أمتعة السفر... سباق بين العلامات الكلاسيكية ودور الأزياء

توقعات بزيادة المبيعات 16 في المائة خلال أربع سنوات لتبلغ نحو 5 مليارات دولار

من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)
من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)
TT

أمتعة السفر... سباق بين العلامات الكلاسيكية ودور الأزياء

من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)
من عرض «شانيل» لربيع وصيف 2016 الذي كان يلعب على مفهوم السفر (تصوير أوليفييه سايون)

بينما تشهد مبيعات المنتجات الفاخرة تباطؤاً، فإن مبيعات حقائب السفر تشهد انتعاشاً ونمواً ملحوظاً، حسب الدراسات الأخيرة في هذا الشأن. أمر يؤكد حقيقة يرددها العارفون وهي أن السفر أصبح جزءاً لا يتجزأ من الترف، وربما أصبحت له الأولوية على حساب أشياء أخرى.
وقد أوضح تقرير صادر عن مؤسسة «باين أند كومباني» أن معدلات السفر والسياحة في ارتفاع، بفضل الطبقات الوسطى المتنامية في الصين وغيرها.
ووفقاً للتقرير نفسه، فإن السلع الفاخرة، بما فيها قطاع الأمتعة الفاخرة، شهدت هي الأخرى نمواً إيجابياً في عام 2018 لتصل إلى 260 مليار يورو، وهو اتجاه من المتوقع أن يستمر حتى عام 2025.
فالسفر يحتاج إلى إكسسوارات تسهل الحياة وفي الوقت ذاته تعكس أسلوب وشخصية صاحبها، لهذا كان من البديهي أن يستفيد قطاع الأمتعة الفاخرة ويزيد الإنفاق عليه. وبحسب تقديرات مؤسسة «يورومونيتور» المتخصصة في الأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، من المتوقع أن تنمو المبيعات بسوق سلع السفر العالمية بنسبة 16 في المائة خلال السنوات الأربع المقبلة لتبلغ نحو 5 مليارات دولار.
أمر انعكس على صناعة أمتعة السفر التي تشهد نمواً سنوياً متواصلاً بلغ 3.7 في المائة العام الماضي مقارنة بفئات أخرى مثل الحقائب العادية والساعات التي شهدت معدلات نمو بلغت 1.2 و2 في المائة خلال العامين الماضيين. لهذا ليس غريباً أن تظهر علامات جديدة تحاول تلبية متطلبات المسافرين من أسواق جديدة أو من الأجيال الشابة. كما ليس غريباً أن تتوسع بيوت أزياء عالمية في هذا القطاع بشرائها علامات متخصصة تضمها إليها. مجموعة «إل في آم آش» مثلاً اشترت حصة 80 في المائة من شركة «ريموا» (Rimowa) الألمانية لصناعة الحقائب مقابل 640 مليون دولار أميركي رغم أنها تمتلك «لويس فويتون» التي تأسست على صناعة إكسسوارات السفر ولها باع طويل. شركة «سامسونايت» بدورها توسعت بشراء ماركة «تومي» (Tumi) مقابل 1.8 مليار دولار في إطار استراتيجية لتعزيز مكانتها كأكبر صانع لحقائب السفر. كل هذا يسلط الضوء على الاهتمام المتزايد في قطاع جديد لا يضم سوى عدد محدود من اللاعبين، إلا أنه غني بفرص للنمو، حسبما تؤكده أرقام مبيعات الشركات المتخصصة مثل «رادن» (Raden) الأميركية. فقد تخطت قيمة مبيعاتها مليوني دولار أميركي في الأشهر الأربعة الأولى لانطلاقها، رغم أن الشركة لا تنتج سوى حجمين، تقدر أسعارهما بين 295 دولاراً و395 دولاراً. ما ساعد على نجاحها توفرها على شواحن مدمجة ومقياس وزن وأجهزة استشعار تسمح للمستخدم بالتحقق من موقع الحقيبة عبر تطبيق متاح عبر الإنترنت، إضافة إلى أنها خفيفة الوزن، ما يجعلها رائجة لدى قاعدة متنامية من العملاء كثيري السفر والمهتمين بالتكنولوجيا الرقمية.
من هذا المنظور، كان من المنطقي أن تستثمر مجموعة «إل في آم آش» في حقائب «ريموا»، خصوصاً بعد أن أطلقت هذه الأخيرة حقيبة «ذكية» بعلامة إلكترونية مدمجة يمكنها التواصل مع الهاتف الذكي للمستخدم عبر خاصية «بلوتوث»، وهي الخاصية التي ستشترك فيها مع مجموعة حقائب «لويس فويتون» في المستقبل.
لكن في مقابل هذه الشركات المتخصصة في إكسسوارات السفر، دخلت بيوت أزياء كبيرة الميدان من باب الموضة والأناقة، بعد أن عرفت أن السفر، سواء كان للعمل أو للمتعة، يعد جزءاً من نمط الحياة. ولا شك أن منظر المشاهير ونجوم التواصل الاجتماعي وهم يحملون أو يسحبون حقائب من علامات معروفة، فتح شهية المهووسين بهم للاقتداء بهم.
فجأة لم تعد علامات تجارية فاخرة مثل «سامسونايت» و«تومي» و«دلسي» و«روك لاند» و«بيير كاردان» و«أميركان توريستر» وغيرها من الشركات التي ذاع صيتها وحدها على قائمة حقائب السفر الأكثر مبيعاً. فالمشاهير ساعدوا على الترويج لأسماء أخرى من خلال نشر كل التفاصيل عبر «إنستغرام»، ليبدأ السباق بين علامات عريقة ودور الأزياء الكبرى التي تعتمد أساساً على سمعتها في مجال الموضة وعلى علاقاتها بنجوم الفن والشخصيات المؤثرة.
الشركات المتخصصة لم تقف مكتوفة الأيادي، بل رحبت بالمنافسة، مستعملة استراتيجيات ذكية تعتمد على الجانب الوظيفي وعلى التكنولوجيا، وهي نقطة الارتكاز وفقاً لتاريخ هذه العلامات، التي تشمل بعض الاعتبارات الموضوعية، مثل التصميم والضمان والسحابات والعجلات والمقابض وتحسين المساحة الداخلية وتقديم أحجام تلبي احتياجات المسافرين ومتطلبات شركات الطيران. علاوة على ذلك، السعر، يمكن للمرء أن ينفق آلاف الدولارات على قطعة من الأمتعة قد تكون الأفضل في السوق، لكن ميزانية الجميع لن تسمح بذلك الإنفاق على حقيبة سفر.
من جانب آخر، فرضت المنافسة مع دور أزياء كبرى، على هذه الشركات أن تطور من الشكل الخارجي. شركة «أميركان توريستر» مثلاً عززت حقائبها بإضافة بعض التفاصيل الخارجية مثل الألوان والنقوش الجريئة، كذلك تنوعت الأحجام وخصصت جزءاً من الإنتاج لحقائب للأطفال التي تضم شخصيات «ديزني» وغيرها...
أما علامة حديثة مثل «أواي» (Away) التي ارتفعت شعبيتها بين المسافرين منذ إطلاقها في عام 2015، فاختارت أن تبقى على تطوير الجانب الوظيفي لتقدم أمتعة فاخرة تتحمل السفر المتكرر، لذلك قدمت أمتعة البولي كاربونات المميزة للعلامة التجارية في مجموعة من الألوان والأحجام. كذلك قدمت الأمتعة المصممة من الألمونيوم بأسعار قادرة على المنافسة، أما الشكل الخارجي، فيمكن القول إنه حافظ على الانطباع العملي الذي تعتبره نقطة ارتكاز تميز منتجها.
واحدة من العلامات التجارية الأكثر شهرة للأمتعة هي «سامسونايت» التي لا تبتعد عن قائمة الأعلى مبيعاً رغم انطلاقها منذ أكثر من 100 عام، قدمت «سامسونايت» على مدار رحلتها حقائب صلبة ولينة، وحقائب الظهر، وإكسسوارات السفر. ما زالت تقدم حقيبة سفر وظيفية توفر المتانة والأناقة والقيمة، مع تطوير محدود في الشكل الخارجي.
أما العلامة التجارية «تومي» (Tumi) فتركز على 5 اعتبارات موضوعية: الجودة والمتانة والأناقة والابتكار وخدمة العملاء، من خلال مجموعة من الحقائب العصرية مزودة بملحقات ومصممة من الجلد الفاخر، كما تقدم موديلات أخرى مصممة من خامة النايلون الباليستية المقاومة للتآكل.
المسافر المحنك دائماً ما يبحث عن أمتعة وظيفية ومميزة في الوقت نفسه، ربما بقفل فريد من نوعه أو خامة غريبة لكن فاخرة وما شابه من تفاصيل مؤثرة. فوفقاً لأرقام الأكثر مبيعاً، ما زالت الشركات التجارية المتخصصة تتصدر المراكز المتقدمة. لكن هذا لم يمنع بيوت الأزياء من دخول المنافسة رغبة منها في الاستفادة من معدلات النمو التي تؤكدها المبيعات، أي كنوع من زيادة استثماراتها داخل سوق مضمونة.
في صيف 2016، قدمت دار الأزياء «شانيل» عرض أزيائها في «لوغران باليه» بباريس الذي حولته إلى مطار. حرصت فيه أن تقدم لزبائنها قطعاً تجمع بين تاريخ «شانيل» في عالم الموضة والشكل العصري والوظيفي لأمتعة السفر، لذلك قدمت تشكيلة فاخرة من الأمتعة المزودة بعجلات مع يد وظيفية يتغير طولها، وفي الوقت نفسه ازدانت من الخارج بشعار شانيل الأيقوني وجلودها المترفة. كذلك قدمت الدار الفرنسية حقائب السفر في شكل مجموعة كاملة، تبدأ بحقيبة يد صغيرة الحجم وتنتهي بحقيبة سفر تضم جميع المستلزمات بفضل الجيوب الداخلية التي تلعب دوراً وظيفياً.
أما علاقة دار الأزياء الفرنسية لويس فويتون بأمتعة السفر فتعود إلى عام 1854، وتطورت مع الوقت لتصبح أخف وزناً وأصغر حجماً حتى تناسب السفر بواسطة الطائرات عوض الباخرات وما كانت تتطلبه من صناديق كبيرة.
في يوليو (تموز) 2016، أطلقت الدار مجموعة معاصرة مزودة بعجلات ويد أكثر وظيفية. وهكذا ظلت أمتعة السفر سلعة لصيقة وأساسية تقدمها الدار إلى حد أن منتجاتها أصبحت لصيقة بسفر المشاهير والنجوم، ولم تستطع أي من الشركات الأخرى زحزحتها عن مكانتها هاته.
أما دار الأزياء الإيطالية غوتشي التي تعد أحد الشركاء الأصليين في سوق صناعة الأمتعة، فيعود تاريخها مع السفر إلى ما قبل إطلاق الدار وتحديداً في نهاية القرن 19. كان غوتشيو غوتشي، مؤسس الدار، مهاجراً إيطالياً يعيش بين باريس ولندن، أعجب بالأمتعة الفاخرة التي رآها مع نزلاء الفنادق، لذلك عندما عاد إلى مسقط رأسه في فلورانسا استغل الخامات عالية الجودة سواء من الجلود أو الأنسجة لينتج أمتعة تحمل شعار الدار، مستغلاً مهارة الحرفيين في المدينة. ورغم تطور حقائب «غوتشي» للسفر من الناحية الوظيفية، فإن التفاصيل الكلاسيكية، بداية من اللون البيج وشعار الدار والشرائط المميزة لألوان غوتشي بالأحمر والأخضر، ظلت كما هي لم تتغير.
أما «فندي» فلها مشاركة محدودة في صناعة أمتعة السفر، في حين تجد الدار الاستثمار الذكي في حقائب اليد متوسطة الحجم التي يمكن حملها في السفر. تقدم أيضاً حقائب كبيرة مزودة بتفاصيل وظيفية توفر قدراً من الرفاهية. من أشهر الموديلات التي قدمتها «فندي» حقيبة «Monster Eyes» المُصممة من القماش مع الجلد، مع علامة مزخرفة بالشعار. كما تقدم شكلاً آخر أكثر وظيفية، مصمماً من الألمونيوم مُزداناً بشعار الدار حتى لا تفقد الحقيبة هويتها، لا سيما أن التصميم يعد مسايرة لما تقدمه العلامات التجارية الأقوى في هذه السوق.
لأن الصناعة الإيطالية معروفة بحرفيتها، خصوصاً فيما يخص الملحقات مثل أمتعة السفر، كان من المتوقع أن نرى أكثر من دار أزياء تتنافس على تقديم أمتعة السفر، ومن بينها دار «برادا» التي تعد الأكثر تنوعاً مقارنة بزميلاتها في الصناعة الإيطالية. قدمت «برادا» تصاميم متنوعة من أمتعة السفر كبيرة الحجم، منها المصمم من القماش الفاخر بألوان داكنة تتحمل السفر، ومنها ما هو مطبع برسوم فنية.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.