ديون الأسواق الناشئة تتخطى 69 تريليون دولار بالربع الأول من 2019

ارتفعت مستويات الديون في كل من الأسواق الناشئة والولايات المتحدة إلى مستويات قياسية في الربع الأول من العام الجاري (رويترز)
ارتفعت مستويات الديون في كل من الأسواق الناشئة والولايات المتحدة إلى مستويات قياسية في الربع الأول من العام الجاري (رويترز)
TT

ديون الأسواق الناشئة تتخطى 69 تريليون دولار بالربع الأول من 2019

ارتفعت مستويات الديون في كل من الأسواق الناشئة والولايات المتحدة إلى مستويات قياسية في الربع الأول من العام الجاري (رويترز)
ارتفعت مستويات الديون في كل من الأسواق الناشئة والولايات المتحدة إلى مستويات قياسية في الربع الأول من العام الجاري (رويترز)

قال معهد التمويل الدولي إن انخفاض أسعار الفائدة أدى لطفرة إقراض جديد في الربع الأول من 2019، لترتفع ديون الأسواق الناشئة إلى مستويات قياسية، ويزيد حجم الدين العالمي بثلاثة تريليونات دولار.
وفي الربع الأول من العام الجاري، زادت ديون الحكومات والشركات والمؤسسات المالية والأسر في الاقتصادات الناشئة إلى 69.1 تريليون دولار، بما يعادل 216 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعا من مستوى 68.9 تريليون قبل عام.
وخلص المعهد إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي ارتفعت بأسرع وتيرة في تشيلي وكوريا والبرازيل وجنوب أفريقيا وباكستان والصين. فيما قفز إجمالي دين الولايات المتحدة 2.9 في المائة منذ الربع الأول للعام 2018، ليصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، متجاوزا 69 تريليون في دولار.
وقال إيمري تيفتيك، نائب مدير معهد التمويل الدولي في مذكرة، إن «الزيادة المضطردة على مستوى الاقتصاد في اقتراض الأسواق الناشئة، تواصل النمو لمستويات التزامات أعلى من بعض الحكومات... الاعتماد المتزايد على الديون قصيرة الأجل يترك الكثير من الأسواق الناشئة عرضة لتحولات مفاجئة في شهية المخاطرة العالمية»، وأضاف أن نحو 3 تريليونات دولار من سندات الأسواق الناشئة والقروض المشتركة ستكون مستحقة بحلول نهاية عام 2020، ثلثاها بالدولار.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تحولت بنوك مركزية رئيسية مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي، إلى الميل نحو سياسات أكثر لينا، ومن المتوقع أن توفر حوافز جديدة في محاولة دعم الزخم الاقتصادي، الذي خيمت عليه سحب الحروب التجارية المطولة.
وأدت إمكانية استمرار تكلفة الاقتراض الرخيصة إلى زيادة الديون العالمية ثلاثة تريليونات دولار، إلى 246.65 تريليون دولار، أو 320 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقل بواقع تريليوني دولار فقط عن أعلى مستوى على الإطلاق المسجل في الربع الأول من العام الماضي.
ويشير تيفتيك إلى أن «التباطؤ في تراكم الديون لعام 2018، يبدو أنه كان طفرة أكثر من كونه توجها؛ وهو ما ساعده التحسن في الظروف المالية... فيما عاد المقترضون إلى أسواق الدين بوتيرة هي الأسرع في الربع الأول من العام الجاري»، وتابع أنه «بالنظر إلى المستقبل، قد يؤدي تخفيف السياسات المالية على نطاق واسع إلى دفع المزيد من تراكم الديون في جميع المجالات، مما يقوض جهود تخفيف المديونية ويثير القلق بشأن صدمات طويلة الأجل للنمو العالمي».
وفي الأسواق المتقدمة، كانت الزيادة في مستوى الديون بالربع الأول مدفوعة بشكل أساسي بتراكم الدين الحكومي الذي أضاف نحو تريليون دولار. وشهدت فنلندا وكندا واليابان أكبر زيادة في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، بينما واصلت بعض اقتصادات منطقة اليورو، ولا سيما هولندا وآيرلندا والبرتغال، تقليص المديونية.
وبينما كانت ديون الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة هي الدافع وراء الزيادة القياسية في مستوى الديون، كانت هناك أضواء تحذيرية بالنسبة للشركات الأميركية. ويقول تيفتيك: «مع زيادة ديون الشركات الأميركية فوق المستوى المعتاد، ساعدت زيادة الإقراض المصرفي في رفع ديون الشركات غير المالية إلى مستوى جديد يصل إلى 75 في المائة من إجمالي الناتج، مما زاد من المخاوف بشأن مواطن الضعف في قطاع الشركات».
وكانت بيانات حديثة لـ«بنك أوف أميركا - ميريل لينش» أشارت إلى أنه بالمقارنة مع فئات الأصول الأكثر شيوعاً، فإن ديون الشركات في الأسواق الناشئة تعتبر صغيرة نسبياً. ومع ذلك، فقد نمت بشكل كبير على مدى السنوات العشرين الماضية، من أقل من 100 مليار دولار في العام 1999 إلى نحو 1.5 تريليون دولار في العام الجاري. وكنتيجة لهذا، فإن قيمة الديون المستحقة تجاوزت كلاً من العائد المرتفع في الولايات المتحدة وشرائح الديون السيادية في الأسواق الناشئة.
وقال ثيو هولاند، مدير محفظة أول في شركة فيش لإدارة الأصول: تواصل الشركات في الأسواق الناشئة التفوق على نظيراتها في الأسواق المتقدمة على أساس تصاعدي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بنسبة صافي الدين إلى الأرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين. ويعد تحديد المخاطر والمرونة لدى الشركة عاملاً ذا أهمية كبيرة بالنسبة للمستثمرين. وبالنظر إلى العام الماضي، اتسع الفارق النسبي بين الرافعة المالية الصافية في الشركات الأميركية والشركات الناشئة لصالح الأخيرة. وفي الوقت نفسه، يتم دفع المزيد من الأموال لاستثمارها في ائتمان معين في الأسواق الناشئة، مقابل ائتمان سوقي محدد مقدم لوحدة المخاطرة نفسها. على سبيل المثال، تدفع الشركات الأميركية التي تحظى بتصنيف «بي بي بي» فرقاً قدره 47 نقطة أساس لكل دور من نسبة المديونية؛ مقابل 106 نقاط أساس في الأسواق الناشئة.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.