اتهمت كوريا الشمالية، أمس، الولايات المتحدة بأنها «عازمة على القيام بأعمال عدائية»، بعد أيام قليلة من اتفاق زعيمي البلدين على استئناف المحادثات لنزع الأسلحة النووية.
وأجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقاء لم يكن مقرراً مسبقاً مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في الأراضي الكورية الشمالية الأحد الماضي، حيث ابتسما وتصافحا؛ في مؤشر على إنهاء الجمود في المحادثات بين الطرفين.
لكن في تبدّل سريع في اللهجة، أفادت بعثة بيونغ يانغ لدى الأمم المتحدة، أمس، بأن الولايات المتحدة تواصل «هوسها بالعقوبات». واشتكت من أنه بالتزامن مع دعوة الرئيس الأميركي إلى كيم لعقد محادثات، أرسلت الولايات المتحدة رسالة لجميع أعضاء الأمم المتحدة تحضّهم فيها على إعادة العمال الكوريين الشماليين إلى بلدهم، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأفادت البعثة بأن الرسالة التي وقعت عليها بريطانيا وفرنسا وألمانيا كذلك، أُرسلت في 29 يونيو (حزيران) الماضي، وهو اليوم الذي قال فيه ترمب في تغريدة إنه يرغب في مصافحة كيم خلال زيارة إلى المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين.
وأكد بيان صحافي صدر عن بعثة كوريا الشمالية: «ما لا يمكن تجاهله هو حقيقة أن بعثة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة أرسلت هذه الرسالة بأمر من وزارة الخارجية، في اليوم ذاته الذي اقترح فيه الرئيس ترمب عقد لقاء القمة». وعدّت أن الولايات المتحدة «عازمة أكثر فأكثر على القيام بأعمال عدائية» ضد بيونغ يانغ، حتى في الوقت الذي تسعى فيه للحوار.
لكن في الواقع، أرسلت الرسالة الأميركية في 27 يونيو الماضي، وحثّت جميع الدول على الالتزام بعقوبات تدعو لإعادة جميع العمال الكوريين الشماليين بحلول نهاية 2019. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عشرات آلاف الكوريين الشماليين يتم إرسالهم إلى الخارج كل عام؛ معظمهم إلى الصين وروسيا حيث يعملون في ظروف أشبه بالعبودية لجلب عائدات بالعملة الصعبة إلى بيونغ يانغ.
وأفادت بعثة كوريا الشمالية: «لسنا متعطشين لرفع العقوبات»، مضيفة أن اعتبار الولايات المتحدة العقوبات «الحل السحري لجميع المشكلات» هو أمر «سخيف للغاية». وتحظر عقوبات الأمم المتحدة إبرام أي عقود جديدة مع العمال الكوريين الشماليين، وتلزم جميع الدول التي لديها عمال من البلد الشيوعي بإعادتهم بحلول نهاية عام 2019.
ونوّهت الدول الأربع في الرسالة بأن 34 دولة فقط أرسلت تقارير إلى الأمم المتحدة بشأن الخطوات التي قامت بها في هذا الصدد حتى الآن. وكان ترمب أول رئيس أميركي يزور كوريا الشمالية الأحد الماضي، حيث عبر الحدود في المنطقة منزوعة السلاح بعدما وجّه دعوة عبر «تويتر» في اللحظات الأخيرة للزعيم الكوري الشمالي للقائه هناك.
وأدى ذلك إلى تحسّن العلاقة المتقلبة بين الطرفين، بعدما انتهت قمتهما الأخيرة في هانوي من دون اتفاق.
وقال ترمب إنهما اتفقا على إطلاق محادثات على مستوى فرق العمل للتوصل إلى اتفاق لنزع السلاح النووي، في خطوة لإنهاء الجمود في المفاوضات. وطرح كذلك فكرة تخفيف العقوبات؛ وهو أمر طالبت به بيونغ يانغ مراراً، وأشار إلى أنه دعا الزعيم الكوري الشمالي إلى البيت الأبيض «في الوقت المناسب».
وانقسمت آراء المحللين بشأن تطورات الأحد، ورأى بعضهم أنها أعطت زخماً جديداً للمحادثات النووية المتوقفة، بينما وصفها آخرون بأنها كانت مجرّد دعاية سياسية.
على صعيد متصل، تم الإفراج عن طالب أسترالي في التاسعة والعشرين من العمر كان معتقلاً في كوريا الشمالية، ووصل أمس إلى بكين. وكان أليك سيغلي أحد الغربيين النادرين الذين يعيشون في العاصمة الكورية الشمالية، وفُقد أثره في 23 يونيو (حزيران) الماضي، ما أثار المخاوف والقلق على مصيره.
وبعد أن فقدت عائلته الاتصال به لأيام عدة، ازدادت الخشية من أن يكون قد أضيف إلى لائحة المواطنين الأجانب الذين أوقفتهم سلطات كوريا الشمالية. وقال في مطار بكين الدولي: «أنا بخير... نعم أنا بخير»، ووصف شعوره بعد الإفراج عنه بـ«الرائع». وتوجه إلى السفارة الأسترالية، وشوهد وهو يبتسم ويلوح للصحافيين. ومن المتوقع أن يتوجه إلى اليابان، حيث تقيم زوجته.
وفي وقت سابق من أمس، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون في البرلمان أن مواطنه سيغلي «تم الإفراج عنه في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية»، وأنه «بخير وبصحة جيدة».
وشكر موريسون للسويد مساعدتها في ضمان الإفراج عنه. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، توجّه الموفد السويدي كينت هارستد إلى بيونغ يانغ حيث أثار قضية سيغلي لدى السلطات الكورية الشمالية. وقال موريسون: «أود أن أعبر عن شكري العميق للسلطات السويدية على مساعدتها القيمة في الإفراج عن سيغلي»، مُنوّها بنجاح «دبلوماسية الكواليس».
وقالت وزارة الخارجية السويدية، أمس، إن السلطات الكورية بذلت «مساعي حثيثة» لإطلاق سراح الطالب، في حين علقت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم بالقول: «أرحب بالإفراج عن أليك سيغلي، وهو بصحة جيدة».
من جهته، قال غاري سيغلي والد أليك، وهو أستاذ في الدراسات الصينية والآسيوية، للصحافيين في أستراليا إن العائلة «في غاية السعادة لأنه سالم وبصحة جيدة». وأقر الوالد بأن سيغلي اتصل به دون أن يتمكن من الرد، مضيفاً أنه يأمل أن «يعانقه ويقبله» قريباً.
وجاء اعتقال سيغلي قبيل أيام من قمة لمجموعة العشرين ولقاء ترمب وكيم التاريخي.
وكان ترمب قد تدخل في قضية الطالب بجامعة فرجينيا أوتو وارمبير، الذي تم سجنه خلال رحلة سياحية في كوريا الشمالية عام 2016. وقال أطباء إن وارمبير أُصيب بتلف دماغي خلال اعتقاله ودخل في غيبوبة وتوفي بعد أيام من عودته إلى الولايات المتحدة عن عمر يناهز 22 عاماً.
وسيغلي على دراية أكبر بكوريا الشمالية، ويتحدث اللغة الكورية بطلاقة. وكان يدير رحلات إلى كوريا الشمالية ويشرف على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي التي غالباً ما تتضمن محتوى غير سياسي بشأن الحياة في واحدة من أكثر دول العالم انعزالية.
وتركز مقالاته على الحياة اليومية في بيونغ يانغ؛ من المطاعم، إلى التعليقات بشأن التطبيقات الكورية الشمالية.
وقالت زوجته اليابانية يوكا موريناغا (26 عاماً)، إنه «يحاول دائماً توضيح الوضع في كوريا الشمالية خلافاً لما تقوله وسائل الإعلام التقليدية الغربية. ويحاول فهم الناس الذين يعيشون فيها».
وتزوج سيغلي وموريناغا العام الماضي في بيونغ يانغ وسط أجواء من البزخ.
بيونغ يانغ تصعّد ضد واشنطن أممياً رغم لقاء ترمب ـ كيم
الإفراج عن طالب أسترالي كان معتقلاً في كوريا الشمالية بعد وساطة سويدية
بيونغ يانغ تصعّد ضد واشنطن أممياً رغم لقاء ترمب ـ كيم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة