إعادة برمجة الخلايا للسيطرة على «الإيدز»

إعادة برمجة الخلايا للسيطرة على «الإيدز»
TT

إعادة برمجة الخلايا للسيطرة على «الإيدز»

إعادة برمجة الخلايا للسيطرة على «الإيدز»

كان امتلاك بعض الأشخاص النادرين القدرة على السيطرة بشكل طبيعي على فيروس نقص المناعة البشرية المسبب لمرض الإيدز، دون الحاجة لعلاج، أمراً مثيراً لاهتمام الباحثين لما يقرب من 15 عاماً، بهدف معرفة سمات هؤلاء الأشخاص، ومن ثم محاولة الاستفادة منها.
وخلال الدراسة التي نشرت، أول من أمس، في دورية «نيتشر ميتابوليزم» (Nature Metabolism)، رصد الباحثون من معهد باستير بفرنسا خصائص فريدة في خلايا الذاكرة المناعية (CD8) لدى هؤلاء الأشخاص، ونجحوا من خلال تجارب خارج الجسم الحي في إعادة برمجة خلايا تم الحصول عليها من مصابين ليس لديهم هذه القدرة الطبيعية، لمنحها القدرة المضادة للفيروسات نفسها، دون علاج.
ويمنح المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية توليفة تضم 3 على الأقل من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، كبحاً لجماح فيروس الإيدز إلى أقصى حد، ولكن أفراداً نادرين، يمثلون أقل من 1 في المائة من المصابين بالفيروس، لا يمكن اكتشاف تكاثر الفيروس في الدم لديهم بعد أكثر من 10 سنوات من الإصابة بالعدوى، وذلك رغم عدم حصولهم على علاج. وفي عام 2007، توصل علماء معهد باستير إلى معرفة النشاط الاستثنائي لخلايا الذاكرة المناعية لدى هؤلاء المرضى، وواصلوا العمل لتحديد الخصائص المحددة لهذه الخلايا، حتى يتمكنوا من منح الخصائص نفسها إلى خلايا الأشخاص الذين لا يملكون تلك القدرة.
وخلايا «CD8»، أو «خلايا الذاكرة» لدى الأشخاص الذين يسيطرون على الفيروس بشكل طبيعي، تبدو متطابقة ظاهرياً مع غيرهم، لكن الباحثين أثبتوا أن لديها مجموعة متنوعة من الموارد الأيضية، حيث تعتمد بشكل خاص على الطاقة التي توفرها الميتوكوندريا (مصنع طاقة الخلية)، التي تمكن الخلايا من البقاء على قيد الحياة في ظروف التوتر.
وفي المقابل، تعتمد خلايا الأشخاص الآخرين الذين لا يسيطرون على الفيروس إلا بالدواء على مصدر وحيد للطاقة (الجلوكوز)، ولديها نشاط محدود من الميتوكوندريا. وتمكّن الباحثون من برمجة خلايا الذاكرة المناعية لدى المصابين العاديين، لتصبح مثل الخلايا الموجودة لدى المصابين النادرين، وذلك عن طريق تحفيز نشاط الميتوكوندريا في خلايا الذاكرة المناعية لدى المصابين العاديين، حيث استخدموا مادة تفرز من قبل الجهاز المناعي المعروفة باسم «إنترلوكين 15»، لتعزيز نشاط الميتوكوندريا، بما مكنها من تدمير الخلايا المصابة بقدرة خلايا المصابين النادرين نفسها. ويقول د. أسير سايز سيريون، من وحدة فيروس نقص المناعة البشرية بمعهد باستير، الباحث المشارك بالدراسة، في تقرير نشره موقع المعهد بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «نتائج بحثنا توضح أنه إذا كانت خلايا الذاكرة المناعية المضادة للفيروس نقص المناعة البشرية من المصابين العاديين غير فعالة نسبياً، فيمكن إكسابها الفاعلية من خلال إعادة البرمجة الأيضية».
وإعادة البرمجة الأيضية للخلايا المناعية استراتيجية يتم اختبارها بالفعل في تجارب سريرية لعلاج السرطان، ويأمل العلماء أن يكونوا قادرين على اختبارها في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية بالجسم الحي في المستقبل القريب.


مقالات ذات صلة

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة جديدة تشير إلى إمكانية علاج مرض قصور القلب (ميديكال إكسبرس)

علاج ثوري جديد لقصور القلب... والتعافي غير مسبوق

تاريخياً، عُدَّت الإصابةُ بقصور القلب غير قابل للعكس، لكن نتائج دراسة جديدة تشير إلى أن هذا قد يتغير يوماً ما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

علماء يرصدون نجماً يبتلع كوكباً

نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)
نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)
TT

علماء يرصدون نجماً يبتلع كوكباً

نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)
نجم يلتهم أحد كواكبه (أ.ف.ب)

شهد نجم، يقع بالقرب من كوكبة العقاب، تضخّماً طبيعياً غير متناسق؛ نظراً إلى كونه قديماً، جعله يبتلع الكوكب، الذي كان قريباً منه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وسبق لعلماء فلك أن رصدوا مؤشرات لمثل هذا الحدث، ولمسوا تبِعاته. وقال الباحث في «معهد كافلي» بـ«معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)»، والمُعِدّ الرئيسي للدراسة، التي نُشرت، الأربعاء، في مجلة «نيتشر»، كيشالاي دي، إن ما كان ينقصهم هو «ضبط النجم في هذه اللحظة خاصة، عندما يشهد كوكبٌ ما مصيراً مماثلاً». وهذا ما ينتظر الأرض، ولكن بعد نحو 5 مليارات سنة، عندما تقترب الشمس من نهاية وجودها بصفتها قزماً أصفر وتنتفخ لتصبح عملاقاً أحمر. في أحسن الأحوال، سيؤدي حجمها ودرجة حرارتها إلى تحويل الأرض إلى مجرّد صخرة كبيرة منصهرة. وفي أسوأ الأحوال، ستختفي بالكامل.
بدأ كل شيء، في مايو (أيار) 2020، عندما راقب كيشالاي دي، بكاميرا خاصة من «مرصد كالتك»، نجماً بدأ يلمع أكثر من المعتاد بمائة مرة، لمدة 10 أيام تقريباً، وكان يقع في المجرّة، على بُعد نحو 12 ألف سنة ضوئية من الأرض.
وكان يتوقع أن يقع على ما كان يبحث عنه، وهو أن يرصد نظاماً نجمياً ثنائياً يضم نجمين؛ أحدهما في المدار المحيط بالآخر. ويمزق النجم الأكبر غلاف الأصغر، ومع كل «قضمة» ينبعث نور.
وقال عالِم الفلك، خلال عرض للدراسة شارك فيها مُعِدّوها الآخرون، التابعون لمعهديْ «هارفارد سميثسونيان»، و«كالتك» الأميركيين للأبحاث، إن «الأمر بدا كأنه اندماج نجوم»، لكن تحليل الضوء، المنبعث من النجم، سيكشف عن وجود سُحب من الجزيئات شديدة البرودة، بحيث لا يمكن أن تأتي من اندماج النجوم.
وتبيَّن للفريق خصوصاً أن النجم «المشابه للشمس» أطلق كمية من الطاقة أقلّ بألف مرة مما كان سيُطلق لو اندمج مع نجم آخر. وهذه الكمية من الطاقة المكتشَفة تساوي تلك الخاصة بكوكب مثل المشتري.
وعلى النطاق الكوني، الذي يُحسب ببلايين السنين، كانت نهايته سريعة جداً، وخصوصاً أنه كان «قريباً جداً من النجم، فقد دار حوله في أقل من يوم»، على ما قال دي.
وبيّنت عملية الرصد أن غلاف الكوكب تمزّق بفعل قوى جاذبية النجم، لبضعة أشهر على الأكثر، قبل امتصاصه. وهذه المرحلة الأخيرة هي التي أنتجت وهجاً مضيئاً لمدة 10 أيام تقريباً.