موسكو مستاءة لضعف حركة النزوح من «الركبان»

دعوات إلى استحواذ روسيا على سوق المحروقات في سوريا

TT

موسكو مستاءة لضعف حركة النزوح من «الركبان»

جددت موسكو توجيه اتهامات إلى واشنطن بعرقلة خروج النازحين من مخيم «الركبان» جنوب سوريا، وأعربت عن «قلق بسبب الوضع الإنساني» في المنطقة. وأصدر المركز الروسي - السوري المشترك لتنسيق عودة اللاجئين السوريين بياناً حمل فيه بقوة على تحركات واشنطن في المنطقة واتهمها بأنها تغض النظر عن تصرفات المسلحين في «مخيم الركبان» الذين «يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية، ما فاقم الوضع الإنساني».
ودعا بيان المركز التابع لوزارة الدفاع الروسية واشنطن إلى «التعامل بموضوعية وتعقل والتوقف عن عرقلة خروج النازحين من المخيم».
وأعرب عن «قلق إزاء انخفاض أعداد من يغادرون مخيم الركبان، بسبب رغبة المسلحين المؤتمرين بإمرة واشنطن في الحفاظ على درع بشرية متمثلة في قاطني المخيم، لأطول فترة ممكنة». وأشار البيان إلى أنه بغية تحقيق هذا الهدف، يزيد المسلحون باستمرار الثمن المطلوب من اللاجئين دفعه مقابل المرور في منطقة التنف حتى معبر جليغم، وهو منفذ إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية.
وأكد البيان على ضرورة «لفت أنظار المجتمع الدولي إلى أن مواصلة الولايات المتحدة وحلفائها الاحتفاظ بأراض سورية، يمدد عمر الأزمة السورية ويعوق جهود التسوية».
ويقع مخيم «الركبان» داخل شريط عمقه 55 كيلومترا حول قاعدة التنف التي تسيطر عليها القوات الأميركية. ودعت موسكو أكثر من مرة إلى إخراج النازحين من المخيم، وأعلنت مع السلطات السورية عن فتح معبرين لتسهيل هذا الخروج، لكن هذا الجهد أسفر عن فشل في إقناع النازحين في المخيم بالخروج إلى مناطق تقع تحت سيطرة النظام. واتهم رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة ومراقبة حركة اللاجئين السوريين، اللواء فيكتور كوبتشين، واشنطن في وقت سابق بالتغاضي عن هذا الوضع، وقال إن بين أسباب امتناع النازحين عن الخروج من المخيم «أزمة الوقود في المنطقة، وحجم (الخوة) المالية المتزايدة، التي يفرضها المسلحون الموالون للولايات المتحدة، على كل من يرغب في مغادرة المخيم؛ ووصل المبلغ إلى ألف دولار عن كل شخص». لكن واشنطن تتهم الروس في المقابل بمنع وصول المساعدات الإنسانية الأممية إلى المنطقة.
وكانت موسكو أعلنت الشهر الماضي أن عدد الذين غادروا «الركبان» بلغ 13 ألفاً و539 لاجئاً؛ 2842 من الرجال، و3817 من النساء، و6880 طفلاً، من أصل نحو 70 ألف نسمة في المخيم؛ وفقاً للتقديرات الروسية.
على صعيد آخر، برزت دعوات في روسيا، إلى توسيع التدخل الروسي في سوق المحروقات السورية لتعويض النقص الذي أحدثه توقف إمداد النفط الإيراني إلى سوريا. ورأى خبراء عسكريون وأمنيون أن «الوقت حان لتحل الناقلات الروسية مكان الناقلات الإيرانية التي تتعرض لضغوط متزايدة». وكتب فلاديمير موخين، في «نيزافيسيمايا غازيتا» أن «التصعيد الذي تمارسه واشنطن وحلفاؤها ضد دمشق وطهران عبر محاصرة حركة ناقلات النفط، ستكون له تداعيات كبرى إذا لم تتدخل موسكو سريعاً لتسوية هذا الملف».
ورأى أن احتجاز مشاة البحرية البريطانيين ناقلة النفط العملاقة المحملة بالنفط الإيراني قد «أُعدّ بعناية في واشنطن ولندن»، مذكراً بتصريح لمستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون حول أن احتجاز الناقلة «أنباء عظيمة» ومؤشر إلى مواجهة «انتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد سوريا». ورأى الخبير أن موسكو تواجه حالياً في سوريا «بداية مرحلة جديدة من الحرب الهجين ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد وقيادة إيران. وأي أعمال جوابية من جانب طهران يمكن أن تتحول إلى أعمال قتالية حقيقية، بل إلى حرب كبيرة في الشرق الأوسط»، موضحاً أنه فضلاً عن «الحصار البحري لنقل السلع إلى سوريا، فرضت الولايات المتحدة، بشكل غير معلن، حظراً على شراء دمشق النفط المنتج في الأراضي السورية التي يحتلها الأميركيون، ما يشكل محاولة لخنق الاقتصاد السوري تماماً».
ورأى الخبير العسكري شامل غارييف أن «الوقت قد حان لأن تحل روسيا محل إيران في سوق المحروقات السورية»، مشيراً إلى أنه «من المستبعد أن تفرض الولايات المتحدة وحلفاؤها حصاراً على ناقلات النفط الروسية المتجهة إلى سوريا. بالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري تشجيع الأسد على تكثيف الحوار السوري الداخلي لحل المشكلات السياسية في البلاد. فحينها يتم تجريد الولايات المتحدة والدول الأخرى من الذرائع ضد النظام السوري الحالي».
واعادت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» التذكير بأن الشهر الماضي شهد استهداف 5 خطوط أنابيب تحت الماء تمر في المياه الساحلية السورية من طرطوس إلى بانياس، ما أسفر عن تسرب هائل للنفط. وقالت إن الخبراء يتفقون على أن هذا شكّل «عملاً تخريبياً» تم إعداده من جانب المسلحين القريبين من «إحدى القوى العسكرية الكبرى المعادية لنظام الأسد». ورأت أنه على موسكو «أن تتعامل مع التطورات الجارية؛ لأنها تعكس محاولة لتكثيف الضغوط على دمشق وعرقلة الجهود الروسية لتطبيع الوضع في سوريا».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.