«رحلة في الروح» تعكس جماليات سحر الطبيعة في معرض بالقاهرة

أعمال الفنان الفرنسي الكردي دلشاد كويستاني تدعو للغوص في أعماق النفس البشرية

غوص في أعماق النفس البشرية
غوص في أعماق النفس البشرية
TT

«رحلة في الروح» تعكس جماليات سحر الطبيعة في معرض بالقاهرة

غوص في أعماق النفس البشرية
غوص في أعماق النفس البشرية

عبر مساحات لونية ممتدة غاب عنها البشر وصخب الحياة ننتقل إلى الطبيعة والصفاء والسلام في رحلة جميلة من الروح وإليها، لنعود مرة أخرى على أرض الواقع، لكن بمشاعر وأفكار جديدة، فهذه المساحات التي تقدمها نحو 35 لوحة أبدعها الفنان الفرنسي دلشاد كويستاني، ويضمها معرض افتتحه السفير الفرنسي ستيفان روماتيه بالقاهرة أخيراً بـ«غاليري بيكاسو»، تحت عنوان «رحلة في الروح».
هي بالفعل رحلة حميمة في الروح، فقد نجح الفنان في أن يجعل من فنه جسراً لا حدود له نمر عبره إلى الطبيعة والسحر والجمال، وأثناء ذلك جعلنا أيضاً نغوص في أعماق النفس البشرية لنرتقي بها، يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «كلنا ننتمي إلى الطبيعة، لكن هل نحاول بشكل كاف استشعار وتذوق ما بها من جاذبية وجمال». ويتابع: «أسعى من خلال الفن لأن أحقق ذلك، وأن أدعو إلى تأمل كل تفصيلة ظاهرة أو خفية، صغيرة أو كبيرة في الطبيعة، لأن في ذلك عودة للإنسانية والسمو بها، بعيداً عن أي انتماءات آيدلوجية أو مرجعيات ثقافية أو عرقية أو شخصية، فيبقى دوماً في النهاية أننا بشر تجمعنا نقاط التقاء وحوار، وما أروع أن يتم ذلك في حضرة الفن».
المتلقي يجد نفسه أمام أعمال تنقل له بعضاً من ملامح الكون وتفاصيله؛ السماء والأنهار والصحاري، والأشجار، وعنف الطبيعة وهدوءها، ورقي الحياة وبدائيتها، ذلك أن كويستاني الغارق في حب الجمال قد تعمد أن يخرج بنا من حيز عالم الماديات والحضارات الصاخبة إلى فضاءات أكثر رحابة ونقاءً، تكون فيها البطولة بلا منازع للطبيعة بكل روعتها. وهو يستخدم بالتة ألوان استعارها من الطبيعة، حيث تميل مساحاته إلى الأزرق والبني والأصفر والبرتقالي والأخضر، وبينما يطل علينا اللون الأبيض من مساحة صغيرة تظهر في بعض اللوحات، فإن لوجوده حضوراً خاصاً يرسخ داخلنا الإحساس بالصفاء النفسي والنقاء، ويساعد على تحرر الجسد والتحيز إلى سمو الروح والأفكار. وحول هذه الألوان يقول: «اللون البرتقالي عبارة عن مزيج من الأحمر والأصفر، ما يجعله اللون الأكثر نشاطاً، وهذا اللون بالنسبة لي يثير الدفء والود والترحاب».
الأمر لا يقتصر على ذلك، فعندما تربط بين لوحات الفنان الفرنسي من ناحية الألوان، والخطوط، والمرجعية الثقافية والحضارية للفنان ذي الأصول الكردية، ستدرك أن جانباً من فنه إنما يمثل رحلة داخلية يستعيد فيها مشاهد موجعة من حياته. أما إذا عرفت الفنان عن قرب، والتقيت به، وقدر لك أن تحاوره عن الحياة والفن، فإنك حتماً ستربط بين إبداعاته، وما يستعين به من أسلوب فني وأشكال تعبيرية تغلفها لغة فنية عذبة تارة، وتجنح إلى التوحش تارة أخرى، وستربط بين ذلك كله وبين سمات روحه حيث الصفاء والسلام والبهجة والقوة وثراء الثقافة.
معرض «رحلة في الروح»، هو الإطلالة الثانية للفنان الفرنسي على الجمهور المصري، بعدما أقام منذ نحو عام معرضه الأول في «مركز كرمة بن هانئ» بالقاهرة، وحول ذلك يقول: «النجاح الكبير الذي حققه معرضي السابق في مصر، وتذوق المصريين له وتحاورهم معي حوله حتى بعد عودتي إلى فرنسا هو ما جعلني حريصاً على تجديد التلاقي معهم، ولكم يسعدني عرض أعمالي في دولة لها ريادة ثقافية وتحتفي بالفن وتقدره مثل مصر».



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.