ماريو لوسيو يبدع في أصيلة الملحمة الموسيقية الأولى من نوعها في أفريقيا

عرس موسيقي أبهر جماهير موسمها الثقافي الدولي

جانب من الملحمة الموسيقية الأفريقية بقيادة المايسترو ماريو لوسيو من الرأس الأخضر (الشرق الأوسط)
جانب من الملحمة الموسيقية الأفريقية بقيادة المايسترو ماريو لوسيو من الرأس الأخضر (الشرق الأوسط)
TT

ماريو لوسيو يبدع في أصيلة الملحمة الموسيقية الأولى من نوعها في أفريقيا

جانب من الملحمة الموسيقية الأفريقية بقيادة المايسترو ماريو لوسيو من الرأس الأخضر (الشرق الأوسط)
جانب من الملحمة الموسيقية الأفريقية بقيادة المايسترو ماريو لوسيو من الرأس الأخضر (الشرق الأوسط)

في رحلة مشوقة عبر الزمان والمكان، أحيا الموسيقار ووزير الثقافة السابق في جمهورية الرأس الأخضر، ماريو لوسيو، الليلة قبل الماضية، بمكتبة الأمير بندر بن سلطان، أمسية موسيقية، شاركت فيها كل فرق موسم الموسيقى الأفريقي في دورته الأولى، الذي احتضنه موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ41. ويهدف إلى الاحتفال بالإبداع الموسيقي في العالم، وبالفنّ الموسيقي الذي تنم روحه عن إلهام أفريقي.
وأبدع لوسيو ملحمة موسيقية في سهرة ختامية اتحدت فيها الأرواح وانتفت فيها الحدود الجغرافية في القارة الأفريقية، من خلال القوة الإيقاعية في الغناء والآلات الموسيقية، وامتزاج الألحان مع سحر الكلمات، لتهدي جمهور «موسم أصيلة» لوحة فنية تصدح بالتراث الأفريقي الساحر.
وضمّت الملحمة الموسيقية التي احتفت بالتراث الأفريقي، مشاركة كل من المغني والملحن الأنغولي شالو كوريا، والفنانة المغربية نبيلة معن، رفقة زوجها عازف القيثارة، طارق هلال، والفنان السينغالي دودو كواتي، والفرقة المغربية وادا «كناوة أصيلة»، والمجموعة الموسيقية سيمنتيرا من الرأس الأخضر، بقيادة الماسيترو لوسيو، الذي يعد من أهم مؤلفي الأغاني المسجلة في بلده، ويحظى بشهرة عالمية بفضل إبداعاته وشاعريته.
واعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمنتدى أصيلة، أن هذه المظاهرة الفنية هي الوحيدة والأولى في المغرب وفي أفريقيا.
وقال بن عيسى: «إنها لحظة ممتعة شهدها ختام سهرات موسم أصيلة الموسيقي، عبر فرق أحيت الإبداع الأفريقي في كل من أفريقيا من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها»، مشيراً إلى مشاركة فرق موسيقية من أصل أفريقي تعيش في المهجر.
وفي لحظة مؤثرة، نوّه بن عيسى بمجهودات الموسيقار ماريو لوسيو، الذي أشرف هذه السنة على تنظيم الملتقيات الموسيقية، منذ بدايتها إلى نهايتها، وتفنن في وقت وجيز بإحداث ملحمة موسيقية ساحرة.
يذكر أن بن عيسى، أعلن هذه السنة عن استحداث «موسم أصيلة» جائزة تمنح لموسيقار أفريقي، ليس بالضرورة أن يكون مقيماً بأفريقيا، وليس بالضرورة أن يكون منتوجه أفريقياً، بل يكفي أن يكون من أصول أفريقية. وهذه ستكون أول جائزة من نوعها في العالم.
وأوضح بن عيسى أن لجنة رباعية ستتكون منه شخصياً، ومن ماريو لوسيو، ومن الشاعر السنغالي أمادو لأمين صال، ومن وزير الخارجية والتعاون والجاليات سابقاً بالرأس الأخضر، فيكتور بورغيس، وتهدف الجائزة إلى تثمين القيمة العليا للموسيقى الأفريقية والموسيقيين الأفارقة، باعتبارها لغة كونية تعبر في الآن نفسه عن روح وهوية القارة السمراء.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».