الرومانسية الذاتية تهيمن على معرض قاهري لسمير ظريف

بعض أعماله يعتمد على أفكار التحرر من الأنماط التقليدية
بعض أعماله يعتمد على أفكار التحرر من الأنماط التقليدية
TT

الرومانسية الذاتية تهيمن على معرض قاهري لسمير ظريف

بعض أعماله يعتمد على أفكار التحرر من الأنماط التقليدية
بعض أعماله يعتمد على أفكار التحرر من الأنماط التقليدية

تتميز لوحات الفنان التشكيلي المصري الراحل سمير ظريف بحساسية ألوانها، وطابعها الرومانسي، رغم تعدد موضوعاتها، وجاذبيتها الكبيرة، فهي تفي بالمعاني التي كان يرغب ظريف في إيصالها للجمهور عبر أشكاله وألوانه المميزة والمتنوعة، وليس بالكلمات القليلة. لوحات ظريف التي تزيد على 300 لوحة فنية، لا يتسع معرض فني، أو غاليري واحد لعرضها أمام الجمهور، فهي تمثل جميع أفكاره، وإرثه الثقافي والفني، وتعد كذلك كتابا مفتوحا يعكس ما مر به ظريف من أحداث وتحولات سياسية وفنية وفكرية خلال مشواره الفني الطويل. ويستضيف مقر نقابة الفنانين التشكيليين المصريين بدار الأوبرا المصرية، وسط القاهرة معرضاً جديداً لظريف في الذكرى الثالثة لرحيله، يبرز بعض أعماله الفنية التي تهيمن عليها الأفكار الرومانسية.
أمل ظريف، شقيقة الفنان الراحل، قالت على هامش افتتاح المعرض إن «سمير من الفنانين الذين ساهموا في الارتقاء بالحركة التشكيلية المصرية خلال القرن الماضي، كما شارك في تأسيس الحركة التشكيلية في المملكة العربية السعودية».
وأوضحت أن «ظريف يقدم في لوحاته أفكاراً إبداعية مستلهمة من الحضارة الشرقية والغربية، لا سيما أنه لم يكن يحب أن تختصر لوحاته في كلمات قليلة، ومعرضه بنقابة التشكيليين، يضم مجموعة لوحات في أكثر من موضوع، لكن الطابع الرومانسي يغلب عليها»
المعرض الذي يستمر حتى منتصف شهر يوليو (تموز) الحالي، حضر افتتاحه عدد من الفنانين المصريين، من بينهم، المخرج المسرحي أحمد عاطف، والمخرج طارق الدويري، والسفيرة مي أبو الدهب، مساعد وزير التربية للشؤون الثقافية الأسبق، والفنانة رانيا يكن، وشقيقتاه أمل، وليلى، والمخرج السينمائي المصري أحمد البدري ومجموعة من محبي الفنون التشكيلية.
معظم لوحات المعرض، بألوانها الوردية الراقية غلب عليها وضع الحركة والتحليق والركض والسباحة، وكأن رموز ظريف تبحث عن الحرية والخروج من الأنماط التقليدية الراسخة.
يقول الممثل والمخرج المسرحي، أحمد عاطف، صديق الفنان التشكيلي الراحل سمير ظريف لـ«الشرق الأوسط»: «اخترنا قاعة عرض نقابة الفنانين التشكيليين المصريين، بدار الأوبرا، بوسط القاهرة، لأن رواد النقابة فنانون يقدرون أعمال سمير ظريف الفنية، وتاريخه الإبداعي».
وأضاف: «نسعى في الفترة المقبلة لعرض أعمال ظريف بقاعات عرض أكبر، تستوعب معظم أعمال الفنان الراحل والتي تزيد على 250 لوحة كبيرة ومتوسطة، وأكثر من 60 لوحة صغيرة، لأن قاعة عرض نقابة التشكيليين بدار الأوبرا تتسع لعرض نحو 35 لوحة فقط». وتخرج الفنان التشكيلي الراحل سمير ظريف، المولود بمدينة القاهرة عام 1944، في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، قسم تصوير، في نهاية ستينات القرن الماضي، وشارك في كثير من المعارض الدولية مثل إسبانيا والسعودية وإنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية واليونان وإيطاليا وغيرها من دول العالم، قبل وفاته في 25 يوليو عام 2016.
وأكد السفير محمد حسونة، صديق الفنان التشكيلي الراحل أن «المعرض الجديد يبرز عينة قليلة من إبداعات الفنان الراحل، الذي كان يشكل طاقة هائلة من الإبداع الفني على مدار سنوات طويلة، وكانت كل مرحلة من مراحل حياته لها طابع خاص ومختلف».
وأضاف حسونة، خريج معهد النقد الفني، والذي يتابع معارض الفنون التشكيلية في مصر وخارجها بشكل متواصل: «المعرض الجديد يؤكد أن لوحات ظريف الذاتية، أو الخاصة به، بها حساسية مفرطة بالنسبة للألوان والتحكم، والتمكن من الرسم، والنسب والتشريح، إضافة إلى رؤيته الاستثنائية التي تميزه عن غيره من الفنانين».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».