الأرمني آرشيل غوركي... فنان البعد الزمني

«كابيزيرو للفن المعاصر» الإيطالي ينظم له معرضاً استعادياً

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض
TT

الأرمني آرشيل غوركي... فنان البعد الزمني

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض

على هامش معرض السنتين العالمي (بينالي البندقية الـ58)، يقيم واحد من أعرق الغاليريات الإيطالية «كابيزيرو للفن المعاصر» في المركز التاريخي لمدينة البندقية «فينسيا» معرضا فنيا كبيرا يضم 80 عملا فنيا للفنان الأرمني آرشيل غوركي (1904 - 1948)، ويستمر المعرض حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) القادم.
ويعتبر الفنان غوركي واحدا من أبرز وأهم فناني التجريد الذين أضافوا بُعدا جديدا في فن الرسم، وهو البعد الزمني وتأثيره في موضوع اللوحة، وكان أكثر رسامي التجريد انفعالا وأكثرهم معاناة في التعبير عن التحولات ومناداته للخروج علنا على تقاليد فن الرسم المترسخة عبر قرون، وأحدث نوعا من القطيعة، التي تتضح جليا في أعماله الفنية التي عكست مقياس حياته، إذ كان يرى أن للفن «دورا ضميريا وتأمليا». ويجمع الكثير من النقاد الإيطاليين، على أن غوركي هو أحد أبرز ممثلي التيار التعبيري التجريدي في الفن التشكيلي ومن الذين ارتبط نتاجهم بأعمال مبدعين كبار طبعوا مسيرة الإبداع الفني في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، وكان له تأثير كبير جدا على فناني مدرسة نيويورك الشهيرة، وفي الأجيال اللاحقة من التشكيليين في السنوات الخمسين الماضية، إذ خلق أسلوبا أسهم في تحرير الفن من قيوده التقليدية وأطره الأكاديمية.
التعبير التصويري الناتج من «الحاجة الداخلية» حسب تعريف كاندنسكي، ظهر لأول مرة في بدايات الثلاثينات من القرن الماضي عند غوركي، عندما بدأ بتكوين الأشكال الجسدية على نحو مغاير عما شهدته ساحات الفن، وكان ذلك نتيجة للتقلبات الداخلية في حياته الشخصية، والتي انعكست عليها التغيرات التي حصلت بسبب الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها أميركا في عام 1939 من القرن الماضي، بعنفها العقائدي والسياسي، مع أنه أعلن أكثر من مرة بعدم ضرورة مزج السياسة بالفن كونهما يقفا على تناقض شديد. لقد دخل القلق العام السائد في فنه، متزامنا مع النزعة التجسيدية، وبدأ يشعر بأنه واقع تحت ضغط الاستلاب والعداوة العنصرية، فهو لم يكن يشعر طيلة وجوده في أميركا بأي تعلق خاص بتراثها حسب ما تكشفه جميع رسائله إلى شقيقته فارتوش، وهو لم يطلب الجنسية الأميركية إلا عام 1938، لأسباب تحميه من الطرد، ولم يكن انتسابه للقوات العسكرية الأميركية متسما بروح الوطنية، وظل طيلة حياته يشعر بوحدة قاسية، وكل صداقاته ارتبطت بمهمته في الفن الذي اعتبره هدف حياته، والذي رأى فيه مثل نبع الماء في صحراء قاحلة حاله حال كل من الفنانين، بيكاسو، وماكس أرنست، ودي كيريكو، وأوتسللو، وقد أدخلته هذه الأزمة أمام مشكلة الانتماء بعد أن عاشها قبل سنين عند تبنيه اسما جديدا، ليعكس فنه أزمة الإنسان المغترب، والتي عاشها على ثلاثة مستويات، كفنان، في وسط عقلية محافظة ضد كل نزعة جديدة، وكإنسان، يعيش في بيئة تفتقد حميمية التواصل الإنساني، وكمهاجر شرقي عاش عدائية المجتمع الجديد ضد هويته الوطنية التي ظل يعتز بها حتى نهاية حياته. ولهذه الأسباب مجتمعة، جعلت غوركي يرتد إلى داخله ليحتمي ويدافع عن كيانه ضد شبح الأزمة والأجواء العدائية التي حملت معها حنين العودة إلى الوطن القديم «أرمينيا»، تلك الأحلام التي منحته قوة لازمة لمقاومة ظاهرة الاستلاب والتي رسخت معاناته وانعكست على جميع المراحل التي مرّ بها عمله الإبداعي الذي أراد أن يكون انقلابا على المفاهيم التقليدية السائدة. وأبرز عمل فني أنجزه هو لوحة «الليل والإبهام والحنين» الشهيرة، إلا أن أسلوب غوركي الذي وصف بالخصوصية باعتباره واحدا من رواد حركة التعبيرية التجريدية، فقد اتسمت هذه الخصوصية في الأسلوب، بوضع الأجساد إلى يمين اللوحة، كما أنه نزع نحو تصوير أشكال إنسانية بتكوينات تشبه الأشياء اليومية من طبيعة صامتة، كالمزهريات والأواني والصحون، خلافا لما تعهدته اللوحة التشكيلية بالتركيز على وضع كتلة الجسد في نقطة الوسط.
جداريته الكبيرة التي رسمها لمؤسسة الأشغال المدنية للمشاريع الفنية، جمع غوركي عدة تشكيلات في تكوين بنائي واحد، والتي سبق وأن نفذها في تلك الفترة، مستوحاة من موضوعات لوحات من خلال تركيزه على عدة أشخاص بدلا من شخص واحد في سطوح أعماله الفنية، وأشكال هشة متأرجحة كأنها تحوم في فضاءات وغير قادرة للدفاع عن نفسها، في وضع اغترابي معقد، لتعكس الوضع الشخصي ضمن محيط اجتماعي معادي. أما لوحته الجدارية الثانية المخصصة لأحد المطارات، فقد عكست طورا جديدا في فن التجريد الذي ركز على اختزال الأفكار ليجعلها تنأى عن مشابهة المشخصات والمرئيات، في شكلها الواقعي.
بعد سنوات من حصار الغربة والفقر، مرت حياته باستقرار مادي نسبي بعد إشراكه في البرنامج الحكومي الفني الجديد، يصاحب ذلك زواجه من «مارتي جورج» وعودة أخته من جديد إلى الولايات المتحدة ليشعر ببعض الاستقرار العائلي، لتجد هذه الحالة الجديدة صداها في أعماله. يكتب إلى شقيقته فارتوش: «ما أريد قوله بوجه خاص هو أنه بداخل كل واحد منا، بداخل روح كل إنسان كما في الطبيعة نفسها، هناك فراغ نسعى لملئه بشكل مستمر حتى لا نبقى وحيدين. هكذا هو الأمر دائما وعلينا أن نقاوم بلا هوادة في أنفسنا الوحشة التي لا تطاق».
اسمه الحقيقي «فوسدانيك مانوك أدويان» ولد 1904 في ضاحية من ضواحي مدينة فان التاريخية في أرمينيا الموجودة حاليا في تركيا... هاجر والده إلى الولايات المتحدة هربا من الخدمة العسكرية في الجيش التركي عام 1908، في فترة حرجة من تاريخ الصراع التركي الأرمني، واستطاع مع عائلته اللجوء إلى أرمينيا الشرقية وتوفيت والدته إثر الجوع بين ذراع ابنها الوحيد آرشيل، وبمعونة بعض الأصدقاء استطاع الوصول إلى الولايات المتحدة مع أخته عام 1920، فعاش مع والده في لونغ آيلاند بنيويورك، عمل بترميم اللوحات وغسل الصحون في المطاعم... عاش بنيويورك نحو ثلاثين عاما... في الرسم والعمل، ومارس عدة أساليب متأثرا بانطباعية سيزان وبتكعيبية براك... أول معرض شخصي في عام 1934، واستمر برسم عدد من الجداريات.
تزوج للمرة الثانية من أغنيس ماغرودو 1941، واعتبر عام 1942 عام التحول في تجربته، حيث اكتشف الطبيعة بمنظور جديد وقابل الكثير من الفنانين الذين هاجروا إلى أميركا منهم ماكس أرنست، أندريه ماسون، روبيرتو ماتا، وانفتحت مخيلته على عالم جديد، معلنا نضوج تجربته الفنية مع مدرسة نيويورك التي أسهم بتأسيسها وسميت بالتعبيرية المجردة أو التصوير الحركي.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.