«التيار الوطني» يشكك في «مصالحة الجبل» ويصفها بـ«المزيفة»

«القوات» و«الاشتراكي» ينتقدان موقفه

TT

«التيار الوطني» يشكك في «مصالحة الجبل» ويصفها بـ«المزيفة»

وضع «التيار الوطني الحر»، «مصالحة الجبل» التي رعاها البطريرك الراحل نصر الله صفير، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، في عام 2000، وأدت إلى إنهاء مفاعيل «تهجير الجبل»، وعودة قسم كبير من العائلات المسيحية إلى مناطق الشوف وعالية، على طاولة التشريح، بعد الأحداث التي شهدها الجبل يوم الأحد الماضي، خلال زيارة رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل إلى المنطقة. وطرح «التيار» أكثر من علامة استفهام حول مصيرها ووصفها بـ«المزيفة»، وهو ما أدى لحملة استنكار واسعة من قبل حزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» اللذين أكدا التزامهما بها وبحمايتها.
واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون، أنه بعد الذي حصل يوم الأحد الماضي «بات كل لبناني، وخصوصاً ابن الجبل يسأل: أين هي المصالحة التي قيل إنها تمت في عام 2000؟ وما هو مصيرها؟»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العودة إلى الممارسات التي كانت سائدة قبل هذه المصالحة تؤكد أنها مهددة، وإلا فكيف نفسر محاولة فرض الرأي بقوة السلاح، وإطلاق الرصاص المباشر على كل من يخالفنا الرأي، ويأتي ليزور المنطقة؟». وقال: «هذا المسلسل لا يمكن أن يستمر. والصعوبة والخطورة تكمن في غياب ملامح الحل لأزمة الثقة هذه، وإن كنا نؤكد بوجع انفتاحنا وقناعتنا النهائية وتمسكنا بالتعايش مع الدروز والمسلمين، أياً كانت الصعوبات التي تواجهنا».
واعتبرت المصالحة التي تمت قبل 19 عاماً محطة تاريخية في العلاقات المسيحية – الدرزية. وقد نظّم «التيار الوطني الحر» في شهر مارس (آذار) الماضي قداساً حضره جنبلاط حمل اسم «المغفرة والتوبة»، وتم وضعه في خانة «تكريس المصالحة»، واعتبر خلاله باسيل أنه «لا ينبغي أن تهتز المصالحة إذا اختلفنا في السياسة».
واستغرب عضو الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب هادي أبو الحسن، تشكيك «التيار الوطني الحر» في حقيقة المصالحة وفعاليتها، مشدداً على أن مفاعيلها كثيرة على الأرض، وتتجلى بالحياة اليومية في الجبل؛ حيث الشراكة الحقيقية على المستويات كافة. وأسف الحسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» لـ«وجود فريق سياسي هو فريق (التيار) يرفض الاعتراف بالمصالحة؛ لأنه لم يكن طرفاً أساسياً فيها حين حصلت، لذلك قبلنا وتماشينا معهم بعقد لقاء وقداس في دير القمر، فإذا بنا نفاجأ عندها بمواقف تهدف لنكء الجراح». وأضاف: «تجمعنا اليوم بـ(القوات) و(الكتائب) أفضل العلاقات التي لا تشوبها شائبة، وهما يؤكدان على ثبات المصالحة واستمراريتها، فهل تكون المشكلة بهذه المصالحة أم بالفريق الذي يهاجمها؟».
وعبّر أمين سرّ تكتّل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم، عن أسفه لسعي فريق الوزير باسيل لإلغاء المصالحات، بدل العمل للانضمام إليها، معتبراً أنه لاستكمال المصالحات يتوجب خلق أجواء إيجابية، وليس ضربها بهدف الإعداد لأخرى جديدة. ورأى كرم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن النهج الذي يعتمده «التيار الوطني الحر» في هذا المجال «خطير»؛ مشدداً على أنه «ليس كل ما يطالب به باسيل له شخصياً يفيد المسيحيين، وليس كل صدام يحصل معه هو صدام مع المسيحيين». وختم: «ما يحدث نزاعات سياسية، لها حسابات شخصية وحزبية، لا علاقة للمسيحيين أو الدروز أو المسلمين بها».



غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.