موسكو جميلة يزينها مهرجان «حدائق الزهور»

تتخلله منافسة على لقب أفضل تصميم لأجمل حديقة

الساحة التي يطل عليها مكتب عمدة المدينة في موسكو
الساحة التي يطل عليها مكتب عمدة المدينة في موسكو
TT

موسكو جميلة يزينها مهرجان «حدائق الزهور»

الساحة التي يطل عليها مكتب عمدة المدينة في موسكو
الساحة التي يطل عليها مكتب عمدة المدينة في موسكو

مع كثرة المساحات الخضراء فيها، وتنوع واسع للزهور والورود في ساحاتها وحدائقها، يجعلها مدينة فائقة الجمال، تبدو العاصمة الروسية موسكو هذه الأيام مثل جميلة تستعد للتحلي أكثر فأكثر، بارتداء زي صيفي قوامه «حدائق زهور»، من تصميم مبدعين وصلوا إليها من أرجاء العالم. هذه هي حال موسكو هذه الأيام وهي تشهد تحضيرات واسعة لمهرجان «Flower Jam» الدولي. الفعاليات الرئيسية للمهرجان يفترض أن تبدأ يوم 23 أغسطس (آب)، وتستمر لغاية 8 سبتمبر (أيلول)، أي في أجمل أيام الصيف، وهو يستعد بلطف لاستقبال فصل الخريف. إلا أن «حدائق الزهور» بدأت تظهر هذه الأيام في الساحات الرئيسية، ذلك أن المهرجان انطلق منذ 20 يونيو (حزيران) الماضي، ويتعين على المشاركين خلال الفترة حتى بداية الفعاليات الرئيسية أن يقوموا بتصميم المساحات المخصصة لهم، وتحويلها إلى «حدائق زهور» صغيرة، تشارك في التنافس على لقب «أفضل تصميم لأجمل حديقة».
في إطار المهرجان ستنتشر «حدائق الزهور» في مناطق عدة من موسكو، على مساحة إجمالية تزيد عن 7 آلاف متر مربع. ويوم أمس افتتحت أكبر ساحة من ساحات المهرجان في «حديقة الثقافة والاستجمام» وسط موسكو، على مساحة بلغت 600 متر مربع، صمم عليها مبدعون أكثر من لوحة فنية بواسطة الزهور. وتشارك في المهرجان هذا العام فرق من روسيا وفرنسا وإيطاليا وسلوفاكيا، والصين وأورغواي، وفنلندا، ولاتفيا وإستونيا، وجورجيا القوقازية، وكازاخستان من آسيا الوسطى. خلال الفترة الماضية منذ انطلاق المهرجان، تمكنت تلك الفرق من إنجاز حجم كبير من العمل، وتم حتى الآن افتتاح 42 «حديقة زهور»، في أكثر من منطقة في موسكو. وكانت أكبرها لوحة «حديقة زهور» بعنوان «أصوات المدنية» من تصميم الروسية يلينا غورسكايا، التي حاولت من خلال مكونات اللوحة عرض وجه موسكو الحديثة، حيث الطرق الضخمة، وتدفق مستمر للسيارات، ناطحات سحاب، وواجهات أبنية عملاقة، وفي خلفية هذا كله تختفي الشوارع الصغيرة والأزقة القديمة الهادئة، التي تنقل الإنسان إلى عصر آخر تماماً، لا يشبه موسكو اليوم.
وكما هي العادة في الدورات السابقة للمهرجان، حاول البعض تصميم حدائق تجمع ما بين جمال الطبيعية والتطور التقني وتأثيره على الإبداع والتوجهات الرئيسية للتصميم الفني، وأظهر آخرون حرصاً بتصميم «حدائق» تتوفر فيها شروط الراحة النفسية، وتشكل فضاء مريحاً للاسترخاء والتأمل. وكانت هناك «حدائق» جرى تصميمها بأسلوب يبدو وكأن الهدف منه بث شعور بالهدوء والطمأنينة، ومساعدة الإنسان الذي اعتاد «العجلة»، نمط حياة في المدن الكبرى، للتريث والاسترخاء ولو للحظات قليلة، يستمد خلالها بعض التوازن من زهور جرى توزيعها بنسق معين، وهيمنت عليها ألوان لطيفة، هادئة «باردة»، تبث الهدوء في الروح، مثل الأبيض والأصفر الفاتح، والزهري.
إلى جانب الإبداع في تصميم أجمل حديقة، تكمن في أساس مهرجان «Flower Jam» هذا العام فكرة «إطالة عمر حدائق الزهور». لتحقيق هذا الهدف اعتمدت الفرق المشاركة أسلوب تصميم يجعل الحديقة نضرة حية طيلة فصل الصيف، وتغير النباتات فيها لونها وحجمها وشكلها، وذلك وفقاً لنموها وتفتح أزهارها، ومن ثم تساقط أوراق تلك الأزهار. وبين مرحلة وأخرى قد يضيفون أنواعاً أخرى من النباتات لتشكيل خلفية مناسبة، تبعاً للتحولات التي تطرأ على شكل ولون مجموعات الأزهار الرئيسية، خلال مراحل نموها. لذلك سيكون شكل الحديقة ذاتها في شهر يوليو (تموز) على سبيل المثال، مختلفاً عما ستبدو عليه في شهر أغسطس. بهذا تتحول «حدائق الزهور» إلى لوحة تتغير معالمها الفنية بشكل دائم، فتقتل الشعور بالملل من منظر يتكرر يومياً دون أي تغيرات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».