عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، شاركت في الاجتماع الثاني للجنة الدائمة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، بعنوان «أسواق رأس المال البديلة للنمو الاقتصادي في البحر المتوسط... الدور الحاسم للبرلمانيين»، بمدينة ميلان الإيطالية. وقالت القبيسي إن دعوة المجلس للانضمام لهذا الاجتماع أمر في غاية الأهمية بالنسبة لنا في الإمارات، مضيفة أن هذا يؤكد أن دول حوض البحر المتوسط ترى الإمارات شريكاً استراتيجياً، وهي النظرة ذاتها التي تنظرها الإمارات إلى دول البحر المتوسط.
> أشرف دبور، سفير دولة فلسطين لدى لبنان، حضر في العاصمة بيروت حفل إطلاق مجلة «المقدسية» الأولى من نوعها في الوطن العربي، التي تصدر عن مركز دراسات القدس في جامعة القدس. وأكد رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك، خلال الحفل، أن المجلة جاءت ثمرة للتعاون بين مركز دراسات جامعة القدس ودار أبعاد، وترسيخاً للعلاقات التاريخية المشتركة اللبنانية الفلسطينية.
> سايمون مارتن، السفير البريطاني في المنامة، استقبله الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية. وثمّن السفير الجهود الكبيرة التي يبذلها الشيخ خالد بن حمد آل خليفة لدعم العلاقات البحرينية البريطانية وبخاصة على صعيد الحراك الرياضي، مُرحباً بإقامة بطولة القتال الشجاع «بريف 24» في العاصمة لندن، والتي سيكون لها انعكاساتها الواضحة على تطور رياضة فنون القتال المختلطة في البلدين.
> أحمد فاضل يعقوب، سفير مصر لدى باكستان، التقى كُلاً من السيناتور محمد صادق سنجراني، رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني، والسيناتور رجا ظفر الحق، زعيم المعارضة بالمجلس ورئيس مجموعة الصداقة المصرية الباكستانية، اللذين أكدا تقديرهما لمصر قيادةً وشعباً، وأبديا الرغبة في تطوير العلاقات البرلمانية بين الجانبين لآفاق أرحب. وتناول الاجتماع - الذي عقد بمقر مجلس الشيوخ - العلاقات بين البلدين بشكل عام، وعلى المستوى البرلماني بشكل خاص وسبل دفعها للأمام، بما يعود بالنفع على شعبي البلدين.
> مارلين طوني كيروز، النائبة في البرلمان الأسترالي، وزيرة البلديات في ولاية فكتوريا الأسترالية، زارت بلدية دير الأحمر في البقاع الشمالي بلبنان، وعقدت اجتماعا مع رئيس البلدية لطيف القزح، وأعضاء المجلس البلدي، وجرى التباحث في مجالات التعاون المشترك. وعرضت كيروز تجربتها في الحياة العامة بأستراليا، واطلعتْ على المشاريع التي أعدتها البلدية.
> رامية يوجاراجان، سفير سريلانكا في القاهرة، حضر مناقشة رسالة ماجستير بكلية أصول الدين بالقاهرة جامعة الأزهر، بعنوان «زوائل الرجال مستدرك الحاكم على التهذيبين وصحيح ابن حبان» تحت رعاية جمعية سفراء الهداية للطلاب الوافدين بالأزهر. وقال السفير إن «الأزهر يسعى بخطى ثابتة لنشر وسطية الإسلام، فيأتي طلابنا من سريلانكا إلى الأزهر لينهلوا من العلوم الإسلامية التي تتسم بالوسطية والاعتدال، وما يتعلمونه هنا في مصر بلد الأزهر».
> محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال المغربي، قام برفقة الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بزيارة استطلاعية لموقع ليكسوس الأثري، وذلك للوقوف على أهم المنجزات المرتبطة بتأهيل الموقع. وأكد الوزير اعتزازه بالقيمة التاريخية والمجالية الاستثنائية للموقع، الذي حظي منذ افتتاحه الرسمي باهتمام وتتبع بالغين فاقا حدود المملكة، اعتباراً لكونه أقدم حاضرة في المغرب، امتدت لـ22 قرناً من التاريخ، وأحد أنشط المراكز الحضرية على مستوى البحر الأبيض المتوسط، مما يجعله نموذجاً حياً لعراقة التراث الوطني.
> خلود دعيبس، سفيرة فلسطين لدى ألمانيا، شهدت افتتاح فعاليات أسبوع فلسطين الثقافي تحت شعار: «جذور وهوية»، في العاصمة الألمانية برلين. وفي كلمتها الافتتاحية، رحبت السفيرة بالحضور من أبناء الجالية الفلسطينية والعربية والضيوف والمشاركين بالحدث، وشددت على أهمية مثل هذه النشاطات لما لها من دور بارز وأساسي في المحافظة على الثقافة والتراث والهوية الفلسطينية.
> جيامباولو كانتيني، السفير الإيطالي في القاهرة، شهد والدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمصر، افتتاح فعاليات المدرسة التدريبية الصيفية الأولى للطاقة الجديدة والمتجددة. والتي تأتي ضمن اتفاقية التعاون المشترك بين الأكاديمية والسفارة؛ وتستهدف تدريب 100 طالب من شباب الباحثين المصريين من طلبة الدكتوراه والماجستير في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، والذين يمثلون 31 جامعة ومركزاً بحثياً من 13 محافظة في أنحاء مصر.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)