اتصالات لتشكيل «مجلس حكماء» لـ«إعادة الاعتبار» إلى اتفاق الطائف

نواته رؤساء سابقون وشخصيات سياسية لبنانية

TT

اتصالات لتشكيل «مجلس حكماء» لـ«إعادة الاعتبار» إلى اتفاق الطائف

قالت مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع إن المشاورات تكثفت في الأسابيع الأخيرة لتشكيل «مجلس حكماء» يأخذ على عاتقه «تصويب البوصلة السياسية في اتجاه وضع حد للاستمرار في تجاوز الدستور والتمادي في مخالفة ما نص عليه اتفاق الطائف» الذي أنهى الحرب الأهلية، في ظل «إصرار البعض على تجويفه من مضامينه ما يشكل إخلالاً بالتوازن وتضاربا في الصلاحيات».
وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات التي لا تزال قائمة «حققت تقدّماً ملموساً»، موضحة أنها «تدور بين الرؤساء السابقين للجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، وبمشاركة شخصيات سياسية فاعلة في الشأن العام، وبالتالي فإن مجلس الحكماء المنوي تشكيله سيكون عابراً للطوائف».
ولفتت إلى أن أبرز المشاركين في هذه المشاورات رئيسا الجمهورية السابقان أمين الجميل وميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني ورؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، إضافة إلى شخصيات سياسية بينها نائب رئيس البرلمان السابق فريد مكاري والوزيران السابقان بطرس حرب وطارق متري.
وأكدت المصادر أن فكرة تشكيل المجلس لقيت ارتياحاً من قبل جميع المشمولين بهذه المشاورات الذين «أجمعوا على مشاركتهم فيه تقديراً منهم أن هناك ضرورة لقيام مثل هذا المجلس لقطع الطريق على الإمعان في الانحرافات التي تستهدف اتفاق الطائف»، وصولاً إلى إعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية على قاعدة وجوب الفصل بين السلطات.
وقالت إن مشاورات التشكيل «قطعت شوطاً كبيراً وحققت تقدّماً على طريق الاستعداد لإعلان ولادة المجلس في القريب العاجل». وأكدت أنها «انطلقت من طرح مجموعة من الأفكار التي يُراد منها مقاربة الوضع السياسي بكل تشعّباته بواقعية لا يراد منها الدخول في لعبة تصفية الحسابات وإنما في التركيز على خطة عمل متكاملة تهدف إلى تصحيح ما هو قائم لوقف التجاوزات على الدستور ولإعادة الاعتبار إلى اتفاق الطائف».
وأوضحت أن الاتصالات أوشكت على وضع «برنامج سياسي يكون بمثابة خريطة طريق لإنقاذ الوضع في ظل ارتفاع منسوب المخاوف على مستقبل الاقتصاد، وهذا ما يشكو منه أركان الدولة وباتوا يحذّرون من تعذّر الوصول إلى حلول للمشكلات المالية والاجتماعية والاقتصادية في ضوء الانقسام الحاد الذي يهدد السلطة التنفيذية من حين لآخر من دون أن يتأمّن الحد الأدنى من الانسجام الذي بات ضرورياً لوقف الانهيار وعدم أخذ البلد إلى طريق مسدودة».
وشددت المصادر على أن «هناك ضرورة للنأي بلبنان عن الصراعات والانقسامات الدائرة في المنطقة والعمل بخطوات عملية لتحييده كشرط لتحصين الوحدة الداخلية»، انسجاماً مع ما أوردته حكومة الرئيس سعد الحريري في بيانها الوزاري.
وقالت إن الذين سيتشكّل منهم المجلس المرتقب «لا ينطلقون من حسابات ضيقة ومن مقولة قوم لأقعد مكانك»، واعتبرت أن «هدر الوقت وإضاعة الفرص ليسا لمصلحة البلد وإنما على حسابه وهذا ما يتطلب من الجميع الترفّع عن الحسابات الضيقة والانخراط في عملية حماية مشروع الدولة وإعادة الاعتبار له».
وتوقعت أن يولد «مجلس الحكماء» في أقرب وقت، وقالت إن «البلد لا يقوم باستمرار المناكفات من جهة، وفي انعدام الحد الأدنى من الانسجام داخل مجلس الوزراء من جهة ثانية». وأكدت أن «الذين يشاركون في المجلس لا يرغبون بإطلاق صرخة في الهواء الطلق وإنما بالتأسيس لحالة سياسية تضغط في اتجاه وقف الانزلاق في الوقت المناسب، أي اليوم قبل الغد، وإلا فإن إدارة الظهر لما يتهدد البلد حالياً ستقود حقاً إلى اقترابه من حافة الانهيار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».