وزارة الثقافة السعودية تعزز حضورها بأعمال إبداعية في 5 قارات

دعمت أعمالاً سعودية في البندقية وسان بطرسبرغ وبوينس آيرس

الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان عزز الحضور السعودي في المحافل الدولية (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان عزز الحضور السعودي في المحافل الدولية (الشرق الأوسط)
TT

وزارة الثقافة السعودية تعزز حضورها بأعمال إبداعية في 5 قارات

الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان عزز الحضور السعودي في المحافل الدولية (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان عزز الحضور السعودي في المحافل الدولية (الشرق الأوسط)

بلورت وزارة الثقافة السعودية حضورها العالمي في الأوساط الدولية بدعم الأسماء الشابة المبدعة في الفنون بالوجود بكبرى المعارض في 5 قارات، وتسليط الضوء على الإبداع المحلي المنبثق من البيئة السعودية وتقاليدها وإرثها العريق، رغم أنه لم يمضِ على إعلان الوزارة لاستراتيجيتها سوى 3 أشهر وبضعة أيام.
ويعد توجه الوزارة لتعزيز مكانة المملكة دولياً أحد الأهداف الثلاثة الرئيسية التي حددها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان في رؤية واستراتيجية الوزارة التي قادت الأعمال الفنية للمواهب الشابة لمنصات المعارض العالمية.
ولم يكن دعم الوزارة 3 فنانين سعوديين (فاطمة البنوي بعمل «غمضة عين»، وأيمن زيداني بعمل «أحجار الإبحار»، وفيصل سمرة بـ«قبضة أمل») في بينالي «بينالسور» للفن المعاصر، الذي من المقرر أن يمر بالمملكة أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في رحلة عبوره 5 قارات بدءاً من العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس وانتهاء بطوكيو اليابانية، أول الدعم للوزارة الجديدة، إذ سبق أن دعمت مشاركة الدكتورة زهرة الغامدي في جناح المملكة المشارك في فعاليات الدورة 58 لمهرجان البندقية للفنون (بينالي البندقية) بعملها الفني «بعد توهم»، الذي يتكون من 50 ألف قطعة بعنوان «الاحتمالات اللانهائية للوصول إلى الهدف ومعرفة الذات».
كما دعمت الوزارة مشاركة الفنانتين السعوديتين لولوه الحمود ودانية الصالح في معرض «الذكاء الاصطناعي والحوار بين الثقافات» الذي يحتضنه متحف «هيرميتاج» في روسيا من 6 يونيو (حزيران) الماضي إلى 7 يوليو (تموز) الحالي. وشاركت الفنانتان السعوديتان بعملهما الذي يوضح كيف يمكن خلط العناصر التقليدية والمستقبلية بسلاسة للتعبير عن مفاهيم إبداعية، تتضمن مزيجاً من الخط العربي القديم مع عناصر من الذكاء الاصطناعي.
ويبدو أن فريق الوزارة الذي يقوده الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان عازم على تعزيز الحضور السعودي في المحافل الدولية، وتسليط الضوء على الإبداع المحلي المنبثق من البيئة السعودية وتقاليدها وإرثها العريق.
كما نظمت الوزارة مع دار «كريستيز» في جدة التاريخية مزاداً فنياً يقام للمرة الأولى في المملكة، ضم أعمالاً سعودية، بيعت بالكامل في يونيو الماضي، في محاولة حثيثة لفتح النوافذ على الإبداع السعودي.
وكان وزير الثقافة السعودي أكد عند إعلانه رؤية وتوجهات وزارته في مارس (آذار) الماضي، أن الوزارة «ستقود جهود تنمية القطاعات الثقافية والفنية في المملكة، بما يثري نمط حياة الفرد ويشجّع على التعبير والحوار الثقافي». كما تؤكد رؤية الوزارة على تشجيع الحوار الثقافي مع العالم.
من جهته، يرى الدكتور سامي جريدي رئيس قسم اللغة العربية في جامعة الطائف، أن «من النجاحات الكبرى لأي مشروع ثقافي أو فني وصول صوته ورسالته إلى الخارج»، محذراً من أن يكون «تأطير الفنون وتحديدها بجمهورها المعتاد الذي يقابلها دائماً في معارضها الداخلية ما يجعلها تدور في حلقة ضيقة».
ويذهب جريدي، مؤلف كتاب «المفاهيمية في الفن التشكيلي السعودي»، بعيداً بتفاؤله بما تقوم به وزارة الثقافة «بتشكيلها الجديد وما تحظى به من دعم قوي ومتقن من وزيرها الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان والاهتمام الملحوظ بالفنون البصرية بكل أنواعها وأطيافها من مشاركات خارجية»، معتبراً أن ذلك «يعد نجاحاً وعملاً جباراً ستُفتح به آفاق كبرى لمشاريع بصرية أخرى تنافس فيها السعودية ثقافياً وفنياً الدول المتقدمة كأوروبا وغيرها في السنوات القريبة المقبلة».
ويشدد جريدي الذي فاز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي 2011، على ضرورة إتاحة المجال للفنون المعاصرة وما بعد الحداثة وفنون المفاهيمية لتغيير صورة المتلقي بالخارج الذي كانت نظرته إلى الفن في السعودية بأنه فن كلاسيكي تقليدي غير قادر على مجاراة تقدم الفنون البصرية العالمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».