الميليشيات توقف تحقيقاً كشف عن تورط قادتها في نهب المساعدات الدولية

الحكومة اليمنية تدعم منظمات المجتمع المدني في تنفيذ المشاريع الإغاثية والتنموية

TT

الميليشيات توقف تحقيقاً كشف عن تورط قادتها في نهب المساعدات الدولية

أفادت مصادر حزبية في صنعاء مناهضة لانقلاب الميليشيات الحوثية بأن الجماعة الموالية لإيران أوقفت تحقيقاً داخلياً بعد أن توصل إلى فساد عدد من قادتها ونهبهم المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية، وذلك تزامناً مع تجديد الحكومة اليمنية دعمها منظمات المجتمع المدني في تنفيذ المشاريع الإغاثية والتنموية.
وذكرت مصادر حزبية لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور كان اتفق مع المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية ليز غراندي المقيمة في اليمن على تشكيل لجنة للتحقيق في اتهامات سرقة المساعدات الغذائية، غير أن قيادياً رفيعاً في الجماعة سارع إلى وقف عمل اللجنة ومصادرة وثائقها بعد أن أثبتت تورط قادة حوثيين كبار في عمليات سرقة المساعدات الغذائية.
جاء ذلك في وقت لا تزال فيه أطنان من المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الإنسانية الدولية للشعب اليمني مكدسة في مخازن تقع بأماكن متفرقة من العاصمة صنعاء تتبع بطريقة مباشرة وغير مباشرة قيادات في الميليشيات الحوثية.
وأشار سكان في صنعاء إلى استخدام الميليشيات قاعات وفصولاً ومكاتب في عدد من المدارس والمؤسسات الحكومية مخازن لإخفاء المساعدات الغذائية. وتطرقوا إلى وجود أطنان من المساعدات الغذائية الدولية التي ما زالت الميليشيات الحوثية تخفيها حتى اليوم بمخازنها وتبيعها بشكل تدريجي في الأسواق المحلية.
وكشف أحد التجار في صنعاء ممن ضاقوا بجبروت الميليشيات، عن وجود أكثر من 15 ألف كيس قمح و18 ألف علبة زيت ومواد غذائية أخرى حالياً بمخازن أحد التجار المقربين من الجماعة الحوثية بالعاصمة صنعاء. وقال التاجر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «جميع تلك المواد عليها شعارات الأمم المتحدة ومقدمة مساعدات للنازحين والفقراء والمساكين في العاصمة صنعاء، في حين يواصل العاملون في مخزن التاجر الحوثي حالياً ومنذ 3 أيام تغيير شعارات الأمم المتحدة بعلامة تجارية أخرى محلية الصنع، ليتمكنوا من بيعها في السوق المحلية على أنها مواد صادرة من شركات تجارية محلية». وكان «برنامج الغذاء العالمي» قد وجه في 13 يونيو (حزيران) الماضي رسالة شديدة اللهجة للميليشيات الحوثية يتهمها فيها بالتزوير والغش وسرقة طعام المحتاجين لإطعام ميليشياتهم.
وأمهلت رسالة المنظمة الحوثيين حتى 20 من الشهر نفسه للحصول على ضمانات والالتزام بالاتفاقيات، مهددة بأنه سيتم تعليق توزيع المساعدات تدريجيا على مناطق سيطرتهم بدءاً من صنعاء.
وعلى ضوء رسالة التهديد واللقاءات المتكررة بين الميليشيات و«برنامج الغذاء العالمي» شكلت الميليشيات الحوثية عبر حكومتها غير المعترف بها دولياً لجنة للتحقيق في سرقة ونهب المساعدات الإنسانية. وما إن توصلت اللجنة إلى المتهمين بنهب وسرقة المساعدات الإنسانية من أفواه الجائعين وبيعها في السوق السوداء، حتى جاء قرار حوثي مفاجئ يقضي بحل لجنة التحقيق الخاصة بسرقة المساعدات الخارجية، وفق المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن قرار وقف همل اللجنة جاء عقب توصلها بالأدلة والإثباتات إلى المتورطين الرئيسيين في سرقة المساعدات الإنسانية، حيث كشف التقرير الذي أعدته؛ ضلوع قيادات حوثية نافذة في ممارسات سرقة المساعدات؛ بينهم القياديان أحمد حامد وعبد الخالق الحوثي.
يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه «برنامج الغذاء العالمي» حتى اللحظة مستمراً في وقف توزيع المساعدات الإنسانية في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة للانقلابيين. وجاء قرار البرنامج بوقف عملياته الإنسانية بمناطق الحوثيين عقب رفض الميليشيات آلية عمل جديدة للتوزيع بحجة أنها تعتمد نظام البصمة للمستفيدين؛ «وهو نظام تجسسي» على حد زعم الجماعة.
وقال المسؤول الأممي ستيفان دوغاريك، في مؤتمر صحافي سابق، إن تعليق توزيع المساعدات في العاصمة صنعاء بوصفه مرحلة أولى سيؤثر على 850 ألف شخص. وأشار إلى أنه سيتم الاحتفاظ ببرامج المساعدات الغذائية المقدمة للأطفال المصابين بسوء التغذية والأمهات الحوامل والمرضعات طوال فترة تعليق المعونة.
وأعلن «برنامج الغذاء العالمي» سابقاً عن حصوله على أدلة تكشف عن سرقة ميليشيات الحوثي الانقلابية المساعدات الإغاثية المقدمة لليمن، والاستيلاء على شحنات الطعام من أفواه الجائعين، لينذر بخطر كبير يعرّض حياة الملايين من الشعب اليمني إلى خطر المجاعة. وأكد «البرنامج» في تقرير له أن «مليارات الدولارات تنفق على المساعدات الغذائية لليمن، لكنها تُسرق من أفواه الجوعى؛ مما جعل ملايين اليمنيين على بُعد خطوة الآن من المجاعة». وطالب بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، بعد الكشف عن أدلة تثبت حدوث هذه الممارسات من قِبل ميليشيات الحوثي الانقلابية في صنعاء وأجزاء أخرى من البلاد.
ويرى مراقبون محليون أن قرار وقف «البرنامج» توزيع المساعدات الغذائية سيزيد من معاناة اليمنيين، وأنه سيعمل على تفاقم معدلات الفقر والجوع والمجاعة في أوساط الشرائح اليمنية. وحمّلوا الميليشيات الحوثية المسؤولية الكاملة عما يتعرض له السكان من معاناة إنسانية.
على صعيد ذي صلة، أكد وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية عبد الرقيب فتح، دعم الحكومة منظمات المجتمع المدني كافة في تنفيذ مشاريعها الإغاثية والتنموية والمجتمعية في مختلف المحافظات، خصوصاً برامج ومشاريع دعم سبل العيش، والمشاريع كثيفة العمالة، وبرامج الشباب والمرأة. وشدد فتح في تصريحات رسمية في العاصمة المؤقتة عدن أمس خلال لقائه عدداً من منظمات المجتمع المدني، على أهمية التركيز على البرامج والمشاريع المتنوعة التي تعود بالنفع المباشر على المواطنين في المحافظات كافة، في ظل المرحلة التي تمر بها بلاده. وناقش اللقاء ما يتم تنفيذه من مشاريع خاصة إغاثية وصحية وتعليمية للنازحين، والشباب، والمرأة، وما سيتم تنفيذه من مشاريع في مختلف المجالات خلال المرحلة المقبلة في عدد من المحافظات، مشيداً بما تقدمه مؤسسات المجتمع المدني من جهود مجتمعية تسهم في نهضة اليمن.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.