القصف الإسرائيلي يعيد بلدة صحنايا إلى أجواء الحرب

TT

القصف الإسرائيلي يعيد بلدة صحنايا إلى أجواء الحرب

عاشت بلدة صحنايا، بريف دمشق الجنوبي، فجر أمس (الاثنين)، ساعات رهيبة جراء الهجوم الإسرائيلي الذي تعرضت له عدة مواقع عسكرية قريبة تابعة لقوات النظام بريف دمشق. وقالت مصادر من أهالي صحنايا إن «الأصوات التي سمعناها أعادتنا إلى أبشع أيام الحرب التي عشناها قبل 4 سنوات، من خلال القصف العنيف الذي طال الجوار في داريا والغوطة عموماً، من قبل النظام والقوات الموالية له، غير أن ما حصل هذه المرة من آثار الضربات الإسرائيلية كان رهيباً جداً؛ تحطم زجاج نوافذ البيوت وواجهات المحلات التجارية، وحدث هلع بين الأهالي، بينما هرع سكان الطوابق العليا إلى الأقبية مرفوقين بصراخ نساء وأطفال، ومصابين نقلوا إلى المراكز الطبية».
ولفتت المصادر إلى أن «بلدة صحنايا ظلت آمنة نسبياً طوال فترة الحرب، وكانت ملجأ للنازحين من مناطق أخرى في ريف دمشق أو بقية سوريا، ولم تشهد ليلة مثل ليلة الإثنين طوال سنوات الحرب».
ووصل عدد ضحايا بلدة صحنايا الذين سقطوا بسب الضربة إلى 6 قتلى من عائلتين: أب وأم وطفل رضيع، وأب وطفلة عمرها 12 عاماً، بالإضافة إلى رضيعة بعمر شهر، فيما أصيب نحو 50 شخصاً آخرين إصابات تتراوح بين الطفيفة والمتوسطة. ولم يعرف حتى الآن سبب سقوط الضحايا، رغم أن الضربات طالت مواقع عسكرية، هي جمرايا والكسوة ومطار المزة العسكري ومقرات الفرقة الرابعة، التي تستخدمها القوات الإيرانية. وقالت المصادر إن دوي الانفجارات الذي سمعته كان أقوى بكثير من المرات السابقة التي تعرضت فيها المناطق العسكرية القريبة من صحنايا لضربات إسرائيلية. فعدا عن تحطم زجاج المنازل والمحلات التجارية المحكمة الإغلاق، غطى غبار أبيض معظم المدينة، وأسفر تحطم الزجاج عن وقوع أكثر من 50 إصابة بين المدنيين، غالبيتهم إصابات طفيفة.
وقالت مصادر أهلية في حمص إن انفجارات ضخمة هزت ريف غرب حمص، حيث استهدفت الهجمة الإسرائيلية 3 نقاط عسكرية بريف حمص، هي: مركز للبحوث العلمية قرب أم حارتين، والفوج 84 على طريق تدمر، وكتيبة التأمين جنوب شرقي حمص، ومعمل داخل المدينة الصناعية في حسياء جنوب مدينة حمص.
ولم تذكر وسائل إعلام النظام أي معلومات عن الإصابات بين العسكريين في المواقع المستهدفة، إلا أن صفحات إخبارية أفادت بوصول نحو 13 إصابة بين صفوف العسكريين السوريين إلى المشفى العسكري في حمص. ونشرت بعض الصفحات صوراً لمجند، قيل إنه من مصياف، قتل جراء الهجوم الإسرائيلي، بالإضافة إلى قائمة بـالأسماء والرتب العسكرية للقتلى (مساعد ورقيب ومجند). وأظهرت صور بثتها عدة صفحات إخبارية في حمص زيارة أمين فرع حزب البعث في حمص، يرافقه عضو في مجلس الشعب، لجرحى الهجوم الإسرائيلي في المشفى العسكري بحمص.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.