ودامت 4 أيام.
ويحكي فيلم «إل غوستو»، وهي كلمة بالإسبانية تعني «المزاج»، قصة لقاء المخرجة صافيناز بوزبيا مع 42 موسيقيا في الدرس الأول للموسيقى الشعبية في معهد الموسيقى الجزائري، وبعد أكثر من 50 عاما التقت صافيناز بأحد الموسيقيين صدفة، وقرر الأخير إعادة إحياء الفرقة، وتولي إدارتها ليأخذها في جولة أسطورية عبر مواقع إحياء الحفلات، حيث أطلقت الفرقة أول ألبوم لها عام 2007.
وبخصوص جائزة الجزيرة الوثائقية، فقد فاز بها فيلم «ناجي العلي في حضن حنضلة» للمخرج فايق جرادة الذي يحكي عن حياة ناجي العلي من جانبها الإنساني. وقدم جرادة في كلمته بالمناسبة الجائزة هدية لمدينة غزة التي ينحدر منها، وإلى فلسطين التي تمنى أن تعيش حرة.
وعادت جائزة الإخراج لفيلم «السلحفاة التي فقدت درعها» للمخرجة الشابة باري القلقيلي من ألمانيا، وهو فيلم يحكي عن معاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال. وعبرت القلقيلي عن سعادتها بمشاركة أفلام من فلسطين في المهرجان وكذا بتتويجها بالجائزة الكبرى في أول مشاركة لها في مهرجان مغربي.
وكانت جائزة السيناريو من نصيب فيلم «غوغل دماغ العالم» للمخرج بن لويس من إسبانيا، والذي يحكي عن نظام «غوغل» وسعيه في جمع المخطوطات والكتب في نظامه معالجا مشكلة الحفاظ على الهوية وكذا الحفاظ على حقوق التأليف للمؤلفين عبر العالم، فيما كانت جائزة النقد من نصيب «التماس» للمخرج الصيني زواو ليان، الذي يحكي بدوره معاناة الشعب الصيني من الشطط في استعمال السلطة، وتشبثهم بالأمل في التغيير.
وكانت جائزة التنويه التي جرت إضافتها هذه الدورة لصالح الفيلم الوثائقي «محمد قل» للمخرج المغربي أيوب اليوسفي.
وشارك في المهرجان 10 أفلام وثائقية لمخرجين من دول مختلفة تنافست على جوائز الدورة الثانية، وهي أفلام تحدثت عن الظلم والاحتلال والهوية والمقاومة من كل من المغرب والصين وإنجلترا وآيرلندا وإسبانيا بالإضافة إلى فلسطين ضيف شرف الدورة الثانية للمهرجان.
وقالت لجنة التحكيم إن اختيار الأفلام الفائزة راعى فيها ظروف تصوير الأعمال والصعوبات التي واجهها المخرجون وكذا المدة التي أنتج فيها العمل والتي قد تصل إلى عشر سنوات كما وقع في فيلم «التماس» للمخرج الصيني زواو ليان، هذا بالإضافة إلى العناصر التقنية والفنية الضرورية في الأعمال الوثائقية.
وخلال حفل الاختتام جرى تكريم شخصيتين نسائيتين مغربية أبدعتا في مجال عملهن هما الممثلة المغربية نورة الصقلي، وهي من بنات مدينة أصيلة، والتي عبرت عن امتنانها لأول تكريم لها بمدينتها بعد أن لقيت الكثير من الجوائز التكريمية بعدد من المهرجانات من مختلف المدن المغربية، فيما كان التكريم الثاني من نصيب الإعلامية المغربية مليكة حاتم، الصحافية بالقناة المغربية الأولى ومعدة البرنامج الوثائقي «الهودج»، الذي حظي بالكثير من الجوائز داخل وخارج المغرب.
وقال صهيب الوساني مدير المهرجان إن «التظاهرة تعد الجمهور بجعلها موعدا سينمائيا متجددا كل سنة، وكذا الحفاظ على التطور والتجدد المستمر من خلال تحسين نقاط القوة وتفادي نقاط الضعف».
من جهته، قال محمد أبو عوض رئيس الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية، إن «المهرجان يسعى للنهوض بالصورة الوثائقية ويعمل على الاستمرار في خط تصاعدي من خلال اختيار أفلام في المستوى والحفاظ على الحضور السنوي لعشاق الأفلام الوثائقية»، مضيفا أن المهرجان يعد بمثابة جسر للتعايش بين الثقافات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».