يرتبط بجغرافيا السعودية العديد من المعالم الصناعية التراثية التي هجرت منذ عقود من الزمان، وظلت شاهدة على حضارة أو ملامح حضارة كبرى، وكان لبعضها الفضل في إقامة مدن في بعض المناطق السعودية، بالإضافة إلى إحداث نقلة اقتصادية واجتماعية وثقافية.
واستشرفت السعودية أهمية هذا التاريخ الصناعي المهجور في المدن والرمال والصحارى في المملكة، حيث أطلقت وزارة الثقافة السعودية، أمس، أول مسابقة وطنية لتوثيق «التراث الصناعي» في المملكة، بجوائز تصل إلى نحو مليون ريال، ومشاركة مفتوحة لعموم المواطنين والمقيمين عبر موقعها الإلكتروني.
وتندرج المسابقة ضمن برنامج التراث الصناعي الذي أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، عن تأسيسه تحت مظلة وزارة الثقافة، وذلك نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، حيث تهدف المسابقة إلى اكتشاف أهم المعالم المعبّرة عن هذا التراث في جميع مدن ومحافظات المملكة، بمشاركة المواطنين والمقيمين من مختلف الشرائح الاجتماعية.
وفور الإطلاق الرسمي، كتب وزير الثقافة السعودي، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «بعد تأسيس برنامج المحافظة على التراث الصناعي والجهود المبذولة من المسؤولين لدعمه، نطلق اليوم مسابقة لتعزيز مفهومها»، مشيراً إلى أن السعودية «تمتلك أرضاً صلبة لمواقع التراث الصناعي».
وتفتح المسابقة باب المشاركة فيها ابتداءً من اليوم، ولفترة تستمر لثلاثة أشهر، وتنتهي في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ويتطلب الاشتراك فيها إرسال صور أو مقاطع فيديو ومعلومات عن أي موقع في المملكة يرى المتسابق أنه يُحقق شروط التراث الصناعي، وذلك عن طريق الموقع الرسمي للمسابقة.
وستخضع جميع المشاركات فيما بعد لتقييم لجان تحكيم متخصصة، على أن يتم الإعلان عن أسماء الفائزين في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتتركز معايير الفوز بالمسابقة على الجهد الذي بذله المتسابق في اكتشاف الموقع الصناعي وتصديق معلوماته.
وتنقسم المسابقة إلى ثلاثة مسارات: الأول خاص باكتشاف مواقع التراث الصناعي ويكون المطلوب من المتسابق إرسال صور ومقاطع فيديو ومعلومات أساسية عن الموقع المُكتشَف، فيما يتعلق المسار الثاني بتسجيل القصص وتفاصيل الأحداث التي أثرت على الصناعة والحياة الاجتماعية عن طريق تسجيل مقاطع صوتية أو فيديو. فيما يتعلق المسار الثالث بتوثيق قصة الموقع الصناعي من خلال جهد بحثي يشتمل على تاريخ الموقع وتأثيره في الصناعة والمجتمع، وتصل الجائزة في هذا المسار إلى 300 ألف ريال سعودي.
ويهدف البرنامج إلى وجود عدة مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي، حيث تستهدف السعودية خمسة قطاعات، كخطوة أولى للتراث الصناعي، وهي: النفط والغاز، ومناجم التعدين، والصناعات الثقيلة، وصناعة تحلية المياه، والنقل.
بينما تهدف المسابقة إلى توعية المجتمع بأهمية المحافظة على التراث الصناعي، واكتشاف التراث الصناعي في المملكة، وتحفيز المجتمع على القيام بتوثيقه، ووضع المملكة على خريطة التراث الصناعي العالمي، وتأهيل المهتمين بالتراث الصناعي، وتعزيز الهوية الوطنية من خلال التراث الصناعي.
ومن ضمن التراث الصناعي الذي تمتلكه السعودية، بئر الخير (بئر رقم 7)، وهي بئر نفطية، وكانت من ضمن اتفاقية لحقوق الامتياز للتنقيب عن النفط في السعودية في عام 1936 واستغرق حفرها عامين، وفي يوم 3 مارس (آذار) 1938 انفجرت البئر بالبترول، ووصل الإنتاج إلى 1600 برميل يومياً، وبعدها بأيام وصل الإنتاج إلى 4000 برميل يومياً، حيث استمرت البئر في الإنتاج لمدة 44 سنة، ثم أُغلقت عام 1982.
بالإضافة إلى خط «التابلاين» الذي شكل إنشاؤه عصراً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً جديداً للمناطق في شمال وشرق السعودية، إذ كان سبباً في ولادة مدن جديدة في السعودية، بالإضافة إلى تحويلها إلى مدن حضارية، ووفَّر لسكانها فرص العمل والرفاهية.
ويعود سبب إنشاء خط الأنابيب «التابلاين» بعد اكتشاف البترول بكميات وفيرة في المنطقة الشرقية، لنقل نصف مليون برميل يوميّاً من السعودية إلى الأسواق العالمية، مروراً بدول عربية.
وقامت الوزارة بإطلاق مسابقة «التراث الصناعي» التي تتضمن إطلاق تحديات تهدف إلى إشراك وتحفيز جميع فئات المجتمع لإبراز التاريخ الصناعي. وتنقسم المسابقة إلى ثلاثة مسارات: الأول خاص باكتشاف مواقع التراث الصناعي، ويعد الثاني خاصاً بتسجيل القصص وتفاصيل الأحداث التي أثرت على الصناعة والحياة الاجتماعية، فيما يتعلق المسار الثالث بتوثيق قصة الموقع الصناعي من خلال جهد بحثي يشتمل على تاريخ الموقع وتأثيره في الصناعة والمجتمع، وتصل الجائزة في هذا المسار إلى 300 ألف ريال (80 ألف دولار).
وسبق ذلك تأسيس الجمعية السعودية للمحافظة على التراث الصناعي بدعم من وزارة الثقافة، في يوم الاثنين 29 أبريل (نيسان) الماضي، إضافة إلى تأسيس برنامج يُعنى بالتراث الصناعي تحت مظلة وزارة الثقافة، وذلك في اجتماع عُقد في مقر الوزارة بحي البجيري بالدرعية، بحضور الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، والمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وجمع من الصناعيين.
وأكدت وزارة الثقافة أن إطلاقها للبرنامج يُعد ضمن اهتمامها بدعم جميع جوانب التعبير الثقافي في السعودية، سواء المادية أو غير المادية، ويشمل ذلك التراث بجميع أنواعه، الذي يُعد أحد قطاعاتها الستة عشر.
«الثقافة» السعودية تفتح باب توثيق التراث الصناعي
أطلقت مسابقة لاستكشاف المعالم في عموم مناطق البلاد
«الثقافة» السعودية تفتح باب توثيق التراث الصناعي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة