ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو الغرب إلى إمداد بلاده بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي

أوروبا زيلينسكي يمنح وساماً لجندي خلال حفل في كييف وسط الغزو الروسي لأوكرانيا المستمر منذ 3 سنوات (أ.ف.ب)

زيلينسكي يدعو الغرب إلى إمداد بلاده بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي

جدد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يوم الأحد، دعوته الحلفاء الغربيين إلى تزويد بلاده بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي الأميركية من طراز «باتريوت».

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
الولايات المتحدة​ أيام قليلة ويغادر الرئيس الأميركي بايدن البيت الأبيض تاركاً وراءه سجلاً من الإنجازات والإخفاقات التي سيذكرها ويقيمها التاريخ (أ.ف.ب)

ماذا سيذكر التاريخ عن ولاية الرئيس الـ46 وإرثه التاريخي؟

يترك الرئيس جو بايدن منصبه بعد ولاية واحدة فقط، وقد شهدت السنوات الأربع كثيراً من الأحداث الدولية والمحلية والصراعات الحزبية والحروب.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية

روسيا تستهدف وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية... وأوكرانيا تستهدف مستودع وقود جنوب موسكو.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا طائرات مسيّرة روسية خلال معرض دفاعي (أ.ب)

واشنطن تكشف عن دعم سري لصناعة الطائرات دون طيار في أوكرانيا

كشفت الولايات المتحدة عن دعم سري لصناعة الطائرات دون طيار في أوكرانيا، والكرملين قلق من اتفاق الشراكة مع كييف وأي دور عسكري بريطاني.

إيلي يوسف (واشنطن)

البابا: عمليات ترحيل مهاجرين توعّد بها ترمب ستكون «كارثية»

البابا فرنسيس بابا الفاتيكان (أرشيفية - رويترز)
البابا فرنسيس بابا الفاتيكان (أرشيفية - رويترز)
TT

البابا: عمليات ترحيل مهاجرين توعّد بها ترمب ستكون «كارثية»

البابا فرنسيس بابا الفاتيكان (أرشيفية - رويترز)
البابا فرنسيس بابا الفاتيكان (أرشيفية - رويترز)

حذّر البابا فرنسيس الأحد من أنّ عمليات الترحيل الواسعة النطاق التي توعّد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المهاجرين غير النظاميين ستكون «كارثية».

وقال الحبر الأعظم خلال مقابلة مع التلفزيون الإيطالي إنّه «إذا كان هذا الأمر صحيحا فسيكون كارثيا، لأنّه سيجعل أناسا فقراء بائسين لا يملكون شيئا يدفعون الثمن». وتعهد ترمب الذي يتولى منصبه الاثنين، أن يأخذ موقفا حازما من نحو 11 مليون مهاجر لا يملكون إقامات في الولايات المتحدة. وتوعد هؤلاء المهاجرين بـ«أكبر عملية طرد في التاريخ الأميركي» مع أن برنامج الطرد قد يُواجَه بطعون قضائية وباحتمال رفض بعض الدول قبول المُرحّلين.

وسبق للبابا الذي استقبل ترمب في الفاتيكان خلال ولايته الأولى في 2017، أن انتقد موقف الرئيس الأميركي المنتخب حيال المهاجرين.

في فبراير (شباط) 2016، قال الحبر الأعظم «إن شخصا، أيا يكن هذا الشخص، ليس مسيحيا إن أراد فقط بناء جدران وليس جسورا». والعام الماضي، تدخل البابا في الحملة الانتخابية الأميركية وهو أمر نادر الحدوث، واصفا المواقف المناهضة للمهاجرين بأنها «ضرب جنون» ومنتقدا الشخصيات الكاثوليكية الأميركية اليمينية على مواقفها المحافظة جدا.

ووعد ترمب أيضا بوقف منح الجنسية عند ولادة طفل على الأراضي الأميركية إن لم يكن والداه أميركيين، معتبرا أنه إجراء «سخيف» مع أن الدستور يضمن هذا الحق.