أصبحت تكلفة ودائع المصارف الأوروبية لدى البنك المركزي الأوروبي الأغلى في العالم. في الأعوام الأخيرة، تدفع هذه المصارف أكثر من 15 مليار يورو، أي نحو 21 مليون يورو يوميا لإيداع أموالها في خزائن المصرف المركزي الأوروبي في مدينة فرنكفورت الألمانية، ومنذ العام 2014 تدفع سنويا تكلفة تاريخية لإيداع فائض سيولتها المالية لدى المركزي الذي يواصل تطبيق فوائد سلبية على هذه الودائع للعام الخامس على التوالي.
ويُجمع الخبراء المصرفيون في برلين على أن النظام المصرفي في منطقة اليورو استفاد كثيرا من المفعول الإيجابي لمناورات المصرف المركزي الأوروبي التوسعية. لكن تكلفة الودائع الباهظة جلبت معها آثارا جانبية خنقت موازنات المصارف الأوروبية. وفي الوقت الحاضر، تعادل هذه التكلفة نحو 4 في المائة من معدل أرباح المصارف بأوروبا. وعلى صعيد ألمانيا تمتص هذه التكلفة 3.2 في المائة تقريبا من أرباح كل مصرف محلي لعام 2019.
وعن معرفة من أين يأتي فائض السيولة المالية للمصارف الأوروبية، تقول الخبيرة الألمانية سابرينا بولمان من شركة (ديبوزيت سولوشن)، التي تعمل بإدارة وتنظيم المعطيات الصادرة عن المصرف المركزي الأوروبي، إن كمية هذا الفائض هائلة جدا اليوم. فهو يرسو على أكثر من 1.9 تريليون يورو. ما يعني أن الفائض المالي الموجود في النظام المصرفي الأوروبي يتجاوز بكثير ما تحتاجه المؤسسات الأوروبية للعمل بشكل آمن ومنضبط.
وتضيف أن فائض السيولة المالية لمصارف أوروبا بدأ يتراكم منذ العام 2015، وهو العام الذي قرر فيه المركزي الأوروبي توزيع قروض غير محدودة على المصارف الأوروبية لمواجهة الأزمة المالية آنذاك. وسرعان ما رسا إجمالي ما اشتراه المركزي الأوروبي من برامج مالية مصرفية، ومن ضمنها أذون خزائن دول منطقة اليورو، عند 80 مليار يورو شهريا. لذا يحتوي النظام المصرفي الأوروبي على سيولة مالية هي خلاصة تراكمات تستمر منذ أكثر من أربعة أعوام.
وتختم: «قوبلت ودائع المصارف الأوروبية بفوائد ما دون الصفر من قبل المركزي الأوروبي. في شهر يونيو (حزيران) من العام 2014 كانت هذه الفوائد ترسو عند ناقص 0.1 في المائة وهي وصلت الآن إلى ناقص 0.4 في المائة. في هذه الحالة يتوجب على المصارف الأوروبية أن تدفع فوائد للمركزي الأوروبي بدلا من أن تجنيها منه. وكلما زادت ودائعها لديه ارتفعت الفوائد المستوفاة منها. في العام 2014 رست تكلفة هذه الودائع عند 107 ملايين دولار سنويا لتقفز إلى 6.5 مليار يورو في العام 2017 ثم إلى 7.5 مليار يورو في العام 2018. وفي الوقت الراهن يرسو إجمالي أرباح المصارف الأوروبية عند 175 مليار يورو سنويا، يذهب 4 إلى 4.3 في المائة منها لتسديد الفوائد على ودائعها لدى المركزي الأوروبي».
في سياق متصل يقول الخبير الألماني ستيفان روغر في مصرف (دويتشه بنك) إن مصارف ألمانيا وفرنسا هي التي تدفع الثمن الأغلى لودائعها لدى المركزي الأوروبي.
ويضيف أنه في الفترة الممتدة بين عامي 2016 و2018 دفعت مصارف ألمانيا ما مجموعه 5.7 مليار يورو ونظيراتها الفرنسية 4.1 مليار يورو لتسديد فوائد المركزي الأوروبي. ونتيجة لذلك خصصت المصارف الألمانية نحو 9.1 في المائة من أرباحها لتغطية تكلفة ودائعها لدي المركزي. في حين وصل إجمالي هذه التكلفة إلى 4 في المائة من أرباح مصارف فرنسا.
ويختم بالقول: «يستوطن جزء كبير من فائض السيولة المالية المصرفية الأوروبية في ألمانيا وفرنسا نظرا لعمليات شراء ضخمة أنجزها المركزي الأوروبي في هذين البلدين. وفي الوقت الحاضر يختار الفائض المالي المصرفي الأوروبي تلك الدول الأوروبية التي تتمتع بمصارف ذات نماذج عمل تجارية كما المصارف الاستثمارية وغرف المقاصة. فهذه المصارف تحتاج إلى سيولة مالية أعلى بكثير من تلك التي تحتاجها المصارف التجارية قد تتخطى، في حالات استثنائية، 270 مليون يورو يوميا».
تكاليف الودائع لدى «المركزي الأوروبي» الأغلى في العالم
تكاليف الودائع لدى «المركزي الأوروبي» الأغلى في العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة