هل كانت الحرب هدفاً للتحالف في اليمن؟

الرياض وأبوظبي تتعرضان لنيران كثيفة لأنهما أوقفتا تمدد ميليشيا في حديقة الخليج الخلفية

نازحان يمنيان يتزودان بالماء في الحديدة (أ.ف.ب)
نازحان يمنيان يتزودان بالماء في الحديدة (أ.ف.ب)
TT

هل كانت الحرب هدفاً للتحالف في اليمن؟

نازحان يمنيان يتزودان بالماء في الحديدة (أ.ف.ب)
نازحان يمنيان يتزودان بالماء في الحديدة (أ.ف.ب)

في خضم الأزمة اليمنية، لا يظهر أمام الناس عبر الإعلام، سوى السعودية والإمارات، رغم أن التحالف تشارك فيه دول كثيرة، لكن لأن الفاعلية والاتجاه الأكبر تقوده السعودية ومعها عبر الميدان الإمارات، وفي مرحلة أقل السودان، وظهور للكويت والأردن؛ لذلك هذ ما يلفت النظر، الرياض وأبوظبي، تتعرضان لنيران كثيرة لأنهما أوقفا معاً تمدد ميليشيا في حديقة الخليج الخلفية.
ما قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية، كانت السعودية (البلد الأكبر بامتداد جغرافي على الحدود مع اليمن) تراقب عن كثب ما يدور في الداخل لأن أي شرارة تعنيها مباشرة، وأي هدف للحوثيين هو هدف لإيران المحرك الأكبر لميليشيات في المنطقة.
تابعت السعودية ورحبت بمخرجات الحوار في اليمن، الذي يعد أبرز نقطة في تاريخ اليمن السياسي؛ لأنه جمع وأنتج مفاهيم للمستقبل اليمني الذي كان برعاية أممية، تجاور فيها الحوثي مع المؤتمري مع جماعة الإصلاح ومع الاشتراكي وكل أطياف اليمن وجغرافيته، وانتهى حاملاً مشعل نور، وكان ذلك في يناير (كانون الثاني) من 2014.
الحوثيون ومعهم من ناصرهم، لم يريدوا لهذا النور أن يكون ضوءاً، بل استغلوه شرارة لإيقاد حرب في السياسة اليمنية، لطوال سبعة أشهر لاحقة، قبل أن ينفلتوا على صنعاء العاصمة، ومواجهات شاملة مع الحرس الجمهوري، فانقلبوا على الرئيس هادي واحتجزوه في قصره، واختطفوا وزير دفاعه، واغتالوا مكونات سياسية، وطاردوا أحزاباً.
كل ذلك كان مجرد لمحة، وطوال هذا كانت السعودية تراقب؛ لأنه لا يمكن لأمن أي بلد أن يكون في عاليته دون تأمين لمحيطه، ليس عملاً بالتدخل، بل بالسلم والجنح له. ورغم أن الحوثي انقلب في سبتمبر (أيلول) من 2014، فإن دول الخليج ظلت تحث الالتزام بمخرجات الحوار الوطني الكبير طوال 7 أشهر ما قبل «عاصفة الحزم» لكن في بدايات عام 2015 أعلن الحوثيون عن «إعلان دستوري» في ظل غياب الرئيس الشرعي، تضمن تشكيل مجلس رئاسي مكون من خمسة أعضاء، وكذلك تفويض اللجان الثورية بإدارة شؤون الجمهورية، وحل مجلس النواب وتشكيل مجلس انتقالي مكون من أكثر من 500 عضو.
لم تدخل السعودية ومعها دولة الإمارات في أتون الحرب ضد الانقلابيين الحوثيين في اليمن عبر غزو الجمهورية، بل جاءت ومعها تحالف عربي استجابة لطلب من الرئيس اليمني الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادي.
طلبٌ مشروع من الرئيس اليمني في مارس (آذار) 2015، وجهه إلى الملك سلمان والدول الخليجية، طالباً النجدة بوقف عدوان جماعة الحوثي، وهي رسالة لم تدم كثيراً على إعداد العدة الخليجية ومساندة من خمس دول أخرى للمشاركة في تحالف يدعم الشرعية، ويوقف التمدد الحوثي على أراضي اليمن بأوامر إيرانية.
ولم تكن تلك الرسالة اليمنية إلى السعودية ودول الخليج، من فراغ قبل بدء عملية «عاصفة الحزم» بسبب العدوان الحوثي على داخل اليمن واحتلال مؤسسات الدولة، وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس اليمني عبد ربه هادي في العاصمة صنعاء، قبل أن يفر إلى عدن، ومعه مارست عشرات السفارات أعمالها من عدن التي كانت عاصمة بديلة، بعد سيطرة الحوثي على صنعاء.
ذلك الأمر، دعا السعودية والدول الخليجية إلى إصدار بيان لمجلس الأمن في منتصف فبراير (شباط)، دعت فيه إلى إصدار قرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة في اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على السلطة في العاصمة اليمنية.
انتهى الوقت، وانتهت «عاصفة الحزم» وأعلنت السعودية والتحالف بعد 35 يوماً بدء «إعادة الأمل»؛ وهو ما يؤكد أن السعودية والإمارات ومعهما من العرب من معهما لم يدخلا للحرب، بل أكدا في كل مرحلة أن السلام في اليمن هو الهدف وهو ما تؤكده مراحل تالية.
مع بدء «إعادة الأمل» استمر الدور السعودي والإماراتي في دعم العمل السياسي لحل الأزمة اليمنية، الأبرز فيها أن يكون تحالف دعم الشرعية مصغياً أكثر لهدوء السلام بدلاً من تشغيل هدير الحرب، فقد كانت الرياض ومعها من العرب من معها أكثر حرصاً على أن يكون لقاء اليمنيين (الشرعية والانقلاب) في الكويت في أبريل (نيسان) 2016 أكثر تقدماً للحياة في اليمن.
مشاورات الكويت استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، وجمعت الشرعية بالانقلابيين أملاً في التوصل السلمي تجنيباً للمدنيين من كوارث الميليشيات الحوثية، لكن الحوثيين ظلوا على تعنتهم، وأكدته الهدن المعلنة التي لم يلتزموا بها، بل استثمروها في مواصلة تنظيم الصفوف ومعاودة الاعتداءات.
من صفحة أخرى، ولأن الحرب ليست نهجاً للسعودية والإمارات، احتضنت العاصمة السعودية خلال 17 - 18 مايو (أيار) في عام العاصفة 2015، مؤتمراً للحوار اليمني تحت شعار «إنقاذ اليمن وبناء الدول الاتحادية» وبمشاركة أكثر من 300 شخصية يمنية من مختلف القوى والأحزاب، خلص إلى إعلان «وثيقة الرياض» برفض الانقلاب الحوثي، والعمل على استعادة الأسلحة المنهوبة، وبسط سلطة الدولة على الأراضي اليمنية كافة، واستئناف العملية السياسية وبناء الدولة الاتحادية وفق بنود المبادرة الخليجية، والعمل على تجنب اليمن أن يكون مقراً لجماعات العنف أو يشكل تهديداً لدول الجوار.
إنسانياً، لم تتوقف المساعدات بكل أشكالها، فمجمل ما تم دفعه يتجاوز 18 مليار دولار مساعدات لليمن خلال 4 أعوام فقط، وبرنامج لتنمية وإعمار اليمن يقوم بمشاريعه ويفتتحها وسط دخان النيران، وهذا للسلام ذي الصوت الأعلى دوماً.
العمل العسكري، سيتوقف يوماً ما، وهذا لا بد منه، وللسلام أيضاً قوته، وهو ما يستوجب وجود قوة على الميدان تتنقل وفقاً للاستراتيجية الكبرى التي تهم دول تحالف دعم الشرعية في اليمن «السلام أولاً».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.