تنسيق بين طهران ودمشق غداة غارات إسرائيل في سوريا

TT

تنسيق بين طهران ودمشق غداة غارات إسرائيل في سوريا

أكد فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري، أن دمشق على استعداد «لرد الصاع صاعين» مقابل الغارات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع إيرانية في الأراضي السورية قبل يومين، وذلك عقب محادثات مع مسؤول إيراني بالعاصمة السورية بهدف التنسيق بعد القصف الإسرائيلي.
وأشار المقداد في حديث للصحافيين في أعقاب لقاء وزير الخارجية وليد المعلم مع كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة علي أصغر خاجي، أول من أمس الثلاثاء، إلى «استعداد سوريا الدائم لرد الصاع صاعين»، وذلك في معرض تعليقه على الغارات الإسرائيلية.
ودعا المقداد إلى «التنبه إلى أن المنطقة بحاجة إلى تهدئة وليس إلى تصعيد سواء كان بدعم من الولايات المتحدة أم أطراف أخرى من المجتمع الدولي؛ حيث يجب أن يعي العالم ومجلس الأمن والأمم المتحدة خطورة مثل هذه التطورات، لأن سوريا لن تسكت عن حقها».
وأشار إلى أن «دمشق تحارب إسرائيل في كل مكان» عبر «محاربة أدواتها من التنظيمات الإرهابية»، مضيفاً أن الهدف من وراء الهجوم الإسرائيلي هو «حماية هذه الأدوات، وخاصة أنه جاء بعد الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه»، بحسب ما نقل موقع «روسيا اليوم» عنه.
وبشأن العلاقات مع إيران، أكد المقداد أنها «استراتيجية»، مشيراً إلى أن «الأوضاع المتفجرة في المنطقة تتطلب المزيد من التنسيق والزيارات المتبادلة باستمرار».
وحول التعاون بين دمشق وطهران فيما يتعلق بمواجهة أثر العقوبات على البلدين، قال المقداد: «هناك المئات من الاتفاقات الاقتصادية والسياسية مع إيران، وناقشنا أسس تفعيلها وتعزيز التعاون في ظل العقوبات القاسية التي يتعرض لها البلدان».
من جانبه، وصف المسؤول الإيراني المحادثات التي أجراها في دمشق بأنها «بناءة للغاية»، موضحاً أنه كان هناك نقاش مستفيض حول ضرورة تفعيل وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.
وأشار خاجي إلى أنه بحث في دمشق «التطورات الإيجابية والبناءة على المستويين السياسي والميداني» في سوريا، وأنه «كان هناك تأكيد مشترك على ضرورة ترسيخ وتعزيز العلاقات الاستراتيجية والمميزة بين البلدين الشقيقين».
وكان الرئيس بشار الأسد بحث مع مسؤول إيراني «العلاقات الاستراتيجية العميقة» بين دمشق وطهران.
من جهتها؛ أعلنت موسكو الثلاثاء الماضي أن الغارات الإسرائيلية في سوريا «تنتهك بشكل صارخ سيادة سوريا».
ونجحت روسيا في الحفاظ على علاقات وثيقة مع سوريا وإسرائيل، رغم التوترات بين الجارتين أثناء الحرب الأهلية السورية؛ حيث تدعم روسيا سوريا عسكرياً.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن «6 طائرات حربية إسرائيلية جاءت من المجال الجوي اللبناني شنت سلسلة من الهجمات الصاروخية على الأراضي السورية مساء الأحد» الماضي.
وقالت الوزارة إن الهجمات أسفرت عن مقتل 16 شخصاً؛ بينهم طفل صغير. وأوضح البيان: «هذا الهجوم الإسرائيلي كان الأكبر من نوعه منذ مايو (أيار) 2018». وأكد أن «هذا التصعيد يثير مخاوف كبيرة»، مضيفاً أن مثل هذه الممارسات «تنتهك بشكل صارخ سيادة سوريا»، وأنها يمكن أن تتسبب في زعزعة الاستقرار بالمنطقة.
ولم تؤكد إسرائيل أنها شنت تلك الهجمات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.