30 حكاية فنية بمعرض جماعي مصري ـ أوروبي في إيطاليا

يهدف إلى تبادل الخبرات وصياغة خطاب ثقافي مشترك

من أعمال الفنان إيهاب لطفي
من أعمال الفنان إيهاب لطفي
TT

30 حكاية فنية بمعرض جماعي مصري ـ أوروبي في إيطاليا

من أعمال الفنان إيهاب لطفي
من أعمال الفنان إيهاب لطفي

«استوقفني مشهد ابنة شقيقتي ذات السنوات الثلاث وهي تمسك كتاباً مصوّراً، وتستطرد في حكاياتها عما تشاهده بين أناملها الصغيرة... لأسأل نفسي: كيف يمكن للرسوم التي تخيلتها أن تلهمها كل هذه القصص وهي التي لا تستطيع تمييز الحروف بعد؟... تذكرت الفنان الذي يعمل داخل مرسمه لساعات طويلة محاولاً أن يقدم خلاصة معرفته وخبرته ومشاعره وتصوره للحياة في صور بصرية يسرد بها حكايته الخاصة مشتبكاً بها مع حكايات العالم... ومن هنا جاءت فكرة معرضنا (حكايات الفن)».
هكذا تتحدث التشكيلية المصرية شيرين بدر، منسقة المعرض الجماعي المصري - الأوروبي (حكايات الفن)، الذي يقام بالعاصمة الإيطالية روما في الوقت الحالي، ويستضيفه المكتب الثقافي المصري بروما، بتنظيم من منتدى «مؤسسة يورو آراب آرتوداي» و«جمعية دعم العلاقات العربية - الأوروبية».
يعد المعرض هو السادس ضمن مشروع «يورو آراب آرتوداي»، ذلك المشروع الثقافي الفني الهادف إلى تنظيم منتديات ثقافية ومعارض فنية وورش عمل ولقاءات بين فنانين من مختلف البلدان الأوروبية والعربية، ومن مختلف الأعمار والأجيال والمستويات والخبرات، ما يسمح بتبادل الخبرات، وتعميق الحوار الثقافي المصري - الإيطالي، ولصياغة خطاب فني مشترك يمثل الثقافتين العربية والأوروبية.
«يضم المعرض ثلاثين حكاية لثلاثين فناناً من إيطاليا وفرنسا وصربيا وروسيا وبيلاروسيا إلى جانب مصر، يسردون بأعمالهم التشكيلية قصصاً فنية من القلب إلى القلب، حيث كان وراء كل عمل فني حكاية كانت سبباً في ظهوره إلى النور»، بحسب قول منظِّمة المعرض لـ«الشرق الأوسط».
من بين هذه الحكايات بالمعرض؛ حكاية للفنان إيهاب لطفي بعنوان «حاملات الحضارة»؛ التي تدور بأرض النوبة جنوب مصر، وأبطالها القدور والآنية التي تحملها المرأة النوبية والجنوبية بما يمثل معاني الاستقرار والحضارة والخير، معتمداً فيها على إبراز الخط لإظهار الفكرة بأبسط التفاصيل.
أما حكاية الفنانة الفرنسية لاريسا نوري، فجاءت بعنوان «بين الفضاء وغيوم الساحل»، معبرة عن حلم الانسجام بينهما، عبر مزيج من ألوان الأرض والسماء، تجعل المتلقي يغوص في داخل نفسه في تأمل رائع.
تجاورها حكاية أخرى عن الطبيعة أيضاً للفنانة دينا يسري، بعنوان «انتظار ورحيل وصحراء»؛ التي غلب عليها الاتجاه التعبيري متمثلاً في التعبير عن الحالات اللاشعورية المتعددة عند المرأة وعلاقتها، ومدى ارتباطها بالطبيعة المحيطة بعناصرها المتمثلة في الأشجار والصحراء والسماء بأوقات الغروب.
المرأة أيضاً كانت بطلة حكاية مارينا شحاتة، التي تقول: «اعتمدت في لوحتي على الخيال وعلى التصميم وتحقيق الاتزان في اللوحة بين العناصر، وأهم عنصر في اللوحة هو المرأة المتربعة وسط اللوحة، والتي عبرت بها عن القوة والثبات والحنو والمشاعر المختلطة الدافئة وأحلام المرأة المتنوعة التي تخفيها في عالمها الخاص».
بملامح تجريدية جاءت حكاية الفنانة الصربية كريستينا ميلاكوفيتش، التي تسمح للمشاهد برؤية روح الأشكال والتراكيب، حيث تعبر عن المدن الافتراضية والبنايات بوجهة نظر شخصية في تلك الأماكن التي يصبح فيها الزيغ اللوني العنصر الرئيسي الوحيد، أما المناظر الطبيعية لديها فهي كالأحلام التي تدعو الزائر لاكتشافها ببطء.
أما الفنان المصري الإيطالي الدكتور ناصر الجيلاني، فحكايته تحمل ككل أعماله بعداً في الخلفية يحتوي على الشعر المكتوب بالخط العربي، بينما تغطي هذا البعد طبقات من الأداء اللوني المرتبط بتقاليد الفنون الغربية المعاصرة، معبراً بذلك عن وجود الثقافة العربية في أعماقه رغم تواريها خلف التأثيرات الحياتية المعاصرة والمرتبطة بأسلوب الحياة الغربية.
يشار إلى أن المعرض افتتحه السفير المصري في إيطاليا هشام بدر، والدكتورة هاجر سيف النصر، الملحق الثقافي المصري في روما، ورئيس مفوضية السلام بالأمم المتحدة ونائبه، وممثلو وسائل الإعلام والصحافة الإيطالية والأجنبية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».