عادت قضية القيادي الفلسطيني محمد دحلان إلى الواجهة أمس، بعد مهاجمته مجددا وبقوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والقضاء الفلسطيني كذلك، ردا على قرار محكمة فلسطينية، بتثبيت حكم سابق بسجنه عامين، وهو الأمر الذي وصفه دحلان بأنه نابع من «حقد شخصي».
وقال دحلان أمس في بيان: «مع أني بحكم معتقداتي أتجنب دوما التعرض لمكانة ومقام القضاء الفلسطيني، إلا أن ما فعله ويفعله محمود عباس بالقضاء الفلسطيني يدعو إلى وقفة مع قواعد سلوك هذا القضاء».
واتهم دحلان الرئيس الفلسطيني بتشغيل القضاء يوم الجمعة، وهو يوم عطلة رسمي لتثبيت حكم السجن عليه بعد ساعات من دعوته بنقل مركز رئاسة السلطة والحكومة إلى غزة فورا، واتضح لاحقا أن نشر القرار كان الجمعة لكن القرار صدر الأحد. وتابع في أعنف هجوم على عباس منذ شهور: «الخلاصة أننا أصبحنا بقضاء فلسطيني يعمل في أيام الأسبوع ما عدا الجمعة وقضاء يعمل لصالح عباس يوم الجمعة».
وكانت النيابة العامة نشرت الجمعة أن محكمة بداية رام الله بتت في الدعوى 244/2014 استئناف جنح المقدمة من المتهم محمد يوسف شاكر دحلان، وأسقطتها. وقالت النيابة: «إن المحكمة أصدرت يوم الثامن من الشهر الجاري قرارا يقضي بإسقاط الاستئناف المقدم من قبل وكيل المتهم». وجاء في نص قرار القاضي: «قرار بالتدقيق تجد المحكمة بأن الحكم المستأنف قضى بحبس المستأنف لمدة سنتين بعقوبة مقيدة للحرية، وحيث إن المستأنف قد تبلغ موعد هذه الجلسة حسب الأصول ولم يحضر ولم يقدم نفسه للتنفيذ قبل الجلسة أو أثناءها وعملا بأحكام المادة 339 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 المعدلة بالمادة رقم 11 من قرار بقانون رقم 17 لسنة 2014 فإن المحكمة تقرر إسقاط الاستئناف. وأفهم في 8/9/2014».
ويقطع قرار تثبيت حبس دحلان الطريق على أي جهود عربية للمصالحة بينه وبين عباس، ويعمق الشرخ الذي تسبب كذلك في توتر العلاقات بين دول عربية والسلطة الفلسطينية، كما يمنع دحلان من الترشح في أي انتخابات فلسطينية. وبدأت الخلافات الطاحنة بين عباس ودحلان، عندما كان الأخير عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح، إذ ظهرت الخلافات للعلن في نهاية عام 2010 بسبب هجوم شنه دحلان على الرئيس عباس وعائلته وشكوك لدى القيادة الفلسطينية حول «تآمره» على الحكم.
وفي يونيو (حزيران) 2011، قررت مركزية فتح فصل دحلان من عضويتها بعد ساعات من مغادرته رام الله إثر محاصرة الأمن لمنزله واعتقال مرافقين له. وجاء في بيان المركزية أن دحلان «ارتكب تجاوزات تمس الأمن القومي والاجتماعي الفلسطيني بما في ذلك الاستقواء بجهات خارجية وارتكاب جرائم قتل على مدار سنوات طويلة، والثراء الفاحش نتيجة الكسب غير المشروع والتآمر الثابت في السلوك في محاولة لاحتلال إرادة فتح كمقدمة لكسر الإرادة السياسية الوطنية». ورد دحلان باتهامات شديدة ضد عباس وأعضاء مركزية فتح.
وبعد عدة مناكفات على فترات متباعدة، وعدة محاولات فاشلة للصلح بين عباس ودحلان، شن أبو مازن في مارس (آذار) الماضي أعنف هجوم ضد الرجل، وكان يمكن وصفه بمحاولة إطلاق الرصاصة الأخيرة عليه، متهما إياه بالتخابر مع إسرائيل والمسؤولية عن اغتيال قيادات في الحركة، والمشاركة في اغتيال قائد القسام السابق، وملمحا إلى مسؤوليته عن تسميم الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، إضافة إلى تهم بمحاولة شراء أسلحة من الإسرائيليين وتوصيلها لسيف الإسلام القذافي أثناء الحرب الداخلية. ورد دحلان فورا باتهام عباس بالتضليل، واتهامه بكل التهم التي كانت قد كيلت إليه، ومن بينها محاصرة عرفات ومحاولة التخلص منه، إضافة إلى اتهامات بالفساد المالي.
وفي مايو (أيار) في نفس العام أصدرت محكمة فلسطينية، قرارا بالحكم على القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان بالسجن لمدة سنتين بتهمة القدح والذم والتحقير بمؤسسات الدولة الفلسطينية. وأفاد بيان صادر عن المحكمة أن المتهم محمد يوسف شاكر دحلان أدين بتهمة الذم والقدح والتحقير بمؤسسات الدولة الفلسطينية، خلافا لأحكام المادة (191) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960.
وكانت هذه أول مرة يحاكم فيها دحلان، بعد صراع طويل مع عباس. ولم تتوقف الحرب على دحلان وحسب، بل طالت محسوبين عليه، إذ فصل عباس قبل شهرين مسؤولين كبارا من عضوية حركة فتح، بينهم وزير سابق وأعضاء مجلس تشريعي حاليون محسوبون على دحلان. وكان دحلان الذي يعرف بالرجل القوي في المؤسسة الأمنية، حليفا لعباس، قبل الخلاف الطاحن بينهما، كما كان أحد أقوى المرشحين في فتح لخلافة عباس، ويقدر مراقبون أن الهجوم الأخير من عباس على دحلان ومحاكمته بالسجن عامين يأتي لقطع الطريق على عودة الرجل إلى السلطة الفلسطينية، لكن دحلان بحسب ما أعلن مرارا ينتوي الترشح مرة ثانية للانتخابات المقبلة الرئاسية والتشريعية وفي انتخابات حركة فتح.
دحلان يهاجم عباس والقضاء الفلسطيني بعد تثبيت الحكم بسجنه عامين
الحكم يقطع الطريق على محاولات المصالحة أو ترشحه للانتخابات
دحلان يهاجم عباس والقضاء الفلسطيني بعد تثبيت الحكم بسجنه عامين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة