دعوات في منتدى أصيلة لبلورة ملامح أفريقيا المستقبلية

بن عيسى: خصصنا أسبوعاً كاملاً للاحتفاء بالإبداع الأفريقي

جانب من فعاليات افتتاح أسبوع أفريقيا (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات افتتاح أسبوع أفريقيا (الشرق الأوسط)
TT

دعوات في منتدى أصيلة لبلورة ملامح أفريقيا المستقبلية

جانب من فعاليات افتتاح أسبوع أفريقيا (الشرق الأوسط)
جانب من فعاليات افتتاح أسبوع أفريقيا (الشرق الأوسط)

دعا فيكتور بورغيس، وزير الخارجية والتعاون والجاليات الأسبق في جمهورية الرأس الأخضر، إلى تضافر جهود كل الأفارقة، سواء على أرض القارة أم في المهجر، من أجل بلورة ملامح ما ستكون عليه أفريقيا في المستقبل والعناصر الأساسية لهويتها المقبلة.
وقال بورغيس في افتتاح أسبوع أفريقيا، الذي ينظم ضمن فعاليات منتدى أصيلة، إن ما توجد عليه أفريقيا والأفارقة اليوم «هو نتاج قرارات اتخذت بعيدا عن أفريقيا ولغير صالح شعوبها، من طرف قوى لم يكن مصير ولا ازدهار أفريقيا والأفارقة يتصدران انشغالاتها أو يحظيان باهتمامها».
وأشار بورغيس إلى أن الاستقلالات الوطنية والتجارب الديمقراطية، التي عرفتها الدول الأفريقية، اتسمت بعدم الاكتمال والتعثر. غير أنها أدت إجمالا إلى تحسين أوضاع وظروف عيش الأفارقة والشروط العامة التي تحدد هويتهم الحالية والمستقبلية. وقال: «من هنا تكمن أهمية القدرات الإبداعية التي ستساعد على بلورة هويتنا غدا»، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون ثمرة قرار فوقي، رغم ما يضطلع به كبار المسؤولين من مسؤوليات إزاء الحكم الرشيد والإدارة والتعليم، دون إغفال عوامل توفير الأمن والسلم والاستقرار، ومن خلال ذلك خلق البيئة الملائمة لتفتح القدرات الإبداعية للأفارقة.
كما شدد بورغيس على أهمية تطوير الحوار السياسي مع بلدان القارتين الأميركيتين، وتعزيز المبادلات مع الجاليات الأفريقية في المهجر. داعيا إلى تكاثف جهود كل المبدعين الأفارقة في كل المجالات الفنية والعلمية والتكنولوجية والسياسية والثقافية، وتعبئتها من أجل الانخراط في مسلسل التغيير الذي تحتاج إليه أفريقيا لإعداد مستقبل زاهر لأبنائها.
وثمن بورغيس مبادرة تنظيم أسبوع سنوي للثقافة والإبداع الأفريقي في أصيلة، والتي تشكلت فيها إضافة نوعية في الحوار حول مستقبل أفريقيا، وتمكنت من جمع نخبة من المفكرين والمبدعين والمثقفين الأفارقة حول هذا الموضوع.
من جهته، أعلن محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة في افتتاح الأسبوع الثقافي الأفريقي بأصيلة بأن هذا الأسبوع، الذي سيشكل حدثا سنويا، يندرج في إطار رغبة منتدى أصيلة في الارتقاء بمستوى الاهتمام، والعناية التي ما فتئ يوليها لقضايا أفريقيا وثقافتها وإبداعاتها منذ انطلاقه قبل 41 سنة.
وقال بن عيسى إن «أصيلة والمملكة المغربية، احتفتا دوما بأفريقيا، وبإبداعات أفريقية. ومنذ بداية هذا المشروع قدمت إلى أصيلة قامات سامقة من مختلف البلدان الأفريقية. وكان رائد هذه المسيرة هو الرئيس السنغالي الراحل الشاعر ليوبولد سيدار سنغور، الذي قدم إلى أصيلة في عام 1981، مباشرة بعد استقالته من رئاسة الجمهورية، وأحدثنا بعد ذلك جائزة كبرى للشعر الأفريقي، تحمل اسم شاعر وكاتب مسرحي كبير هو الراحل فيليكس تشيكايا أوتامسي، وأطلقنا اسمه على حديقة في مدينة أصيلة. كما استضافت أصيلة في نهاية الثمانينات أول لقاء للكتاب الأفارقة، حضره 70 كاتبا من كل أفريقيا».
وأضاف بن عيسى أن أصيلة قررت هذه السنة إحداث نقلة كبيرة في طريق الاحتفاء بأفريقيا، عبر تخصيص أسبوع بكامله للاحتفاء بالإبداع الأفريقي، شعرا ورواية وكتابة وموسيقى وغناء.
ويتضمن برنامج الدورة الأولى للأسبوع الأفريقي في أصيلة ثلاث موائد مستديرة ستنظم في مواضيع متخصصة تعنى بالإبداع الأفريقي في أفريقيا وفي المهجر. وشارك فيها خبراء ومفكرون وكتاب ومبدعون من المغرب وتونس ومصر وموريتانيا والسنغال وغامبيا ومالي وغينيا بيساو والرأس الأخضر وغانا والكونغو برازافيل وناميبيا وبوتسوانا. بالإضافة إلى تنظيم مهرجان للموسيقى الأفريقية من خلال حفلات وعروض على مدى أيام الأسبوع. كما أعلن بن عيسى عن إحداث جائزة سنوية للموسيقى الأفريقية.
وينظم هذا الأسبوع في إطار تعاون بين مؤسسة منتدى أصيلة ومنظمة ماريموسيقا من الرأس الأخضر، و«مركز الدراسات لعالم الجنوب الجديد» في المغرب. وقد أشرف على تنظيم هذا الاحتفاء بأفريقيا لجنة رباعية مكونة من محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، وفيكتور بورغيس، وماريو لوسيو سوسا، الشاعر والموسيقار، وزير الثقافة في جمهورية الرأس الأخضر سابقا، وأمادو لمين صال الشاعر والفائز بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الأفريقي التي يمنحها منتدى أصيلة برسم عام 2018.
ونوه لوسيو سوسا بمبادرة بن عيسى إلى إحداث هذه اللجنة، مشيرا إلى أنه كان بإمكان بن عيسى وحده مع فريقه، الذي أشرف لمدة 41 سنة على تنظيم موسم أصيلة الثقافي، أن يقوم بتنظيم الأسبوع الأفريقي منفردا. غير أنه فضل إشراك آخرين من خارج المغرب، من الرأس الأخضر ومن السنغال، الشيء الذي ينم عن روح الانفتاح والأممية وخصال التضامن الأفريقي التي يتسم بها موسم أصيلة منذ انطلاقه.
من جانبه، تحدث لمين صال عن العلاقات المتينة التي تربط المغرب والسنغال، مذكرا بالروابط التي جمعت قيادات البلدين منذ فترة مقاومة الاستعمار وبدايات الاستقلالات الوطنية.
وقال صال: «أفريقيا ليست جميلة، لكن علينا أن نجعلها كذلك، لأنه ليس لنا غيرها، إنها بيتنا، علينا أن نجعلها جميلة لأنها مستقبلنا وسبب وجودنا وكنزنا الوحيد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.